غزة / عواصم / 14 أكتوبر (خاص)
اضطر مئات
الفلسطينيين إلى النزوح من جديد من بلدة خان يونس في قطاع غزة التي استهدفتها
غارات إسرائيلية صباح اليوم الثلاثاء، بعد أمر الإخلاء الذي أصدره الجيش
الإسرائيلي.
وقتل ثمانية
أشخاص جراء القصف الإسرائيلي في خان يونس ورفح، فيما نُقل أكثر من ثلاثين جريحاً
إلى مستشفى ناصر في خان يونس، على ما ذكر مسعفون في الهلال الأحمر الفلسطيني ومصدر
طبي في المنشأة الصحية.
وأفاد صحافي
في وكالة «الصحافة الفرنسية» وشهود بوقوع عدة غارات إسرائيلية صباح الثلاثاء
استهدفت خان يونس ومحيطها.
وقال الجيش
الإسرائيلي إن الغارات استهدفت مواقع في المنطقة التي أُطلق منها 20 صاروخاً على
بلدات جنوب إسرائيل من أمس (الاثنين).
وأكد الجيش أن
الغارات استهدفت مستودع أسلحة، وشقة يستخدمها «عناصر إرهابية»، وبنية تحتية أخرى.
وكان الجيش قد
أمر الاثنين من جديد بإخلاء أحياء عدة في محافظتي خان يونس ورفح في جنوب قطاع غزة
حيث سبق أن نزح مئات آلاف الفلسطينيين هرباً من المعارك منذ عدة أسابيع.
وروى شهود أن
كثيرين فروا من هذين القطاعين وأن نازحين، بينهم أطفال ومسنون، ناموا في العراء
على الأرض.
وأظهرت صور
لوكالة الصحافة الفرنسية عائلات نازحة في خان يونس، تسير عبر الأنقاض أو مكدسة على
عربات.
وأقر رئيس
الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد أمام حكومة الحرب بأن الجيش يخوض «معركة
صعبة» في القطاع الفلسطيني، بعد تسعة أشهر من اندلاع الحرب إثر هجوم السابع من
أكتوبر الذي شنته حركة حماس في إسرائيل.
وبعدما أطلق
هجوماً برياً في شمال غزة في 27 أكتوبر، تقدّم الجيش الإسرائيلي تدريجياً نحو
الجنوب حيث أصدر في كل مرة أوامر للسكان بإخلاء المناطق التي يستهدفها.
وفي 7 مايو شن
الجيش الإسرائيلي عملية برية في رفح المدينة الواقعة عند الحدود مع مصر وُصفت
بأنها المرحلة الأخيرة من الحرب ضد حماس ما دفع مليون فلسطيني إلى الفرار، وفقاً
للأمم المتحدة.
لكن في
الأسابيع الأخيرة، اشتد القتال مجدداً في العديد من المناطق التي كان الجيش
الإسرائيلي قد أعلن السيطرة عليها وخاصة في الشمال، بينما يتواصل الهجوم في رفح.
وقال المتحدث
باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إنه صدرت الاثنين أوامر إخلاء جديدة في مناطق
القرارة وبني سهيلا وبلدات أخرى في محافظتي خان يونس ورفح.
وقبل ساعات
أعلنت سرايا القدس، الجناح المسلّح لحركة الجهاد الإسلامي، مسؤوليتها عن قصف مواقع
إسرائيلية في غلاف قطاع غزة برشقات صاروخية مركّزة.
من جهته، تحدّث الجيش الإسرائيلي عن صد نحو عشرين مقذوفاً أطلقت من خان يونس». وأضاف أنه «تم اعتراض عدد منها وسقط بعضها في جنوب إسرائيل، دون سقوط ضحايا. وأشار إلى أن الجيش رد بالمدفعية على مصدر النيران.
شمالاً يواصل
الجيش الإسرائيلي عملياته التي بدأها في 27 يونيو في حي الشجاعية في مدينة غزة.
وقال الجيش إن
طائراته نفذت غارات جوية قتل فيها نحو عشرين مقاتلاً، مشيراً إلى أن قواته أردت
عدداً آخر خلال المعارك.
وقالت الأنباء
إن مروحيات إسرائيلية تقصف الشجاعية. بينما أكدت حركة حماس خوض قتال في الشجاعية
وفي رفح.
والإثنين أعلن
الجيش مقتل جندي في جنوب غزة، ما يرفع إلى 317 حصيلة قتلاه منذ 27 أكتوبر.
