قلنا ان كارثة يناير القت بظلالها المشؤومة على مناحي الحياة في الجنوب.. وأتذكر ان حملة من الاعتقالات طالت بعض الصحفيين حيث تعرض الزميل محبوب علي ـ نائب مدير التحرير حينها لاعتقال إلا ان الزميل المرحوم محمد حسين محمد ـ رئيس التحرير المكلف حينها تدخل لاطلاق سراحه بعد ساعات من اعتقاله .. كما ان بعض العقلاء عملوا جاهدين لدى القيادة السياسية على وقف نزيف الدم وايقاف حملات الاعتقالات .. وكان على رأس هؤلاء العقلاء المناضل المشهود له عمر الجاوي.
بعد احداث يناير 1986 / م أعيد ترتيب الوضع القيادي للصحيفة فصدر قرار بتعيين الزميل / محمد حسين محمد رئيساً لمجلس الادارة رئيس التحرير، والزميل منصور هائل ـ مديراً للتحرير، والزميل / شكيب عوض نائباً لرئيس التحرير .. وأعيد ترتيب الاقسام التحريرية فتم نقلي إلى قسم التحقيقات الصحفية الذي رأسته لفترة ثلاث سنوات .. وكان يضم خيرة من الصحفيين الذين لمست منهم كل التعاون .. كان الزميل عبدالقوي الأشول، والزميل عبدالرؤوف هزاع، والضراسي، وأحمد عبدالله قاسم .. وبعض الزميلات اللاتي يعددن اليوم مدرسة صحفية اختططن هذه المهنة بكل جدارة ومهنية .. ولا أنسى الرعيل الذي عملنا معه منذ التحاقنا بالصحيفة .. فكانت الصحفية / آسيا مثنى، وفاتن بلفقيه التي تخرجت من جامعة الجزائر حينها وعملت في قسم الاخبار .. والصحفية خديجة التي ذهبت لتغطية الحرب الاهلية في لبنان، وكذا الصحفية الحديدية أول مسؤولة للارشيف الصحفي وهي الزميلة الطاف محمد عبدالله.
هذا الجيل من الصحفيين الذين تدربوا وتمرسوا على العمل الصحفي في مدرسة (14 أكتوبر) حازوا على التقدير الطيب لجهودهم واعمالهم الصحفية من قبل قيادة الدولة والحكومة حينها.
كان الصحفي أحمد مفتاح علماً من اعلام الصحافة ومدرسة صحفية تركن إليه القيادة الصحفية بتناول المواضيع المتعلقة بموقف بلادنا أو مواقف الحزب حول القضايا المتعلقة بعلاقاتها مع البلدان والاحزاب العالمية وكان صحفياً متعدداً في التناول الصحفي تعلمت منه الكثير وكان شيخ الصحفيين علي فارع سالم صاحب القلم الرشيق في التناولات والتحليلات التي يختطها قلمه في الشأن الدولي وقد كان صحفياً يجيد أكثر من لغة أجنبية .. وهو خريج المدرسة الايطالية .. تعلمت - وكذا زملاء جيلي من الصحفيين - من هؤلاء الكوادر الصحفية الكثير والكثير وقبل كل شيء احترام التراتبية في العمل واخلاق المهنة .. لم نكن نجرؤ على التمادي على أساتذتنا ممن سبقونا ولم نكن نستطيع ان نتجاوزهم في التكليفات مباشرة من رئيس التحرير أو مدير التحرير.
فقد كان رئيس القسم أو مدير الادارة الصحفية هو المسؤول الأول عن طاقمه ولا يستطيع أي صحفي تجاوزه إلى الأعلى.
تعلمنا منهم فنون صناعة الخبر، وكتابة المانشيت والتحقيق الصحفي، وكتابة المقال أو الزاوية أو العمود.
وكانت التكليفات تأتينا دون محاباة أو استلطاف بل كنا جميعاً فريق عمل واحداً يكمل بعضنا بعضاً .. هكذا كنا .. حتى بدأت ملامح الانهيار في كل شيء.. والتي ظهرت مع بداية عام 1990 م.
حكايتي مع المهنة (4)
أخبار متعلقة