قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إن عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، الذي تم استهدافه فجر الأربعاء في العاصمة الإيرانية طهران، تمت بواسطة عبوة ناسفة تم وضعها سرًا في مقر إقامته، بحسب مسؤولين في الشرق الأوسط، بما في ذلك إيرانيان، ومسؤول أميركي.
وأضافت الصحيفة أن العبوة الناسفة كانت مخبأة منذ شهرين تقريبًا في دار الضيافة الذي نزل به هنية، والذي تقوم بحمايته عناصر الحرس الثوري الإيراني.
وكان هنية موجوداً في طهران لحضور مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، وقال مسؤولون إن القنبلة تم تفجيرها عن بعد، بمجرد التأكد من وجوده داخل غرفته في دار الضيافة. وأسفر الانفجار أيضًا عن استشهاد حارسه الشخصي.
وأفاد مسؤولان إيرانيان من الحرس الثوري اطلعا على تفاصيل الحادث أن الانفجار أدى إلى اهتزاز المبنى وتحطيم بعض النوافذ وانهيار جزء من جدار خارجي. كما ظهر هذا الضرر في صورة للمبنى نشرتها صحيفة نيويورك تايمز.
وبحسب المسؤولين في الشرق الأوسط، فإن هنية أقام في بيت الضيافة عدة مرات أثناء زيارته لطهران.
واتهم مسؤولون إيرانيون ومن حماس، الأربعاء، إسرائيل بتنفيذ عملية الاغتيال، وهو التقييم الذي توصل إليه أيضًا عدد من المسؤولين الأميركيين الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم.
وبحسب الصحيفة الأميركية، فإن اغتيال هنية يهدد بإطلاق موجة أخرى من العنف في الشرق الأوسط وإفشال المفاوضات الجارية لإنهاء الحرب في غزة، خاصة أن هنية كان من كبار المفاوضين في محادثات وقف إطلاق النار.
ولم تعترف إسرائيل علنًا بمسؤوليتها عن عملية الاغتيال، لكن مسؤولين استخباراتيين إسرائيليين أطلعوا الولايات المتحدة وحكومات غربية أخرى على تفاصيل العملية في أعقابها مباشرة، وفقًا للمسؤولين لنيويورك تايمز.
وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الأربعاء، إن الولايات المتحدة لم تتلق أي علم مسبق بعملية الاغتيال.
تكهنات أولية بضربة صاروخية
وفي الساعات التي أعقبت عملية الاغتيال، ركزت التكهنات على الفور على احتمال أن تكون إسرائيل نفذت عمليتها بضربة صاروخية، من طائرة بدون طيار أو طائرة حربية، على غرار الطريقة التي أطلقت بها إسرائيل صاروخًا على قاعدة عسكرية في أصفهان في أبريل.
وأثارت تلك النظرية تساؤلات حول كيفية تمكن إسرائيل من اختراق أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية دون رصدها.
وبحسب الصحيفة الأميركية، فقد اتضح أن المنفذين تمكنوا من استغلال نوع مختلف من الثغرات في الإجراءات الأمنية الإيرانية، ثغرة في أمن مجمع الضيافة الذي من المفترض أنه يخضع لحراسة مشددة، مما سمح بزراعة قنبلة وإبقائها مخفية لعدة أسابيع قبل أن يتم تفجيرها في النهاية.
وأكد ثلاثة مسؤولين إيرانيين أن مثل هذا الخرق كان بمثابة فشل كارثي للاستخبارات والأمن بالنسبة لإيران وإحراج هائل للحرس الثوري، الذي يستخدم المجمع للخلوات والاجتماعات السرية وإيواء الضيوف البارزين مثل هنية.
ولم يتضح بعد كيف تم إخفاء القنبلة في بيت الضيافة. ولكن مسؤولون قالوا إن التخطيط للاغتيال استغرق شهورًا وتطلب مراقبة مكثفة للمجمع.
ويوجد في المجمع فريق طبي هرع إلى غرفة هنية فور وقوع الانفجار، وأعلن الفريق أن هنية استشهد على الفور، وحاول الفريق إنعاش الحارس الشخصي، لكنه استشهد هو الآخر.
وقال اثنان من المسؤولين الإيرانيين إن زعيم حركة الجهاد الإسلامي، زياد النخالة، كان يقيم في الغرفة المجاورة. ولم تلحق أضرار بالغة بغرفته، مما يشير إلى تخطيط دقيق لاستهداف هنية.
ووصل نائب رئيس حركة حماس في قطاع غزة، خليل الحية، والذي كان أيضًا في طهران، إلى مكان الحادث وشاهد جثمان هنية، بحسب مسؤولين شرق أوسطيين.
وقال المسؤولون الإيرانيون الثلاثة إن من بين الأشخاص الذين تم إخطارهم على الفور، الجنرال إسماعيل قاآني، القائد العام لفيلق القدس، الذراع الخارجية للحرس الثوري، والذي أبلغ المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، بالحادث في منتصف الليل، وأيقظه.
وبعد أربع ساعات من وقوع الانفجار، أصدر الحرس الثوري بياناً يفيد بارتقاء هنية، وبحلول الساعة السابعة صباحاً، استدعى خامنئي أعضاء المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني إلى مقره لعقد اجتماع طارئ، أصدر خلاله أمراً بضرب إسرائيل رداً على ذلك، وفقاً للمسؤولين الإيرانيين الثلاثة.
وكانت طهران قد شهدت بالفعل إجراءات أمنية مشددة بسبب تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، مع تجمع كبار المسؤولين الحكوميين والقادة العسكريين وكبار الشخصيات من 86 دولة في البرلمان في وسط طهران لحضور الحفل.
وبدا هنية مبتهجاً ومنتصراً، يوم الثلاثاء، أثناء أداء القسم، حيث عانق الرئيس الجديد بعد أن ألقى خطاب تنصيبه، ورفع الرجلان أيديهما معاً في إشارة إلى علامة النصر.
وفي إيران، كانت طريقة الاغتيال موضع شائعات وخلافات، فقد ذكرت وكالة أنباء تسنيم، أن شهود عيان قالوا إن جسماً يشبه الصاروخ ضرب نافذة غرفة هنية وانفجر.
لكن المسؤولين الإيرانيين، أعضاء الحرس الثوري الذين تم إطلاعهم على الهجوم، أكدوا أن الانفجار وقع داخل غرفة هنية، وقالوا إن التحقيق الأولي أظهر أن المتفجرات وضعت هناك قبل فترة من الوقت.
ووصفوا دقة الهجوم وتعقيده بأنه مماثل من حيث التكتيك لسلاح الروبوت الذكي الذي يتم التحكم فيه عن بعد والذي استخدمته إسرائيل لاغتيال كبير العلماء النوويين الإيرانيين محسن فخري زاده في عام 2020.
وأشارت نيويورك تايمز إلى أن عمليات الاغتيال الإسرائيلية في الخارج تتم بشكل أساسي من قبل الموساد. وفي ينايرقال رئيس الموساد، ديفيد برنياع، إن جهازه «ملزم» بمطاردة قادة حماس، في أعقاب هجوم طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر.