أحدث قرار الحكومة الخاص بزيادة أسعار مشتقات النفط ضجة مفتعلة دون مبرر من قبل عدد محدود وضيق الأفق لايريد سوى الاصطياد بالمياه العكرة ولا يعلم هؤلاء أو يدركون الأسباب والظروف التي من أجلها جاء هذا القرار وقد استغله المتشككون وأهل الفوضى ليبثوا سمومهم ودعايتهم المغرضة للتشويه بأن الزيادة لا يتحملها الناس حتى وإن كانت صحيحة بعض الشيء إلا أنها ساهمت في أعمال التحريض الأهوج و ارتفاع الأصوات الاحتجاجية والرافضة قطعا للقرار - قبل معرفة حقائق الأمور - التي يقف وراءها شخصيات نافذة من كبار رموز الفساد وأتباعهم في السلطة وعندما قررت الدولة البدء بالإصلاحات بصورة تدريجية كانت تدرك تماماً أن بقاء دعم النفط كما هو لا يستفيد منه السواد الأعظم من الشعب نتيجة انفتاح وتوسع قنوات التهريب في السوق السوداء وصعوبة السيطرة عليه ما جعل الميزانية العامة للدولة تسير نحو الهاوية وأثقلت كاهل الدولة ولم تتمكن من توفير مستحقات العاملين حينها لجأت إلى حماية الشعب وعملت على رفع الدعم للحفاظ على مصالحه دون أن يؤثر على السلع الأساسية كمعالجة أولية للحد من أشكال التهريب المنظم لمشتقات النفط ثم بيعه خارج البلاد من قبل النفوس الضعيفة التي تسعى جاهدة إلى خلخلة الوضع الاقتصادي وتدهوره من خلال التحريض المتواصل ضد النظام بانه قد فشل في إدارة الدولة والعكس هو الصحيح والحقيقة المرة أن رفع الدعم الذي قامت بعض الدول كان قراراً صائبا حتى نتج من ذلك قطع دابر التهريب وتجفيف منابعه من أجل وضع حد نهائي له وتفويت الفرصة على العابثين بأموال الشعب والاستغلال الرخيص الذي يفتقد إلى الأخلاق الحميدة ولا يراعي الظروف الاقتصادية والمعيشية للشعب ناهيك عن غياب مراعاة الجانب الإنساني وبالتالي استطاعت السلطة أن تحافظ على ثلاثة مليارات ريال قيمة الدعم وتحويله إلى الصندوق الاجتماعي الذي استوعب حالات جديدة من الفقراء بلغت أعدادهم ( 20 ألف) حالة كما تم إطلاق العلاوات السنوية للعامين 2012 / 2013م بصورة كاملة لموظفي الدولة والمتقاعدين على السواء.
إن الشيء العجيب واللافت للنظر أن يرفع الناس أصواتهم ضد المعالجات الاقتصادية التي تقوم بها الحكومة اليوم دون أن يلتفتوا ولو بعين واحدة إلى أنواع الفساد الذي يجري مجرى الدم في الإنسان كالشيطان والحد من استمراره بالأصوات نفسها إذاً لماذا لا يقفون صفاً واحداً في وجه (الحرامية) الذين يسرقون أموال الشعب ( عيني عينك) وعددهم محدود جداً من مراكز النفوذ في السلكين العسكري والمدني وهم يسيطرون على ثروات الوطن دون خوف من الله تعالى ويكسبون المال الحرام من الوظائف الوهمية على نطاق واسع في العديد من المؤسسات التي تستنزف من الدولة المليارات من الريالات سنوياً واستخلاص الضرائب خارج النظام والقانون من مختلف النقاط الداخلية والخارجية على الحدود وفي مقدمتها ضرائب القات وغيرها من السلبيات التي تنخر البلاد والعباد من كل جانب.
إلى متى سيظل الصمت الرهيب على بقاء الرشوات واتساعها في كافة الأجهزة الحكومية وانتهاكات حقوق الإنسان الموروثة من النظام السابق وبقاء المظلومين في السجون مع أطفالهم من النساء دون حكم أو من انتهت أحكامهم دون إفراج إضافة إلى حقوق المرأة المنقوصة والتعامل السلبي مع قضايا المواطنين المقدمة إلى المحاكم وعدم البت فيها ناهيك عن تفجيرات أبراج الكهرباء وأنابيب النفط والغاز .. أليست من ممتلكات الشعب؟ إن قوى الفساد ما لبثوا يقفون بالمرصاد وهم يمارسون أنواع التخريب والدعاية للنظام ومختلف قرارات الحكومة الانتقالية التي تخدم الشعب في مواقع العمل والإنتاج ويعتبر السكوت والصمت وعدم المطالبة بوقف النزيف الاقتصادي أحد أشكال الفساد والتآمر على الوطن يتحمل المواطن ولو جزئية منه حين لا يساهم في الإبلاغ عنها أو رفع الأصوات والاستنكار لأشكال التهريب والتخريب.
لقد استطاعت اليمن الخروج من حرب أهلية كانت على وشك الاندلاع على طول وعرض البلاد ونجحت في عملية تثبيت الاستقرار الأمني إلى حد كبير وتشكيل حكومة انتقالية محددة زمنياً تليها انتخابات رئاسية وبرلمانية بعناية المجتمع الدولي والإقليمي تتجه إلى بناء دولة مدنية حديثة وتمكنت الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والمرأة والشباب من بناء السلم الاجتماعي الذي جعل الوطن في بر الأمان على طريق تحقيق المبادرة الخليجية وما تضمنت من خطوات وقرارات تعالج كافة الأوضاع العالقة في المجتمع كان أبرزها مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي انتهى بنجاح منقطع النظير واليوم وقد مضت سنتان من قيام الثورة المباركة نحن مطالبون أكثر من أي وقت مضى بالاصطفاف الوطني العام بجدية واهتمام لمتابعة تنفيذ مختلف القرارات التي تعود بالفائدة والنفع للشعب عامة والسؤال لماذا لا يرفع الناس أصواتهم عالياً للمطالبة بتنفيذ قرارات مؤتمر الحوار التي بلا شك سوف تقضي على أصحاب المشاريع المشبوهة التي تقف حجر عثرة في طريق الدولة خوفا من فقدان معالمهم الشخصية من تلك القرارات المتضمنة استخراج الثروات الطبيعية في باطن الأرض وتوسيع رقعة الزارعة والاستخدام الأفضل لها وغيرها من القرارات وينبغي أن يكون الشعب على مستوى عال من اليقظة والمسؤولية ويدرك تماماً مصلحته العليا والدفاع عنها ومن غير المعقول أن يظل الشعب محلك سر ويقف مكتوف الأيدي إلى ما لا نهاية دون التصدي لكل أنواع التخريب والتهريب في الوطن.
إن الشعب الذي أطاح برموز الحكم الاستبدادي والأتباع من فلول النظام السابق يستطيع أن يعلنها ثورة من جديد صوب القضاء على الذين يتاجرون بمقدرات الشعب وتقديمهم إلى المساءلة القانونية ومحاسبتهم على كل فلس ضاع من أموال الدولة فإرادة الشعوب لا تقهر ولنا دروس وعبر من تجارب ثورات الربيع العربي من كل زاوية وباب.
مشتقات النفط بين مطرقة التخريب وسندان التهريب
أخبار متعلقة