إلى “ كثير “ من مدربي التنمية البشرية ماتبيعوش الوهم للشباب، كفاية اللي هم فيه، حدث من كم يوم اني رافقت احدى الشابات الصغيرات المتطوعات في العمل معي الى دورة تدريبية انضمت لها البنت دي و دفعت رسومها مبلغا كبيرا جدا وانا عارفة انها تعبت عشان تدخره ودا في مقابل حصولها على شهادة اجتياز دورة تنمية بشرية تعد وعدا قاطعا، وبدون اي ضمانات على الوعد، ان خريجيها في ظرف ايام معدودة بينتقلوا نقلة نوعية في حياتهم وبيتغير محيطهم بالكاااااامل.
وزيما يحصل في كل مرة وبشخصيتهم المتقاربة بياعين الوهم، بدأ المدرب يتبختر كأنه بيل جيتس وعينه على بنت حلوة جالسة قدام وهو لابس بدلة بني في بني مكوية اكتر من اللازم، وحط علبة كريم عشان يغطي اجهاد الشعر التعبان من كتر الكدب، طبعا كانت البدلة باين انها افضل مايملك بين كل مقتنياته يعني حاجة كذا لزوم الشغل بس تعال ركز معي كده في الساعة الواقفة في يده و الجزمة المتبهدلة من كتر المشي وركوب المواصلات، بس الشباب كان عشمهم عاميهم عن التفاصيل، وياعيني مساكين عيونهم تلمع مع كل نطة وصفقة للمدرب اللي معيش نفسه في جو وهمي من السعادة الكذابة.
“هو بعينه الوهم “ الوهم اللي من السهل أن بيعه لخريج جامعي يبحث عن ابسط امل في الحصول على وظيفة او لشاب امضى الكثير من سنوات عمره وهو يدور في نفس الدائرة، كنت اراقب بحسرة عيون الشباب والبنات وهزة راسهم بالموافقة وهم مشحونين في جو من الايجابية اللي ممكن تطلعك للسما بس عند اول خطوة لك خارج حدود المكان تخليك حاسس ان فيك شعور متخبط وانك مش فاهم انت وضعك ايش بالضبط! بجد كانت عيونهم تلمع بالاعجاب كان شكلهم جميل لدرجة اني لقيت نفسي اني اقول يارب يكون ذا حالهم كل يوم وهم في وضع مستقر في حياتهم، يارب ماتنطفيش الابتسامة دي عند اول معترك مع الحياة العملية، يارب ويارب يرحمهم شوية من كل التمثيل دا.. حرااااام والله حرام وفجأة صحيت من كلامي لنفسي دا واللي صحاني صوت المدرب وهو يقول:
يلا كله يحط يده على قلبه ويقول” انا اقدر “ قولها ١٠٠ مرة.
راقب يومك الجاي كيف يتغير، خلاص خلصت ؟ يلا ابتسم ابتسم، الكون كله بيجيلك لحد عندك عشان انت مبتسم، وكان وقت المحاضرة بيعدي بتكرار كلمات وابتسامات ونطات هنا وهناك.
بعد كمية من التهريج كان يسألهم ها ؟ عندكم احساس جديد مش كده! ويؤكد انه عندهم احساس جديد، وكل واحد يشوف الثاني باستغراب وشعور بالحسرة انه يمكن في شي غلط فيه انه مشعرش بأي تغيير من الشيء اللي حصل قدامه، وممكن تلاقيه استسلم للضحك وواحد تاني يمكن ابتدى يفكر ويفكر كيف ممكن يسوي التمرين دا لما يلاقي رسالة الرفض جايه له على الايميل وهو يشوف الـ «كم وظيفة» اللي تقدم اليهم كلهم رفض، وتجي على باله البنت اللي اتقدم لها وهو مش جاهز ويصحيه الرفض، ياترى وقتها بيعرف يبتسم؟!!!! لقيتني فجأة وقفت وقلت له والله حرام عليك اللي جالس تعمله فيهم خليك واقعي قل لهم انه بكره يمكن مايكونش احسن بس نحن بنستمر نحاول قلهم متيأسوش وجددوا املكم في كل يوم بس بالله ماتضيع يومك وانت واقف قدام المراية تقول ١٠٠ مرة انا اقدر وبس، قل لهم انت تقدر لما تتعلم شي جديد لما تستثمر وقتك في تعلم لغة جديدة، او حرفة جديدة، لما تقوي شبكة علاقاتك وتحط نفسك في اماكن تواجد الفرص، قل لهم يا مدرب يامحترم الحقيقة اللي انت جالس تعاني منها كل يوم لما تلاقي زوجتك جايبة لك لستة تعتبرها انت مستحيلة من طلبات البيت، قل وقتها ١٠٠ مرة انا اقدر وخليها تقول ١٠٠ مرة وانا اصدقك انك تقدر. ماتكدبوش عليهم بكلام فاضي وتخليهم يخرجوا من الدورة التدريبية زي البالون اللي مليان هواء من وهم وعند اول شكة دبوس حياة ينفجر ويتبدد كل ده، علموهم بالصدق ومن قصصكم ومن تجاربكم الحقيقية، ارحموا هذا الجيل ارحموا حالهم لان اللي جالسين يسووه الكثير من المدربين هو انهم يخلقوا جيل مُحبط يعتبر انه فشل عشان لما مشى طول اليوم مبتسم للحياة ما ابتسمت له. وانتوا يابنات وياشباب اقرأوا التاريخ اقرأوا عن العظماء واتعلموا من تاريخهم، مش من شخصيات مهزوزة اختارت تبيع الوهم لجيل بحاله عشان تعيش. وعندكم الانترنت مليان فرص، اتعلموا، متخلوش ولا يوم يمر الا وفي انجاز وفي اضافة جديدة، علشان يوم ماتجي الفرصة تجي لك وانت جاهز وسيبكم من الوهم متشتروش منه.