كثيرة هي مراكز البحوث الاستراتيجية والوطنية والأكاديمية والسياسية والقومية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والاعلامية والطبية، وما أكثر اللجان المتعددة والمختلفة والهيئات الاستشارية والندوات العلمية والقنوات والاذاعات والصحف اليومية والدورات التدريبية واللقاءات والاجتماعات المزلزلة، والمليونات الهلامية..
ثم ماذا بعد !!..
“ لا قرارات مصيرية “.
ولم نحقق من كل ذلك حتى مطلباً حقوقياً ولا خدمياً للشعب الذي يستحق كل ذلك وأكثر، ولكسب دعمه وهو أمر هام لنجاح أي توجه سياسي أو زخم ثوري، فبدون دعم القاعدة الشعبية فالفشل هو المصير المحتوم.
كما لم ينجزوا إنجازاً واحداً يجعلهم يقفون بقوة وينطلقون بثبات نحو الآفاق بثقة وعزم وحزم، ولم يقتنصوا الفرص التي جاءت إليهم مهرولة، وأضعفوا سياستهم التي أضحت أكثر ميوعة لا مرونة وقد كانوا في موقع العزة والكرامة، وعجزوا عن إدارة المرحلة بإرادة وعقلية رجال الدولة.
فبدأت تلك القاعدة الشعبية، وهو أمر طبيعي، في الاضمحلال والتقهقهر جراء ما يعانيه الشعب من مآسٍ وآلام، وهو ما سبب له اليأس والإحباط وفقدان الثقة، واستخفافه بمجرد وعود وأحلام، وأصبح التعلق ولو بقشة والقبول بأي حلول حقيقية وواقعية السبيل الوحيد ليخرجهم مما هم فيه.
فما الذي تحقق وأنجز للشعب بعد كل تلك السنوات الغابرة، وبماذا جازوه على صبره وتحمله سقطاتهم المكلفة وعثراتهم الموجعة ؟
أم أنهم يظنون أن الإنجاز يأتي برفع العلم وبإدارة مباراة الدوري العام لكرة القدم، أهذا ماحققتموه لشعب جريح من حلم !!
ألا ترون حاله كيف أصبح فقيرا بل معدم، والكثير والله عن قوته اليومي منه يُحٔرَم، كيف لا ومعاشه لا يكفيه سوى بضع لُقَم، والغلاء يطحنه وما منكم من أحد مهتم، بل وأرخصتم تضحياته ومعاناته بلا ندم، وهو من قَدَّم لاستعادة أرضه الروح والدم، وبكل برود فرطتم بنصرٍ تَمْ وتَحَقَّقَ بعد ألم، وأهديتم الأرض بعد تحريرها وبجرة قلم، لمن بآلة حربه أهدانا القتل والدمار والظلم، وتتشدقون بالوطنية وأنتم من بعتم الذِمَم، فارحلوا عنا وعن وطننا يكفي ما بنا من هَمّ.