كل دولة مهما كان نوع نهجها وتوجهها الفكري والعقائدي.. تجد نفسها مذعنة للوصول إلى مخاطبة عقول ووجدانات مجتمعها بكل سهولة ويسر عبر إيجاد العديد من الوسائط، ولعل أهم تلكم الوسائط الموصولة بين الدولة والمجتمع وبشفافية هي وسائط ووسائل الثقافة والإعلام.. هذه الوسائط الوسائلية يصعب على الدولة -أية دولة- تحقيق ما تبتغي تحقيقه في أي مجال من المجالات السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، التربوية، الخدمية دون الاستعانة بوسائط الأجهزة الإعلامية وعبر محتويات وأشكال لا تجيد حبكتها وبلورتها في عقول ونفسيات الناس غير وسائط التواصل الفكري، أي أجهزة الإعلام والثقافة.
وللتدليل، متى ما أرادت الدولة تمرير قرار ما وترى أن الشروع بهكذا قرار ربما يكون ذا ردة فعل سلبية اجتماعياً دون أن يسبقه تسريب تمهيدي وتوعية تبلور ما يجب أو يفترض ان يكون، بمعنى خلق نوع من الاستجابة النفسانية الاجتماعية خدمة لان يتقبل المجتمع الاجراء القانوني برحابة مستوعبة للضرورة الحتمية والنفعية لهكذا قرار أو ناموس لابد منه، يندرج في اطار ذلكم التعديلات والمراسيم والقرارات الفوقية بما في ذلك اقالات الوزراء أو إعادة تشكيل وزراء الحكومة.
ولعل أجهزة الثقافة تتدارك وبتنسيق متوازٍ مع أجهزة ووسائط الإعلام عبر الكلمة المقروءة والمسموعة والمرئية بالتوازي مع المنتوجات الغنائية والموسيقية والمسرحية و.. وغيرها من وسائط ووسائل التوعية والتحريض والتنوير الجماهيري.
غير أن الأمر لا يعدو ان يكون بهكذا سهولة حتى لو تفننت الدولة بتمكين هذه الوسائط بأحدث الوسائل وأغدقت على هكذا وسائل وللقائمين عليها بدفقات هائلة من الأموال، بل بالعكس يمكن لهذه التحديثات والاغداق أن يعودا على الدولة والمجتمع بسوء ردات الفعل، والاسباب ان نجاح هذه الوسائط مرهون بالانسان أولاً، وثانياً طريقة قيادة وتوجيه ومراقبة أداء القائمين عليها وإلا فهي خطيرة جداً جداً، ومفيدة وضرورية جداً جداً. مثلها مثل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية بل والعسكرية متى ما لم يتم استخدامها وتوجيهها بعناية ووعي واخضاعها دوماً بدقة مراقبة أدائها وسلوكيات أفرادها وغربلتها على الدوام وفقاً لحاجيات المصالح العليا للنظام والمجتمع يمكن ان تتحول إلى كارثة على رأس النظام المنشئ لها وبالتالي على المجتمع ككل.
ولأن الانتماء لهكذا مهن دائماً ما يكون مغرياً لا سيما أن الفنان والإعلامي يحظيان بالوجاهة والشهرة ـ النجومية أو لنقل التمييزية.. ولو اجتماعياً على أقل تقدير فلابد ان داء النرجسية يبدأ تسربه إلى مفاصل ونفسيات الكثير من المشتغلين في وسائل الاعلام والثقافة بل النخب الاستخباراتية والأمنية، ألم يتميز هؤلاء أيضاً بالملابس الخاصة والرتب المثبتة على اكتافهم والامتيازات المادية والأدبية الممنوحة لهم لذا فالكثير من ذوي النزعات الشيزوفرينيةمن صنف غير الموهوبين والفاشلين تعليماً وخلقاً يجتهدون بل يصبون جل جهدهم ليصلوا وبطرق رخيصة وجلها دنيئة ويتسربوا إلى بين أوصال هذه الأجهزة وما ان يصلوا ويروا بالعين المجردة والاحاسيس الملموسة بأنهم مجرد أقزام وجدوا أنفسهم فجأة وعلى حين غرة محاطين في اطار أجهزة عملاقة وقامات ابداعية شامخة.. فلم يكن بوسعهم غير اتباع وسائل أكثر دناءة كالدس والنميمة وسلوك شتى الطرق والمتعرجات الملتوية، ويتحولون إلى كتاب تقارير كيدية وابتكارات مخزية مثل النميمة والمحارشة وتلويث سمعة زملائهم من الشرفاء الأكفاء بغير سبب سوى تغطية مركب ضعفهم وفشلهم بغية ان يحظوا بتبوؤ المراكز الأولى والحظوة.. وللأسف الشديد وفي هذا الزمن الاستثنائي اصبحوا هم البارزين في معظم وسائل ووسائط اعلامنا وثقافتنا ووعينا.
ربان سفينتنا الأكتوبرية الأستاذ النبيل دوماً محمد هشام باشراحيل
استميحك عذراً لاهمس بأذنيك، ومنك لكل شرفاء الخلق والابداع في مؤسسة وصحيفة 14 أكتوبر.. سر وعين الله تراك ورعايته ترعاك ايها الربان الأكتوبري الماهر.. فيكفي انك قد ظفرت بانقاذ السفينة الأكتوبرية من هاوية الهلاك إلى مصاف التطور والشموخ، ونعلم انك بهكذا فعل مهاريّ تغيظ نفسيات الفاشلين اغنياء النميمة وكتاب التقارير الكيدية، فاعلم أنه لو كثر حولك النباح.. فإنك قد اوجعت الكلاب!