ثمة أشخاص كثيرون اشتغلوا في مهنة الجزارة (القصابة) في جعار غير أن هناك عائلات محدودة ظلت تتوارث هذه المهنة واشتهرت بها حتى اليوم، ومنها على سبيل المثال : عائلة بلكم (من تهامة) وعائلة أبوشنب (من لودر) وعائلة حويصلة (من شبوة).
كان كبير عائلة بلكم المرحوم محمد عبدالله بلكم هو الأشهر والأكبر اسما في السوق، ومنذ دخوله سوق الجزارة في الخمسينيات كان لديه برنامج أسبوعي للذباحة وبيع اللحوم، فاللحم البلدي (الضاني والماعز) يوميا كغيره من الجزارين، وفي يوم الخميس يتفرد عليهم ببيع اللحم البقري..
كانت المشكلة التي تواجه الجزارين بائعي اللحم أن اغلب سكان المدينة مزارعون أو مشتغلون بالزراعة ولديهم أغنام تغنيهم عن شراء اللحمة كلما احتاجوا لذلك، وانحصر الزبائن تقريبا في الموظفين والتجار والعسكر وبعض أصحاب المهن الحرفية، ولأن الكهرباء حينها لم تكن متوفرة للسكان ولا توجد ثلاجات لحفظ اللحم غير المباع لبيعه في اليوم التالي، فكان الجزارون يخافون من الخسارة الناتجة عن تعرض اللحم المتبقي للتلف أو في أحسن الأحوال اضطرار الجزار الى جلبه للبيت وأكله مع أسرته وعدم استعادة رأس المال، ولذلك تجنبوا ذبح العجول والاكتفاء باللحم البلدي، أما المرحوم محمد بلكم فقد ابتكر أسلوبا خاصا لتجاوز هذه المشكلة.
كان المرحوم محمد بلكم يقوم عصر كل يوم أربعاء باقتياد العجل الى سوق جعار وفي يده جرس مثل جرس المدرسة ويطوف به وهو يقرع بالجرس ويردد بصوت عال :
يا عيدوووووه يا لحموووووه
ومن خلفه يسوق أبناؤه وبعض الأطفال وحتى الشباب العجل، وهم يرددون بعده :
بكرة خميس... بكرة خميس
ويظلون يطوفون في شوارع جعار بهذا الشكل :
يا عيدوووووه يا لحموووووه
بكرة خميس... بكرة خميس
ويمر الموكب على الدكاكين والمقاهي، ويقوم أحد الأشخاص بمرافقة المرحوم بلكم وهو يحمل ورقة وقلما، ويتولى تسجيل أسماء الراغبين في الشراء غدا (الخميس) من لحمة العجل، والكمية التى يريدها (رطل، رطلين، ربع، ثمين، نص الثمين.... الخ) مع العربون الذي دفعه، ثم يعود الموكب الى بيت المرحوم بلكم ويتم إحصاء عدد المشترين والكمية، فإذا وجد المرحوم بلكم أنها تحقق له ربحا أو على الأقل كافية لاستعادة الضمار (راس المال) يقوم بذبح العجل يوم الخميس، أما إذا وجد أن الفارق كبير بين سعر شراء العجل وطلبات الشراء، فيؤجل الذبح الى الخميس التالي مع تخيير المعربنين بين أن يعيد لهم عرابينهم أو يعطيهم «لحم بلدي» بها.