وأكد نتنياهو
الأحد أمام حكومة الحرب «قواتنا تعمل في رفح والشجاعية (في مدينة غزة) وكل أنحاء
قطاع غزة... إنها معركة صعبة نخوضها على الأرض أحياناً عبر الاشتباك المباشر، وكذلك
تحت الأرض».
وكان مصدر طبي
في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح وسط القطاع قد أكد الإفراج عن عشرات الأسرى
الفلسطينيين، بينهم مدير مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة محمد أبو سلمية.
وارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 37925 شهيدا و87141 مصابا منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر الماضي.
وأضافت وزارة
الصحة في غزة في بيان، أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 3 مجازر ضد العائلات في قطاع
غزة وصل منها للمستشفيات 25 شهيدا و81 مصابا خلال الـ24 ساعة الماضية.
وأشارت
الوزارة إلى أن عددا من الضحايا لا زال تحت الركام وفي الطرقات ولا تستطيع طواقم
الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
وقال مسؤولون
بقطاع الصحة، اليوم الثلاثاء، إن 8 فلسطينيين استشهدوا وأصيب العشرات عندما قصفت
قوات إسرائيلية عدة مناطق في خان يونس ورفح بجنوب قطاع غزة وسط نزوح الآلاف تحت
وطأة النيران.
وكان الجيش
الإسرائيلي قد أمر سكان عدة بلدات وقرى شرق خان يونس بإخلاء منازلهم يوم الإثنين
قبل عودة الدبابات إلى المنطقة التي انسحب منها الجيش قبل أسابيع.
وقالت الأنباء
إن الآلاف اضطروا إلى الفرار من منازلهم تحت جنح الظلام عندما قصفت الدبابات
والطائرات الإسرائيلية القرارة وعبسان ومناطق أخرى وردت أسماؤها في أوامر الإخلاء.
وأكد الهلال
الأحمر الفلسطيني تكدس مستشفى الأمل في خان يونس بأعداد من المصابين بعد إصدار
الاحتلال إخطارا بالإخلاء للسكان في منطقة الفخاري.
وقال متحدث
بمنظمة الصحة العالمية إن مستشفى غزة الأوروبي في خان يونس أصبح خاليا تقريبا بعد
فرار العاملين به والمرضى عقب إصدار الجيش الإسرائيلي أوامر للسكان في المناطق
المحيطة بالإخلاء.
وأكدت وكالة
غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أنها تتوقع نزوح 250 ألف شخص جراء
العمليات العسكرية الإسرائيلية في خان يونس.
كما أفادت الأنباء
بوقوع إصابات جراء استهداف طائرات الاحتلال لمجموعة من المدنيين غربي مدينة رفح،
وأشار إلى أن جيش الاحتلال أحرق عددا من المنازل بحي الجنينة شرقي المدينة.
وفي وسط
القطاع، قام جيش الاحتلال بشن قصفا عنيفا وألقى قنابل إنارة على شمال النصيرات، ما
أسفر عن إصابة عدد من المواطنين.
وفي مدينة
غزة، أفادت هيئة الإسعاف والطوارئ بنقل 10 شهداء وعدد من الإصابات جراء قصف مدفعي
إسرائيلي استهدف محيط مسجد الشمعة في حي الزيتون.
وزعم جيش
الاحتلال الإسرائيلي إن قواته قصفت مناطق في خان يونس أُطلق منها نحو 20 صاروخا
يوم الإثنين. وأضاف أن الأهداف تضمنت منشآت لتخزين الأسلحة ومراكز للعمليات.
وقالت سرايا
القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد إن مقاتليها أطلقوا صواريخ باتجاه عدة مستوطنات
إسرائيلية قرب السياج الحدودي مع غزة ردا على «جرائم العدو الصهيوني بحق أبناء
شعبنا الفلسطيني».
من جهتها كشفت
صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية عن رغبة قادة الجيش الإسرائيلي في التوصل لوقف
إطلاق النار مع حركة حماس في قطاع غزة، ويرونها أسرع الطرق للتوصل إلى اتفاق سريع
لإعادة المحتجزين.
وأشارت
الصحيفة إلى أن جنرالات جيش الاحتلال، يعانون من نقص المعدات لمواصلة القتال بعد
أطول حرب خاضتها إسرائيل منذ عقود، ويرون أن جنودهم بحاجة إلى الوقت للتعافي في
حالة اندلاع حرب برية ضد حزب الله في لبنان.
ويريد كبار
قادة الجيش الإسرائيلي البدء في وقف إطلاق النار في غزة حتى لو أدى ذلك إلى بقاء
حماس في السلطة في الوقت الراهن، وهو الأمر الذي يؤدي إلى توسيع الخلاف بين الجيش
ورئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي عارض الهدنة
التي من شأنها
أن تسمح لحماس بالبقاء على قيد الحياة في الحرب، بحسب الصحيفة.
