إقرار اللقاء الموسع برئاسة الأخ عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية مشروع مبادرة اللجنة الوطنية الرئاسية يمثل بمضمونه، وفي ظل مسيرة الاصطفاف الوطني مفتاحاً آخر للخروج من نفق الأزمة المفتعلة، والعودة الإيجابية الفاعلة من جديد لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل؛ التي يحاول البعض إعاقتها، أو الخروج عليها، وتعطيلها، والعودة بالبلد من خلال ما يفتعلون من الأزمات إلى البداية، والمربع الأول، وإنهاء منجزات المرحلة الماضية من الحوار، للبقاء في دوامة الصراعات، والتناحر؛ تمهيداً للتمزيق، والتحول إلى دويلات ومشيخات، وسلطنات طائفية، سلالية، عرقية، متنافرة، متناحرة، لا جامع لها سوى الطيش الفكري، والغطرسة الجاهلية، والعطش الدائم لسفك الدماء، والرقص الجنوني على الأشلاء، والسخرية البلهاء من المصالح العليا للوطن، والشعب .
وتتضح أهمية هذه المبادرة؛ المقرة في لقاء أول من أمس الثلاثاء؛ من خلال بنودها التي نصت على : تشكيل حكومة وحدة وطنية على أساس الكفاءة، والشراكة، وإعادة النظر في السياسات الاقتصادية، وتنفيذ حزمة من الإصلاحات، وتخفيض أسعار المشتقات النفطية، ورفع الحد الأدنى للأجور في إطار برنامج الحكومة الجديدة، وإزالة المخيمات من العاصمة، وتسليم عمران، وإنهاء الحرب في الجوف، ذلك أنها ـ أي المبادرة ـ ستشكل منعطفاً إيجابياً، ورائعاً، وبرنامجاً عملياً في مجرى الاصطفاف للعودة نحو تنفيذ مهام بناء الدولة اليمنية، الاتحادية، الديمقراطية، الحديثة، والخروج من النفق الكئيب لهذه المرحلة الاستثنائية، التأسيسية، الصعبة .
وستبقى الكرة الآن في ملعب الطرف الآخر، وستكشف الأيام القادمة حقيقة المدعي ودعواه، التي يبدو أنه حملها؛ لتغدو قميصاً آخر لعثمان رضي الله عنه، ولكن هذه المرة في صنعاء، ومع فارق معاوية الأمس رضي الله عنه، وعن سائر القرابة والصحابة، ومعاوية اليوم الذي يدعي محبة علي، ويعلي رأس رستم، وراية يزدجرد !! بدليل المؤشرات، وردود الأفعال الأولية؛ أول من أمس التي أكدت رفضها لبنود المبادرة، ثم تصريح القيادي الحوثي محمد البخيتي أمس الذي قال فيه صراحة إن جماعته تعلن تحفظها على تمسك الرئيس بالوزارات السيادية .. لقد نسي البخيتي حكاية قميص عثمان ودمه، وأخرج طويتهم عارية من كل ستر، ومن كل شعاراتهم البراقة التي دغدغوا بها البعض من عامة الناس، وأرادوا أن تكون حصان طروادة للوصول إلى أهدافهم الحقيقية .
لقد بدأ الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية خطوات عملية على طريق تكريس مسيرة الاصطفاف الوطني، وتحويلها من شعار جماهيري ملح، يرفع هنا وهناك، على مستوى الوطن؛ إلى ممارسة عملية، وفعل حي، فقد قرر فخامته الثلاثاء المنصرم ـ حسب وكالة سبأ ـ إقالة الحكومة خلال أسبوع، وأمر الحكومة الحالية أمس بالاستمرار حتى إعلان الحكومة الجديدة، داعياً الجميع للعمل كفريق واحد لتنفيذ مخرجات الحوار التي أجمع عليها كل القوى، وتخفيض أسعار المشتقات، وهو ما أقرته الحكومة في اجتماعها مؤخرا، على أن يبدأ التخفيض من الثانية عشرة من الليلة الفائته، حيث يمكننا القول بالإجمال إن مسيرة الاصطفاف قد بدأت تخطو خطوات واثقة إلى الأمام؛ لتعزز مسيرة التوافق الوطني، ولتشكل به، ومعه سيلاً جماهيرياً جارفاً لن يقبل بأقل من الثوابت الوطنية، والحفاظ على الوحدة والجمهورية .
ولا غرابة بعد ذلك، ومن هذا المنطلق؛ أن تأتي بشائر الثمار.. فهاهو فخامة الأخ الرئيس يؤكد على أنه لن يسمح لأي عابث بأن يهدد الأمن، والاستقرار، وأنه سيتعامل بحزم مع كل المحاولات التي قد يفتعلها البعض لتعطيل مسيرة التوافق، والاصطفاف الوطني حولها .
لقد تحركت المسيرة، لكنها اليوم جماهيرية، هادرة، من صميم الإرادة الشعبية، وبقي أن يلتحق بها من لم يلتحق، وإننا ( ماضون كما قال الأخ الرئيس في اللقاء أول من أمس ـ نحو مستقبل تتحقق فيه الشراكة، وتتحقق فيه المواطنة المتساوية ) وستبقى مسألة تنفيذ مخرجات الحوار أساس الاصطفاف، وصلب ومحور الحل الأمثل لتحقيق الأمن والاستقرار، وبناء اليمن الاتحادي، الديمقراطي، المزدهر .
وإذا كانت هذه المسيرة التي بدأت تتحرك نحو الأمام بقوة؛ قد حظيت بتأييد شعبي عارم، ودعم عربي، وعالمي؛ فإن الأهم في تقديرنا هو أن يدرك اليمنيون أنهم .. هم لا غيرهم، من بوسعهم صناعة مستقبلهم، وإيجاد الحلول لمشاكلهم، وأنه لا يمكن لأي جهة خارجية مهما كان حرصها عليهم أن تساعدهم؛ ما لم يساعدوا هم أنفسهم .. هم أولاً .. وهم ثانيا، وثالثاً، وألفاً .. على طاولات الحوار لا بلعلعة الرصاص .. علينا أن نقف بصلابة، وإيجابية مع، وفي صف مصالحنا العليا، لا تهاون مع الباطل .. ذلك أن ظروفنا ما عادت تحتمل الأنانية، والعبث، وأنه لا خلاف يخيف أبداً مع الحوار الجاد والمسؤول .. ومن خرج؛ فالحجر من الأرض والدم من رأسه .
.. وتحركت مسيرة الاصطفاف
أخبار متعلقة