لا يختلف اثنان أن للرعاية الاجتماعية في أي دولة من دول خلق الله، بما فيها تنكة بلاد النامس وبلاد الواق واق، أهمية كبيرة جداً في ترسيخ وتعميق فرص التكافل الاجتماعي والتلاحم الطبقي ونبذ الفوارق الاجتماعية والحواجز الضيقة والمتكلسة والرتيبة التي من شأنها تمزيق عرى وقيم التماسك المجتمعي بكل مفاهيمه ومدلولاته الحضارية.
وقد خطت بلادنا خطوات ملموسة ورائعة في هذا السياق ممثلة بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية التي لعبت دوراً عملياً ومسؤولاً في هذا الجانب الحيوي من حياة الناس وايقاع حركة يومياتهم إلى جانب اتجاهات أهلية ودولية كان لها إسهام هام وعظيم في هذا الجانب الاجتماعي والوطني والانساني الأكثر من جميل حقاً. وهو ما نفتقده اليوم ويغيب تماماً عن حياة المجتمع والناس الأمر الذي ألقى بظلال سوداء وخلف واقعاً صعباً ومريراً ايما مرارة على مختلف شرائح المجتمع، خاصة الفئات الفقيرة والمطحونة قولاً وفعلاً، في ظل ظروف الحرب العبثية وجنونها المدمر وتفاقم ويلات ونكسات الأزمة الاقتصادية والسياسية التي اعادتنا عقوداً طويلة إلى الوراء.
أيام سوداء وغبرة ودبرة ومنيلة بستين نيلة يعيشها المواطن الغلبان مع الأسف الشديد في ظل ركود وتوقف هذه الخدمات الاجتماعية والانسانية والاخلاقية وتنامي واشتعال الاحساس بهذا التهميش والغبن من قبل عامة الناس خاصة ذوي الدخل المحدود وكبار السن والعجزة وذوي الهمم .. يا لوماه.
ما الذي يحدث بحق الله؟ أين اختفت هذه الخدمات الاجتماعية التي تشكل محوراً أساسياً في شرايين ووريد (المشهد الاجتماعي السوي) وهو واجب ودور الدولة والمسؤولين (الحلى) ربنا يحفظهم من العين والحسد .. آمين يا رب العالمين.
ان استمرار غياب هاتين الخدمتين الاجتماعيتين يعني وبالمطلق اتساع الهوة بين طبقات المجتمع وتعميق معاناة وآلام وجراح الفئات الأشد فقراً، وهم مع الأسف الشديد - ونعلم ذلك جميعاً - يمثلون السواد الأعظم من فئات المجتمع ممن يعانون من شظف العيش والعوز والحاجة بل والفاقة وغالبيتهم فقدوا عائلهم نتيجة الحرب التي أكلت الأخضر واليابس.
لابد من رؤية جديدة ومتجددة في هذا السياق الانساني الجميل والخلاق لتشمل هذه الخدمات الاجتماعية فئات المجتمع وشرائح جديدة ولدت من رحم (الحرب المدمرة) والأزمات السياسية والاقتصادية المتعاقبة التي التهمت كل معاني الاستقرار المادي والأسري والمعيشي مخلفة (جرحاً وليداً) في روح وبنية المجتمع وراكمت تعقيداته التي لا تنتهي ولا تتوقف عند حد .. كما ينبغي صرف هذه الاعانات الاجتماعية بانتظام نظراً لحاجة الناس الغلابة وظروفهم (المهببة) والقاسية يا هؤلاء .. في ظل هذا العجين وعصيد العصيد.
هناك أفواه جائعة تنتظر الفرج وإعادة بث الروح والأمل فيها، فهل نرى شعاع ضوء في نهاية هذا النفق؟! هذا ما نأمله ونتمناه.