هل يحتاج التنافس الهادف لتطور البشرية إلى “ بناء تحالفات جديدة”؟؟
لم يقل لنا بلينكن لماذا حولت إدارته الجهود العالمية لاحتواء جائحة كرونا إلى فرصة جديدة لحرب بيولوجية عندما تم عرقلة وصول اللقاحات الروسية المجانية إلى من يحتاجها؟؟؟ وتم حصرها في مناطق ودول معينة، حتى أن بريطانيا فكرت كما صرح بذلك بوريس جونسون بـ “القيام بعملية إنزال في هولندا لسرقة اللقاحات من هناك”؟ *
في تطرقه إلى الحرب في أوكرانيا يحاول بلينكين إخفاء كل مبررات الحرب هناك بنفس الطريقة التي تنفي فيها الولايات المتحدة تنفيذ إسرائيل لعمليات الإبادة في الأراضي الفلسطينية فالولايات المتحدة تنطلق من نفس النظرة في الحالتين حتى أن بلينكين يلوم بوتين على تعاطفه مع الفلسطينيين الذين يتعرضون للوحشية الصهيونية.
ويذهب وزير الخارجية الأمريكي إلى القول إن الحرب في أوكرانيا” كانت هجوما ليس فقط على أوكرانيا ولكن أيضا على مبادئ السيادة والسلامة الإقليمية في قلب ميثاق الأمم المتحدة”، ولكنه اليوم لا ينظر بنفس الطريقة لما قامت به إسرائيل تجاه الأمين العام للأمم المتحدة ولا ما تقوم به من استهداف لقوات اليونفيل بالأسلحة الفتاكة الأمريكية الصنع بالمناسبة، بل ومطالبتها بالمغادرة الفورية لمواقعها في جنوب لبنان.
ويهاجم بلينكين كوريا الشمالية والصين على ما سماه دعمهما لبوتين، متجاهلا أن الولايات المتحدة وحلفاءها لم تترك للدول خارج (عالمهم الحر) غير التكتل والتحالف لمواجهة التحديات القادمة، بل أن الأمور من وجهة نظرنا تتجه لتجاوز مجرد الدعم المتبادل نحو تشكيل كتلة عسكرية عالمية جديدة تقف في وجه الناتو مدعومة بالتطور الصيني المتنامي والتغيرات الهيكلية في الاقتصاد الروسي وقد تكون منظمة شنغهاي هي الحامل الاقتصادي لهذه الكتلة، بل أن هذه الكتلة ربما تتجاوز بحدودها نطاقها، وقد تنتظم فيها قوى يتم حاليا التقليل من شأنها لاعتبارات مختلفة، لكن الحسابات الجيوسياسة العالمية لابد وأن تغير هذه التصورات ولكن بعد فوات الأوان.
تحتاج الصين الى تحالف حقيقي خصوصا بعد تأكدها أن الولايات المتحدة تعتبرها تهديدا استراتيجيا، خاصة بعد تخلي الأخيرة ضمنيا عن سياسية الصين الواحدة بدعهما لنوازع تايوان أو لنقل تشجيع نوازعها الاستقلالية.
ويعتقد بلينكين “إن تاريخ الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية معقد ومصالح متباينة، وشراكاتها مع بعضها البعض لا تقترب من بنية التحالف الطويلة الأمد للولايات المتحدة”. وإذا كان الأمر كما يزعم فلماذا إذن كل هذا القلق والمخاوف وبناء التحالفات الأمريكية حول العالم؟؟؟ ولماذا “كان رد إدارة بايدن على هذا التوافق المتزايد هو تسريع التقارب بين الحلفاء بشأن التهديد” الذي يشكله هذا الثلاثي؟؟
إنه قلق حقيقي للولايات المتحدة، فهيمنتها تعتمد ليس فقط على ضعف هذا الثلاثي فحسب، بل وعلى ضعف الحلفاء وشعورهم بالحاجة للحماية الأمريكية كحال بعض دول الشرق الأوسط. ولذلك كما يقول “في غضون ذلك، أدى دعم الصين لروسيا ــ والاستخدام المبتكر من جانب الإدارة للدبلوماسية الاستخباراتية للكشف عن مدى هذا الدعم ــ إلى زيادة تركيز حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا على التهديد الذي تشكله بكين. لقد أدى الاضطراب الاقتصادي الهائل الناجم عن غزو بوتن إلى جعل العواقب الكارثية التي قد تترتب على أزمة في مضيق تايوان، الذي يمر عبره ما يقرب من نصف سفن الحاويات التجارية في العالم كل عام، حقيقة واقعة. يتم تصنيع أكثر من 90 % من أشباه الموصلات الأكثر تقدما في العالم في تايوان”. وحيث لا توجد علاقة مباشرة بين حرب أوكرانيا وما يحدث في مضيق تايوان، لكن، ولكن العلاقة ظاهرة بين ما تقوم به أمريكا هناك وردود الفعل الصينية عليها.