إذا كنت تجد صعوبة في التعامل بتلقائية والأخذ والرد بهدوء ومنطقية مع شخص يتمترس خلف نصل مسنون (جنبية) وأخرى للقتل ظاهرة ومخفية اعتاد أن لا يخرج أو يسير إلا بها مستمداً منها وبها معظم أن لم يكن كل حججه ومنطقه وإنفاذ مبتغاه وهواه ورأيه . متخذاً منها واجهة للإعلان عن نفسه والاهتمام به وفرض وجوده ومكانته وشعوره وإحساسه برجولته. فلا يكون أمامك من خيار إذا ما وضعته الاقدار يوماً في طريقك بحكم مشاركته لك في الطريق والسوق والعمل، والحي والسكن، والمقهى والمطعم، وما يمكن أن يفضى إليه حكم الشراكة في محيط كهذا من الدخول معه في مشكلة ماء أو شجار أو خلاف في قول أو رأي أو احتكاك أو عدم ارتياح حتى. إلا خيار أن تكون إما متعقلاً أكثر من اللازم ومبالغاً في التحامل على نفسك، وكريماً كفاية في التنازل عن حق من حقوقك لتتحاشاه وتتجنبه، وتغادر منصرفاً من أمامه. مع عدم ضمان أن يؤدي تصرفك الحكيم والنبيل هذا إلى أن تسكن نفسه ويبهت غيظه، وتخفت حماقته، لأنه من الممكن أن يبعث تصرفك الشجاع ذاك في نفسه الإحساس بالنقص، فتثور حميته وجاهليته، وتعميه حاجته للبحث عن شيء يثبت به رجولته، فيلحق بك شاهراً خنجره (الجنبية) ليغرسها في ظهرك عدد وقدر ما يستطيع . لتهدأ نفسه ويسكن شططه ويغيب في زهو وفخر زائفين . أو أن تتبع الخيار الآخر فتطيل الوقوف أمامه متفاهماً بحذر معه محاوراً أياه محاولاً التوصل معه إلى مخرج أو حل لا يفسد للود قضية. والذي بدلاً من أن يجذبه مسلكك هذا إلى التجاوب معك بفعل الشيء نفسه. تجده يواصل التحول والاستجابة إلى نداء نصله مستجيباً لأسباب أخذه معه وملازمته له. فتصبح عندها في وضع تكون فيه إما قاتلاً أو مقتولاً.
فكيف إذا كان الأمر متعلقاً بأمور السياسة وبوجود وطن وحياة مجتمع ابتلاه الله والزمن والتاريخ برهط منه وفيه قد يصلون إلى ثلثه أو ربعه أو أقل أو أكثر . ممن يصبحون ويمسون ويعملون ويتنقلون، ويخوضون . مجبرين غير مخيرين للولاء لمنطق وثقافة حمل النصال التي تطوق خواصرهم وعقولهم أينما يولون وينفرون كدليل على الفحولة والرجولة واحتلال الدرجات الرفيعة والكلمة المسموعة، وإثبات القدرة والجرأة للتدخل والحسم بالصميل والقوة للنيل من كل حق وباطل، وجواز مرور مخول وموثوق لامتلاك وحيازة واستخدام كل ما له علاقة بالغلق والفتح والقتل من الرصاصة إلى الدبابة. وللقيام بأي أمر سمين أو هزيل، بخس أو ثمين بغض النظر عما إذا كان ما يتنادون إليه ويؤتمرون عليه متعلقاً برجل أو امرأة، فرد أو جماعة أو حتى مجتمع برمته.
حوارهم وردهم وأخذهم يبدأ بالقبض على النصال ووضع الإصبع على الزناد وينتهي بالدعوة إلى الموت والعداوة بسهولة وبساطة. عندهم ليلة أخذ بالثأر وإراقة دم والأخذ والنهب باليد أثمن من أعلى شهادة وأشهى وألذ ، وأعظم استقامة من اللجوء والوثوق بالقانون والمطالبة بتحقيق العدالة. رهط يعتبر طلب السكينة والسعي إلى السلامة ضعفاً لا يليق بهم كجماعة.. لا يعرف أو يعترف بك وقد تجردت من ثقافته وسرابيله لا بل قد يستهويه قولك ورأيك وما أنت عليه من كياسة وبساطة لأن ينقض عليك معتبراً إياك أحد إمارات فتوحاته وانتصاره . رهط استعصى عليه أن يجد نفسه في حب الآخر وسماعه، وحواره، بعيداً عن نصل وقنابل وغدارة، واستخدام كل ما له بالقتل والتهديد علاقة.
أي عافية لوطن فيه الأولوية للنصل والبندقية؟!!
أخبار متعلقة