إن كان للكلام وقع وللصوت سامع، هذه المأساة الإنسانية التي استوفت عاماً كاملاً أثني عشر شهراً مما تعدون، وأبين متقطعة الأوصال مثخنة الجراح مشتتة في العراء تفرقت بعائلاتها السبل في مناطق ومواطن التهجير، إنها معاناة تئن من وزرها الجبال ألمت بهذه المحافظة وحاضرتيها زنجبار وجعار وأبنائها المدنيين المسالمين الذين يعيشون اليوم واقعاً صعباً لا يمكن لنا وصفه أو اختزاله في بضع كلمات أو مجموعة أسطر فالمصاب فادح والتركة ثقيلة والحاجة في الوطن قربة، وخلال عام كامل من نكبة أبين شهدنا الكثير من الأحداث المؤسفة والمؤلمة لفقدان شخصيات عفيفة وجليلة خطفتها يد المنون ولا اعتراض على مشيئة الله..
لكن كان للمأساة وقعها وللتشرد والتهجير قصة في نفوس آباء وأخوان وأمهات دفعوا الثمن ويدفعونه دموعاً ودماً بالإنابة في حرب غامضة وعدو عبثاً البحث في فك شفرته ومعرفة طلاسمه التي تبدو كالسراب، اختارت أبين مسرحاً لعملياتها وأجندتها في حرب إبادة منهجية على هذه المحافظة الأبية لتحييدها وإبعادها لأسباب عديدة عن مسرح التكون الجديد وإفرازاته القادمة المجهولة بعد ثورات الربيع العربي التي انحرف مسارها في اليمن، وتتحول أدواتها بأبين إلى ثيران هائجة لتدمير الزرع والضرع، وتهجير السكان والتمدد والانتشار قدر الإمكان دون أمل يرجى أو حلم ينتظر يفيق عليه سكان أبين ونازحوها ليعودوا بأمن وأمان إلى ديارهم التي هجروها عنوة والنظر في بقايا أطلال لمنازلهم التي قد يكون البكاء على أسوارها أخف وقعاً ووطأة من الفراق والبكاء عنها بعيداً.