لاشك ان سنوات الحرب وحالة عدم الاستقرار ولدت مشكلات اجتماعية غاية في التعقيد، ومن المؤسف ان الحكومات المتعاقبة تعاطت بشكل خاطئ مع تلك الملفات مما زاد من حجم التعقيدات. خذ على سبيل الذكر المرتبات فكل جهة لها بنود خاصه بها ما خلق فوارق فظيعة بين الناس ممن يشعرون ان لا حقوق لهم وكيف لايكون لديهم هذا الاحساس وفي الواقع شخص يستلم راتبه بعشرة اضعاف ما يستلم الآخر.
هذه فوارق لها تأثير كارثي على النسيج الاجتماعي، فمثلا جندي مبتدئ يستلم راتبا يفوق راتب ثلاثه اطباء وهكذا الامثلة كثيرة في حين يستلم بعص منتسبي الامن نوعين من الراتب، فإن كان باليمني فهو بين ستين الفا وما فوق لاصحاب الخدمات الطويلة لكنه بحدود دنيا، في حين يستلم اقرانهم بالعملة الصعبة فمن اين اتت حكمة تلك الفروق المؤسفة بين ابناء المجتمع الواحد؟ لاشك أنه امر مؤسف جدا ولايمكن تبريره. الامر الآخر في وضع المرتبات خصوصا الجهاز المدني فهي في اسوأ حالاتها والمزعج حقا انها ايضا غير منتظمة بعد القضاء على الجهاز الاداري الذي كان يقوم بتلك المهمة بسهولة ويسر..
لكن السلطات ظلت تصر على تحويلها للصرافين في القطاع الخاص، مبررة الامر بانه في خدمة المواطن وتحسين الاداء وسلاسته ناهيك عن قدرة السلطات على القضاء على الازدواجية، ومع ذلك تبين عكس ما زعموا فما حكمتهم من ذلك سوى انها تعزز الفساد كما تبين في معطيات عدة.
الثابت ان اسلوب التعاطي مع بند اجور الجهاز المدني فيه تعسف شديد وتجاهل تام لمعاناة هؤلاء التي تعاظمت مع نمط معالجات غريبة لم تأتِ الا لزيادة الفوضى والخلط.
لقد باتت قضية الاجور مشكلة كبيرة رغم انها لاتشكل خمسة في المائة من احتيجات الناس، ومع ذلك فهي مرتبطة باداء نظم غريبة ولدت كل هذه المشكلات التي عكست نفسها على الاحوال المعيشية للسكان التي هي في أسوأ حالاتها..
فهل تشغلنا الحكومات المتعاقبة بكل ما يجري حتى نتناسى ما لنا من حقوق؟!... امور مؤلمة تولدت في سنوات الفساد الماحق وتعاظمت مع كل اشكال الاداء العجيب الذي لم يكن الا لخلق تعقيدات اشد، فهل كان النظام المالي السابق معيبا ما استدعى تجاوزه بنمط فوضوي لا يمكن الا ان يكون معززا لنمط الفوارق في الاجور في نطاق المجتمع الواحد؟!
هل وراء ذلك حكمة لم نستوعبها بعد؟!