ما نفتقده في الوطن هي العدالة الاجتماعية التي جعلت الجماهير تصرخ مطالبة بتحقيقها .. مشاكلنا ومعضلاتنا التي نراها اليوم هي نتاج غياب هذه العدالة ومن يسعون بكل وسائلهم لإعاقة تحقيق نسبة مقبولة من العدالة هم من يرتجفون بمجرد سماع لفظ كلمة العدالة.. ترعبهم لأنهم أعداؤها ومن غيبوها دهرا ليعيثوا بالأرض فسادا هم اليوم يصطفون ضد تحريرها يعيقون بزوغها لتنصف المظلومين وتكشف الظلمة وتحاسبهم اليوم يُعرف الظالم من المظلوم والمنتهك من المنهوك والمصلحي الأناني الذاتي من الوطني المدافع عن القضايا العامة والمشاريع الوطنية الكبرى ومن يرى نفسه مواطناً بسيطاً في وطن كبير يستوعب 25 مليون مواطن وأكثر ومن يرى انه الوطن والثورة والوحدة وغيره لاشيء.
مهما كانت مآسينا اليوم قادرون على تحملها بمجرد أن نرى هذه الأصنام تتهاوى ومشاريعهم تنهار وهم يفضحون أنفسهم وتنكشف نواياهم بأعمالهم سنتحمل كل أعباء التغيير مادام يسير مسارا صحيحا ومحصلته النهاية دولة مدنية اتحادية عادلة لا وجود فيها للفساد والمفسدين ولا وجود للظلمة والمستبدين ولا وجود لاستغلال الزعيم لعواطف الجماهير وأحقادهم لمصلحته (الديماغوجية) ولا للأقاويل الخالية من الجد والرصانة (السفسطائية) ولا للبيروقراطية والديكتاتورية ما دمنا نؤمن بمبدأ التغيير في كل جزء من النظام الاجتماعي والسياسي القائم (الراديكالية) تغير صادق يتصل بالأصول و السلوك والثقافة ثم تغييرا للنظم والقوانين لنصنع يمناً جديداً لنعيش ونتعايش فيه معا بالعدل والمساواة والحرية .
المظالم كثيرة وقد تحدثنا عنها بإسهاب وفي الحوار صنفت وعُددت ودونت مهما تنكروا لها فهي مظالمهم وانين المظلومين يطاردهم وضمائرهم رغم ضعف نبضها بالحياة لكنها تؤنبهم كل ما ترونه هو كبر وعنجهية ومحاولة يائسة للتنصل مصيرها الفشل لا محالة. اليوم نتذكر صورة من سجل ظلمهم زرعوها داخل المجتمع ولكنها لم تأخذ مجالها للنقاش لتزاح من على كاهل المواطن وهي التمايز بالراتب والمستحقات والحقوق للموظف الحكومي كحد أعلى من يستلم 300 الف ريال شهريا وحد أدنى من يستلم 20 الف ريال شهريا فارق كبير اوجد ظلما واضحا بين موظفي الدولة وخلق طبقة من الموظفين تعيش رغد العيش وطبقة تحت مستوى الفقر وغابت المواطنة المتساوية البعض يبررها بالمؤهل ونحن مع التمايز بالراتب وفق المؤهل الدراسي والمهني على أسس صحيحة على أن نقلص الفارق بنسبة التمايز وتضييق الفجوة بين الطبقات الاجتماعية.. ما اوجد هذا التمايز هو شراء ذمم النخب المثقفة والأكاديمية ليكونوا تحت رحمتهم من يفتح فمه ويتجاوز فكره الخط الأحمر يهبط إلى الطبقة ذات المرتبات الدنيا وهناك تمايز واضح ومفضوح لنفس حاملي المؤهلات والخبرات من مؤسسة لأخرى وكأننا لسنا خاضعين لنفس القانون ونعيش نفس الظروف والواقع هل ممكن ان يوجد قانون ينصف الجميع ويسري على الجميع دون تمايز في المستحقات والضمان الصحي والاجتماعي ما دمنا نعيش في الوطن ذاته ويسري علينا نفس الواقع والظروف.
لنأخذ مثالا: تربوي تخرج من ثانوية عامه واخذ جميع دورات التأهيل التربوي بإشراف منظمات دولية ومركز البحوث التربوي، وتربوي خريج معهد المعلمين الذي يعادل الثانوية بعد ما كان يسمى بالإعدادية بمعدل ضعيف راتبه يفوق راتب الأول وان كان بمستوى علمي ومعدل ممتاز وتأهلا تأهيلا كافيا أليس هذا ظلما وهكذا بالنسبة لخريجي المعاهد الأخرى التجاري والمهني وهل دورات التأهيل أثناء الخدمة لا أهمية لها فما فائدتها ما لم تكن وسيلة ليرتقى الموظف مهنيا وماديا وترفع من شهادته العلمية .
باختصار قانون الخدمة والمعاشات فيه الكثير من التمايزات وعليه نحن بحاجة لإرساء العدل ليعم الجميع وينهي أي تمايز كان في الراتب والوظيفة والضمان الصحي والاجتماعي: هناك مؤسسات تعالج موظفيها وأولادهم وأسرهم وهناك مؤسسات لا تقدم شيئاً يذكر في هذا المجال ونحن في وطن واحد الخير يجب ان يعم لا يخص وما دمنا بصدد إعداد نصوص الدستور علينا أن نهتم للنصوص التي تعمم الخير والعدالة بين المواطنين لنرسي المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات والله الموفق .
لإرساء المواطنة المتساوية
أخبار متعلقة