في وطنٍ لا تُبنى حضارته إلا على أكتاف معلميه، يقف المعلمون والمعلمات كأعمدة شامخة تحمل حلم الأجيال ومستقبل الوطن، هم النواة الحقيقية للمجتمع، وبفضلهم تنمو العقول وتنهض الأمم، لكن كيف يمكن لمعلم أن يعطي دون أن يُعطى؟ كيف يزرع وهو يفتقر إلى أبسط حقوقه؟
نعلم جيدًا أن رواتب المعلمين لا تليق برسالتهم العظيمة، ولا تكفي لحياة كريمة تليق بمكانتهم، وندرك أن لهم حقوقًا مشروعة ومطالب عادلة نؤيدها ونقف معها، لأن كرامة المعلم هي الحجر الأساس لأي نهضة تعليمية.
لكن في خضم هذه الأزمة، لا يمكن أن نغض الطرف عن معاناةٍ أخرى تتسع كل يوم... إنها معاناة أبنائنا الذين توقفت دراستهم، وعلقت أحلامهم، وتاهت خطواتهم في عامٍ دراسيّ فقد معناه، وصار عبئًا بلا مضمون. الفصول خاوية، الكتب مغلقة، والوقت يمضي دون علم أو فهم.
هل تكفي درجات تقديرية لتعليم لم يُعطَ؟ هل الشهادة الورقية ستحمل معهم المعرفة التي يستحقونها؟ نخشى أن نمنحهم أوراقًا بلا علم، وأسماء نجاحٍ بلا مضمون، وهذا أخطر ما قد نفعله بأجيالنا القادمة، التعليم ليس ورقة تُمنح، بل هو بناء مستمر، غرس يومي، ومرافقة لعقل الطالب في مسيرته نحو الوعي والنضج.
نحن مع المعلم، ومع الطالب نطالب بحل عاجل، بقرار وطني شجاع يُنقذ ما تبقى من العام الدراسي، ويعيد للتعليم روحه، وللصفوف نبضها، وللمعلمين كرامتهم، وللطلاب أحلامهم.
فالوطن لا يُبنى إلا عندما تتكاتف الجهود، ويُقدَّم العقل قبل أي ورقة، والمعرفة قبل الشهادات، لأجل المعلم، ولأجل الطالب، نرفع صرختنا مطالبين بوقفة ضمير، تعيد الحياة إلى التعليم، وتنقذ جيلًا من الضياع.