


الخرطوم / 14 أكتوبر / متابعات:
دخلت مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور والمخيمات التي حولها مرحلة تأزم بالغة التعقيد جراء النقص الحاد في الغذاء والدواء، بسبب تصاعد وتيرة القصف المتواصل بين الجيش وقوات "الدعم السريع" باستخدام المدفعية الثقيلة والطيران المسير الذي يستهدف المدنيين، مما أوقع مئات القتلى والجرحى، في وقت وافقت الحكومة السودانية على طلب الأمم المتحدة بإقامة قواعد إمداد لوجيستية حول الفاشر لتسهيل العمل الإنساني، في مناطق مليط وطويلة التي تشهد تدفق أعداد كبيرة من النازحين الفارين من لهيب المعارك والانتهاكات الوحشية منذ سيطرة "الدعم السريع" على مخيم زمزم في الـ14 من أبريل الجاري.
وبحسب الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش في الفاشر، فإن مدينة الفاشر شهدت طوال أمس الإثنين قصفاً مدفعياً مكثفاً شنته "الدعم السريع" بصورة عشوائية أسفر عن مقتل 47 مدنياً بينهم 10 نساء، وأعلنت الفرقة في بيان لها عن تدمير منصة مدافع تابعة لـ"الدعم السريع" تحوي مدفعين عيار 120 ومدفعين عيار 82 شمال الفاشر.
فيما أفادت غرفة طوارئ مخيم أبو شوك للنازحين (يبعد أربعة كيلومترات شمال الفاشر) بأن قوات "الدعم السريع" كثفت أمس قصفها على المخيم، مما أدى إلى مقتل مدنيين بينهم قادة في المجتمع المحلي، وإصابة آخرين إصابات بالغة، فضلاً عن حدوث خسائر في الممتلكات.
وأشارت الغرفة في بيان إلى أنها حصرت مقتل شخصين وإصابة 10 آخرين في أربع مربعات فحسب، حيث أدى انقطاع شبكات الاتصالات إلى عدم رصد حجم الدمار الذي لحق بالمواطنين.
وشنت قوات "الدعم السريع" عشرات الهجمات على الفاشر اعتباراً من الـ11 من مايو 2024 من دون التمكن من السيطرة عليها، في ظل دفاع الجيش وحلفائه باستماتة عن المدينة على رغم الحصار المفروض عليها.
في الأثناء قالت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين في السودان إن المدنيين الفارين من مواقع القتال بمدينة الفاشر وما حولها، إلى مدينة طويلة والمناطق المجاورة لها يواجهون صعوبات بالغة في سيبل الحصول على أساسيات الحياة مثل الماء والغذاء
والدواء، وحضت المنسقية، في بيان جميع المنظمات المحلية والإقليمية والدولية إلى التدخل العاجل لمساعدة هؤلاء النازحين.

