من اين أبدأ، وكيف لي ان استعيد ذكريات نصف قرن من العشق والعطاء..كيف اصور واقع اليوم بذيك الفترة الخصبة التي كنت فيها ابن ٢٥ سنة ، ابحث عن بصيص أمل يوصلني اليها!
اكملت الثانوية العامة بقسمها الادبي، والتحقت بوزارة التربية والتعليم ١٩٧٥م موظفا بسيطا ولاقيت من الاعزاز والاهتمام ما مكنني ان احقق املي، حيث كانت الوظيفة :امين مكتبة الوزارة، ولها صلة بالصحافة من باب ان مؤسسة الكتب تتبع ١٤ اكتوبر..وهكذا كانت البداية.
كان شراء الكتب وتوزيعها لمكتبات مدارس عدن، يعطينا فرصة للقراءة والاطلاع وتطورت العلاقة لتصبح شغفا، ليس بالكتب فحسب بل بالطموح للكتابة، طالما والميدان واحد!
ومن باب الكتب والمؤسسة كانت الصحيفة تلازمني يوميا من خلال اشتراك شهري، وكنت اوزعها على مكاتب الوزارة كلها، وللمكتبة نسختين نؤرشفها..وهنا كان المحك!
بدأت اتقرب من اهل الصحافة بحكم عملي في المكتبة وبدعم مدير الدائرة السياسية الاستاذ احمد عبيد قاسم التي فيها عملي، ومن خلال نشر اعلانات التربية بالصحيفة تعرفت على أساتذة، لهم الفضل في ايصالي الى ماكنت احلم به، وقد كتب عن الاغلب منهم، ولن يفيد التكرار هنا، وهم قد رحل أغلبهم، لكنهم في خاطري عند كتابة اي كلمة في العزيزة ١٤ اكتوبر..وغيرها.
وكانت البداية التي وضعتني في إطار الكتابة لصحف كثيرة وبفضلها هي، مدرستي الاولى وستظل الاولى بكل المقاييس..ولولاها ماكانت لي حظوة ومكانة في عدن وصنعاء وتعز وابو ظبي!والوطن عموما..
ومن واقع ذاك الزمان واختلاطي بكُتّاب عظام، اُسندت لي ثقة في ان اكون كاتبا مبتدئا، يحظى باهتمام ما، والحمد لله ان توفقت ..وها أنا بعد ال ٢٥ عاما بداية الظهور، قد وصلت الى الـ ٧٢ عاما، في عمر صحافي تجاوز الـ ٤٠ عاما، ولا ازكي نفسي، فهذه تكون تزكية نرجسية، وانا لست من هُواتها!!
وفي مناسبة عظيمة كهذه، ونحن نحتفي بها اليوم وفي عيدها الـ٥٧، كان لزاما علي ان احني هامتي لهذا الصرح العظيم ورجالاته الميامين أحياء وامواتا..فانا ، مدينا لهم بحياتي.. وقد وصلت عبر هذه المدرسة الاكاديمية وكل من فيها من زملاء واساتذة ومحبين.. إلى صحف ومجلات عديدة، والفضل للفنان الكبير خالد السعدي الذي قدمني لإدارة الصحيفة آنذاك وقد توقفت فيما بعد.!
وفي حضرة ١٤ اكتوبر اليوم وهي تخطو بثقة نحو الماسية، بعد الذهبية انحني احتراما لكل رجالاتها الاحياء منهم والاموات متمنياً لها مزيدا من التقدم والنجاح.