الحملة الأمريكية المتواصلة ضد المواقع الحوثية في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، تظل مجرد ضرب (على هامش الأخبار) كما يقال؛ ذلك أن هذه الضربات لايمكن أن تحقق أهدافها، على نحو فاعل، وبأقل كلفة؛ ما لم (تعط القوس باريها) وتمد قوات الدولة (الشرعية) بالأسلحة الحديثة، الفاعلة في حرب الجبال، والمرتفعات، ذلك أن (أهل مكة) هم أدرى بشعابها، وتفاصيلها، ومداخلها، ومخارجها، وأن الأمريكان سيظلون عاجزين عن تحقيق أي نتائج مثمرة، ومشرفة؛ إلا في حالة واحدة، وهي اللجوء غير المحمود، وغير المرغوب إلى الأسلحة والأعتدة الذكية، أو الكيماوية، والمحرمة دوليا، وهي الأسلحة التي طالما جرت الكثير من المتاعب، والخسائر البشرية، وتسببت في الفشل؛ على الجوانب البشرية والأخلاقية.
لذلك حرصت قيادة الدولة (الشرعية) وفي المقدمة رئيس الجمهورية، الأخ الدكتور/رشاد محمد العليمي على توجيه قيادات وزارة الخارجية، ورؤساء البعثات الدبلوماسية بتكثيف الجهود لدعم المعركة ضد مليشيا الحوثي، وبوضوح تام؛ فقد أكد فخامته على أهمية أن يتم حشد الدعم الدولي لإنهاء تهديدات هذه المليشيات، وكشف انتهاكاتها، وتعزيز التعاون مع المنظمات الإقليمية، والدولية؛ لتحقيق الاستقرار والسلام في اليمن.
وكما هو واضح؛ فإن الدولة بقيادة الأخ الرئيس؛ لا تبدي فقط قدرا كبيرا من الحرص على استعادة أجهزة الدولة المغتصبة؛ بل وتعطي كذلك قدرا متزايدا من حرصها لحماية ماتبقى من البنية التحتية، وحماية الحياة البشرية التي يستخدمها الحوثي كدروع بشرية لمليشياته، وهو مايفسر تزايد الخسائر البشرية، الناتجة عن تلك الضربات (الأمريكية) وخصوصا في محافظة الحديدة.
ولذلك؛ رأينا فخامة الأخ الرئيس القائد لايدخر جهدا لحشد الصف الوطني، وتوحيده؛ دعما للجيش في معركته العادلة، القادمة، ضد مليشيات الحوثي الإرهابية، التي لا تلقي بالا لأي خسائر، لا بشرية ولا مادية، بقدر ماتهتم لما ستكسبه هي، لمصلحة مشروعها السلالي، الانقلابي، المتخلف..
ولعل من المهم أن نذكر في هذا الصدد؛ أن هذا النشاط السياسي والدبلوسي الذي نهض، وينهض به فخامة الأخ رئيس الجمهورية، في سبيل أن تتمكن الدولة (استباقا) من القيام بدورها؛ يأتي في معمعة الضربات الجوية والبحرية؛ التي تشنها واشنطن، وحليفاتها الغربية، وإسرائيل، وفي ظل مساعي واشنطن الدبلوماسية لإقناع الدول بجدوى هذه الضربات، حيث قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، مؤخرا في مؤتمر ببروكسل (بالحرف) إن الحملة ضد الحوثة المدعومين إيرانيا (ضرورية) وأنها ستحقق (كما يعتقد هو) نتائج مثمرة، حيث أكد (أن العالم يجب أن يكون ممتنًا لواشنطن على ضرباتها).
وإذا كان ما قاله يمثل مجرد وجهة نظر، لاغير، نظرا لكثير من التجارب المشابهة؛ التي نكست خلالها واشنطن، وانتهت بأمر واقع لم تكن هي ترغب فيه؛ فإن الأهم بهذا الصدد؛ قوله في هذا المؤتمر الصحافي: إنه (لا يمكن السماح لعصابة مجرمين بأن تسيطر على البحر الأحمر)، وذلك باعتبار ما يمثله هذا المنفذ البحري من أهمية استراتيجية تجارية، وعسكرية..
هذا هو الكلام الرصين، وهذا ما تسعى القيادة السياسية لتحقيقه يمنيا، ودون التدخل الغربي المباشر، ذلك أن شعبنا وقيادته قادران في الأصل على حل ما استشكل، وأن المطلوب فقط هو ما أكدت عليه القيادة السياسية مرارا، فضلا عن الخبراء العسكريين، ومراكز الأبحاث العسكرية المختلفة، والمتمثل بدعمنا لوجستيا، ومدنا بالسلاح المطلوب، وخصوصا الطيران المسير، والدفاع الجوي المتطور، والعتاد الكافي لحسم المعركة.
هذا هو المطلوب، وهذا ما تسعى إليه القيادة السياسية، ليس لمصلحة اليمن فحسب، بل ولمصلحة كل دول وشعوب المعمورة.. فهل تفهمنا واشنطن؟! لقد بحت الأصوات، وتكررت الدعوات، ومازلنا ننتظر....