ووفقاً للأمم المتحدة، فإن نحو 400 ألف مدني فروا، أخيراً، من مدينة الفاشر ومخيمات النازحين إلى خارجها بخاصة منطقة طويلة (تبعد 64 كيلومتراً عن الفاشر) بسبب اشتداد القتال فيها.
من جانبه أكد مدير عام وزارة الصحة في ولاية شمال دارفور إبراهيم عبدالله خاطر أن "الوضع الإنساني في الفاشر صعب للغاية، مما جعل التحدي كبيراً جداً، فهناك نقص وشح في الغذاء والدواء، فضلاً عن تدهور الوضع الأمني بالنسبة إلى المواطن نظراً إلى الاستهداف المتعمد من قبل ميليشيات ’الدعم السريع‘ لكل مراكز الإيواء وتجمعات المدنيين في المدارس والأسواق والساحات العامة والمستشفيات والمساجد وغيرها، وذلك من خلال القصف المدفعي المتواصل مما يوقع باستمرار قتلى وجرحى بأعداد كبيرة، مما يشكل عبئاً كبيراً وثقيلاً على وزارة الصحة". في غضون ذلك، وافقت الحكومة السودانية، على إقامة قواعد إمداد لوجيستية تابعة للأمم المتحدة حول الفاشر لتسهيل العمل الإنساني في مناطق مليط وطويلة بولاية شمال دارفور، إذ أشار مجلس السيادة في بيان إلى أن رئيس المجلس عبدالفتاح البرهان تلقى اتصالاً هاتفياً من مساعد الأمين العام للأمم المتحدة توم فليتشر، جرى خلاله بحث القضايا الإنسانية وعمليات توصيل المساعدات الإنسانية إلى مدينة الفاشر.
وأكد البيان أن الاتصال الهاتفي تطرق إلى إمكان وصول المساعدات إلى الفاشر، مع تجنب العوائق التي تعترض سير القوافل الإنسانية من قبل "الدعم السريع" أو الجماعات الأخرى، مبيناً أنه جرى تأكيد سرعة إيصال المساعدات عبر الطرق التي يمكن من خلالها عبور القوافل الإنسانية إلى مدينة الفاشر.
وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، طالب باستمرار تدفق المساعدات عبر البنية التحتية القائمة، نظراً إلى قدرتها على تقديم استجابة شاملة وفعالة، ولتفادي مزيد من النزوح القسري وتخفيف العبء عن المجتمعات المستضيفة.
وأكد مكتب "أوتشا" استمرار القيود التي تمنع إيصال المساعدات إلى الفاشر ومحيطها، مما يعرقل قدرة المنظمات الإنسانية على الاستجابة، محذراً من تعرض النازحين في شمال دارفور للأوبئة وسوء التغذية والمجاعة جراء الانقطاع عن المساعدات وسلاسل الإمداد.
وتشهد مدينة الفاشر شحاً كبيراً في السلع بسبب الحصار، إضافة إلى عدم توفر مياه الشرب النقية بعد تعرض محطات المياه للقصف واحتلال "الدعم السريع" خزان قولو، الذي يمد المدينة بالمياه.
وتمنع قوات "الدعم السريع" وصول السلع والإغاثة إلى الفاشر، إذ تفرض عليها حصاراً منذ عام، قبل أن تشدده في الأشهر الأخيرة، مع استمرار قصف أحياء المدينة ومخيم أبو شوك بالمدافع والطيران المسير.
وتعد شمال دارفور أكثر ولايات الإقليم الواقع في غرب السودان، الذي يحتاج إلى 79 في المئة من سكانه إلى مساعدات وحماية تضرراً من النزاع الحالي، مع استمرار "الدعم السريع" في اجتياح المناطق الآمنة وإجبار المدنيين على النزوح.

وفي محور أم درمان تواصلت الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في المحور الجنوبي الغربي والمحور الغربي لمدينة أم درمان، وأفادت مصادر عسكرية أن قوات "الدعم السريع" حاولت شن هجوم على دفاعات الجيش، لكن الأخيرة تصدت للهجوم بقوة وكفاءة، وكبدت القوات خسائر جسيمة في الأرواح بسقوط أكثر من 140 قتيلاً.
إلى ذلك قال وزير الداخلية السوداني خليل سايرين إن "العمليات العسكرية بين الجيش السوداني وقوات ’الدعم السريع‘ بالعاصمة السودانية أصبحت محصورة فحسب، في جيوب جنوب وغرب مدينة أم درمان".
وحث سايرين في مؤتمر صحافي عقده بمدينة بورتسوان أمس الإثنين إلى التريث في عودة النازحين إلى العاصمة الخرطوم إلى أن تُزال مخلفات الحرب وتُوفر أساسات الحياة، لافتاً إلى أن انتشار الشرطة بالعاصمة السودانية الخرطوم، في ضوء استعادة سيطرة الجيش على معظمها، وصلت نسبته إلى 91 في المئة، مشيراً إلى أن الانتشار الكامل سيتم بعد التحرير التام، وانتهاء العمليات العسكرية بالعاصمة، وفق قوله.