ويعتقد قادة
الجيش أن الهدنة ستكون أفضل وسيلة لإطلاق سراح نحو 120 ما زالوا محتجزين في غزة،
أحياء وأمواتاً، وذلك وفقاً لمقابلات أجريت مع ستة مسؤولين أمنيين حاليين وسابقين.
ووفقاً
للمسؤولين، الذين تحدث معظمهم بشرط عدم الكشف عن هويتهم للصحيفة الأميركية، فإن
الهدنة مع حماس قد تسهل أيضاً التوصل إلى اتفاق مع حزب الله.
ورأت نيويورك
تايمز أن موقف الجيش من وقف إطلاق النار يعكس تحولاً كبيراً في تفكيره على مدى
الأشهر الماضية، حيث أصبح من الواضح أن نتنياهو يرفض التعبير عن خطة ما بعد الحرب
أو الالتزام بها. وقد أدى هذا القرار في الأساس إلى خلق فراغ في السلطة في القطاع،
الأمر الذي أجبر الجيش على العودة والقتال في أجزاء من غزة كان قد أعلن «تطهيرها
من مقاتلي حماس».
وقال إيال
هولاتا، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي حتى أوائل العام الماضي،
والذي يتحدث بانتظام مع كبار المسؤولين العسكريين، إن «الجيش يدعم بشكل كامل صفقة
المحتجزين ووقف إطلاق النار».
وأضاف «إنهم
يدركون أن التوقف في غزة يجعل التهدئة أكثر احتمالاً في لبنان. ولديهم ذخيرة أقل،
وقطع غيار أقل، وطاقة أقل مما كان لديهم من قبل – لذلك فإنهم يعتقدون أيضاً أن
التوقف في غزة يمنحنا المزيد من الوقت للاستعداد في حالة اندلاع حرب أكبر مع حزب
الله».
ومن غير
الواضح كيف عبرت القيادة العسكرية بشكل مباشر عن آرائها لرئيس الحكومة، ولكن كانت
هناك لمحات من إحباطها في العلن، فضلاً عن إحباط رئيس الوزراء من الجنرالات.
ويبدو أن
نتنياهو يشعر بالقلق إزاء أي هدنة تبقي حماس في السلطة لأن هذه النتيجة قد تؤدي
إلى انهيار ائتلافه، حيث قال أجزاء من الائتلاف إنهم سينسحبون من التحالف إذا
انتهت الحرب دون هزيمة لحماس.
وحتى وقت
قريب، كان الجيش يزعم علنا أنه من الممكن تحقيق هدفي الحرب الرئيسيين للحكومة في
وقت واحد: هزيمة حماس وإنقاذ المحتجزين. والآن، خلصت القيادة العليا للجيش إلى أن
الهدفين غير متوافقين، بعد عدة أشهر من بدء الشكوك تساور الجنرالات.
ومع رفض
نتنياهو علناً الالتزام باحتلال غزة أو نقل السيطرة إلى زعماء فلسطينيين بديلين،
يخشى الجيش الإسرائيلي من اندلاع «حرب أبدية» تتآكل فيها طاقاته وذخيرته تدريجياً حتى مع بقاء
المحتجزين وقادة حماس ما زالوا طلقاء.
وفي مواجهة
هذا السيناريو، يبدو إبقاء حماس في السلطة في الوقت الحالي مقابل استعادة
المحتجزين الخيار الأقل سوءاً بالنسبة لإسرائيل، وفقا لمسؤولين إسرائيليين.
وعندما طُلب
من الجيش التعليق على ما إذا كان يؤيد الهدنة، أصدر بياناً لم يتطرق بشكل مباشر
إلى هذا السؤال. وجاء في البيان أن الجيش يسعى إلى تدمير «القدرات العسكرية
والحكومية لحماس، وإعادة المحتجزين، وعودة المدنيين الإسرائيليين من الجنوب
والشمال إلى منازلهم سالمين».
ولكن في
تصريحات ومقابلات أخرى صدرت مؤخرا، أعطى قادة عسكريون تلميحات علنية حول ما توصلوا
إليه بشكل خاص.
وفي مقابلة
تلفزيونية أجريت معه في التاسع عشر من يونيو قال المتحدث باسم جيش الاحتلال،
دانييل هاغاري: «إن أولئك الذين يعتقدون أننا قادرون على محو حماس مخطئون، إن حماس
فكرة، وحزب سياسي، وهي متجذرة في قلوب الناس».