نقل المقرات الرئيسية للبنوك التي ماتزال تمارس اعمالها من العاصمة المختطفة صنعاء حسب دعوات الحكومة اليمنية (الشرعية) المتكررة إليها، والتي أعادتها مؤخرا، وأمرت فيها هذه البنوك بنقل مقراتها الرئيسية فوراً إلى العاصمة المؤقتة عدن والعمل بالتالي تحت إشراف الحكومة الشرعية، المعترف بها دولياً، في الوقت الذي يأتي (هذا الأمر) حفاظاً على سلامة القطاع المصرفي، ولتجنيب هذا القطاع مخاطر الوقوع تحت سيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية، المنهارة؛ فإنه سيمثل (فيما لو تم تنفيذه بالفعل) ضربة معلم قاصمة في جسد الانقلاب الحوثي، وإن تأخر تنفيذ هذه الخطوة، ذلك لما سيكون لها من أثر بالغ في تعزيز الوضع المالي والاقتصادي للدولة، وتأثير قاصم لأحلام الحوثة، الذين أرادوا بالانقلاب ذبح الثورة اليمنية، ومصادرة إرادتها الشعبية، والعودة بالبلد إلى عهودهم الإمامية المظلمة.
وإذا كانت هذه المسألة قد تعرضت للشد والجذب في فترات العنت الحوثي، والحرب الاستنزافية المتقطعة، المدمرة، والمشاورات والمباحثات الطويلة التي ظلت تتدحرج خلال كل هذه السنوات العجاف؛ التي هدف البعض لجعلها مجرد متنفسات لإغاثة الانقلابيين كلما اشتد الضغط على أعناقهم، وتركزت الضربات على فلول مليشياتهم؛ التي ظلت تقاتل دون هدف، ودون قضية عادلة، تحت ضغط الولاءات القبلية، وما يقدمون من الأطفال الرهائن، الذين يضعهم الحوثي دروعا بشرية لقواته في الجبهات في حال تقهقرهم في جبهات القتال، أو تصحيح ولاءاتهم في هذه الحرب العبثية..
وبالتالي؛ فإن إجراء (نقل مراكز البنوك الرئيسية) إلى العاصمة المؤقتةعدن، والثبات عنده، وتشديد الحصار على منافذ تهريب الأسلحة والنفط والغاز، وما يعتري مفاصل المجتمع الحوثي من التفكك الواسع؛ سيشكل بالفعل منعطفا حادا في مسيرة الصراع، يمكن معه القول: إن ليالي الانقلاب المعتمة قد باتت معدودة..
لقد آن الأوان لليمنيين بهذا الفعل، وغيره من الإجراءات المعتبرة أن يعلنوا للعالم جدارتهم بالعيش، بإصرار، مثل كل الشعوب الأصيلة، المحبة للسلام، والحرية، والعيش الكريم، في بلد يحترم أولا التزاماته الوطنية، والإقليمية، والدولية، بمقتضى القانون الدولي، وفي بلد ينطلق كذلك من دستوره، وقوانينه، وعلى الأسس التي رسختها ثورتا سبتمبر وأكتوبر، وحددتها، وأكدت عليها مخرجات الحوار الوطني الشامل؛ التي اشتركت في صياغتها كل القوى الفاعلة، وألوان الطيف السياسي في البلد، ومن ذلك حق الدولة في حماية اقتصادها، والدفاع عن ثروات شعبها، ومعيشته، وهي القضايا الأساسية؛ التي أسهم الحوثة في ضعضعتها، ومحاولة إسقاطها في هاوية الإفلاس، والفشل، بل وإدخال البلد والمنطقة في أتون حرب إقليمية، تهدد الأمن والسلم الدوليين، وربما الزج بالبلد في حرب عالمية، غير محسوبة العواقب؛ إرضاء لإيران، وأجنداتها الإرهابية، الطائفية، المجنونة.
وبالتالي؛ فإن من حقنا اليوم القول بثقة إن الخطى الصحيحة قد بدأت للتوجه الواثق نحو استعادة العاصمة المختطفةصنعاء الحبيبة، واستعادة الدولة، وهياكلها، واقتصادها، وماليتها المغتصبة، وإن المطلوب، وما لابد منه الآن هو النظر إلى الأمام بثقة وقوة وإصرار، وعدم الالتفات البتة إلى الخلف، وما فيه من الدعوات المستهترة بمعاناة اليمنيين خلال السنوات العشر المجدبة، وما فيها من قتل ودمار وتجريب، وفشل ما تم تجريبه مرارا، وما لم نحصد من ورائه مرارا وتكرارا أيضا سوى الضياع، والضياع الذي صار يهددنا شعبا، وأرضا ووجودا.. الحذر، ثم الحذر!!