عندما تبلغ معاناة الناس حدا يتجاوز الوصف فاعلم ان احوال المجتمع لا يمكنها ان تستقر دون معالجات جوهرية. ومن المضحك المبكي اننا نتحدث عن عدم انتظام المرتبات كما لو انها إذا انتظمت ستحل كل مشاكلنا! في الواقع لقد اتوا على ما كان يسمى مرتبا شهريا تم سحقه وفرمه في اتون انهيار العملة المحلية امام اسعار الصرف التي هي متحركة بشكل لا يصدق في بلد باتت معظم شرائحه تحت خط الفقر، وما ان نخرج من ازمة حتى تظهر ازمة اخرى..
الكهرباء انتهى امرها وهي تعود ساعتين في اليوم على استحياء، والمياه مشكلة مماثلة ومع اقتراب شهر رمضان فإن الاسواق ولعت اسعار كل شيء ولا يمكن فرض اسعار لان ماراثون العملة ماض صوب اعلى النسب.
ازمة اخرى في طريقها للتشكل ربما استهلالا برمضان، اعني الغاز المنزلي، حلقات تستكمل من حولنا ولا نمتلك القدرة على مواجهتها.. ازمات واختلاق ازمات الى ما لا نهاية ولا توجد ادنى استجابة لمواجهة ما يجري .
ما يشير بجلاء الى تنامي المشكلات وتعقيد امور الحياة ووسط تلك الحيرة نسأل عن الغائب، اعني الراتب الذي لا يساوي قوت يوم واحد لأسرنا في حين ان مشاكل الخدمات الأساسية (مياه وكهرباء وغاز منزلي) تزيد من التداعيات ناهيك عن زيادة اسعار النفط ومشتقاته، كل شيء يستجيب بسرعة البرق في الزيادات السعرية تناغما مع الصرف الا امور الناس ومشكلاتهم ليس في الافق ما يدل على ان هناك جهات تأخذ بشكواهم وكل ما يعانونه. لقد بلغ السيل الزبى على كافة الصعد الحياتية وللأسف لا توجهات تشير الى الحلول فقط نظل في ردهة انتظار زيادات سعرية، واسواق تبيع وتشتري العملات.. واقع اليوم ولد حالة من السخط وربما الفوضى العارمة ومع ذلك هناك حالة استهانة لا حدود لها بما يعانيه الناس كما لو ان السلطات قد اخلت مسؤوليتها وما على السكان الا تدبير امورهم ولا مجال للحديث عن حلول تقدمها الحكومة.
فها هي عدن المدينة الحضرية الاقدم في الجزيرة العربية تعيش حالة بؤس غير مسبوقة، مدينة وشوارع حزينة وحواري بائسة جدا يستقبل اهلها شهر رمضان في السنة الحادية عشرة بعد تحريرها وسط معاناة لا توصف وحالة انهيار معيشي هو الاشد في تاريخها يمكنك ان تقرأ المشهد من ملامح سكانها، شيوخها، اطفالها، وكل ما رسم القدر على محياها من اسى. فمن يا ترى بمقدوره ان يزرع الامل في نفوس من اعيتهم المعاناة بعد كل السنين التي مضت؟!