لقد رأيت وزارة الخدمة المدنية ومكاتبها في المحافظات كعادة متبقية من فترة بعيدة في تقديم تقاريرها السنوية حول مستوى الحضور والغياب بعد إجازة عيد الفطر المبارك ولمدة ثلاثة أيام وبعد إجازة عيد الأضحى لمعرفة المستوى العام كتقليد إداري بحت وثابت من خلاله يتم التعرف على مستوى الانضباط لكل العاملين في أجهزة الدولة دون أن تتخذ الإجراءات اللازمة التي جاءت من أجلها أول العمل بمبدأ العقاب والثواب من خلال أساليب التكريم الجماعي أو الفردي كأسلوب تشجيعي يحفز العاملين على الانضباط حيث نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً فهي تكتفي فقط بنشر التقارير في أجهزة الإعلام المختلفة وكفى الله المؤمنين شر القتال .
وبغض النظر عما إذا كانت التقارير إيجابية أم لا فإن ما يهمنا في هذه الزاوية هو أن ظاهرة الغياب لا تقاس بتقرير سنوي كهذا ، بل بتقارير يومية وأسبوعية فشهرية ، وهذا العمل ظل مفقوداً في نشاط مكاتب الخدمة المدنية وينقصها بوضوح لا جدال فيه ، كما أنها لا تعمل على تنويع تقاريرها بحسب التطورات الجارية في البلاد برغم من تواجد مندوبين يمثلون الخدمة المدنية في المجالس المحلية بالمديريات دون أن يقوموا بواجبهم تجاه عملية انضباط العاملين في أجهزة الدولة ولا ندري ما هي مهامها على وجه الدقة، فلو عملت خطة نزول لقياس مدى الانضباط بصورة دورية سوف ترى العجب العجاب وتفقد توازنها من ظاهرة الغياب.
ويقيناً أن الظاهرة التي توسع مداها إلى درجة لم يعد يقبلها القانون و يتحمل مسؤوليتها القيادات المباشرة على العاملين في المرافق كافة التي تعاني من غياب الاهتمام وضعف المتابعة وأصبحت المسالة كمن يقول : من يتابع من ؟! صحيح أن هناك تعاوناً في مستوى الانضباط من مؤسسة إلى أخرى إلا أنه من غير الصحيح أيضاً أن تظل الظاهرة مرهونة برموز الفساد ويترك الحبل على الغارب دون تحديد موقف واضح وشفاف من العمل ومحاربة الخلل الذي لا شك أنه سوف يعكس نفسه على تدني مستوى العمل والإنتاج ويؤثر بالتالي على الوضع الاقتصادي برمته .
ولو عملت الخدمة المدنية بواجب الرقابة لمستوى الحضور والغياب بطريقة متطورة ومختلفة عن سابقاتها من أجل معرفة النواقص بصورة مبكرة لكان الوضع اليوم أفضل لا أن يتم ترك الأمور دون حلول ناجعة وفي نهاية العام تتعرف على مستوى الانضباط دون اتخاذ الإجراءات العقابية المناسبة وهذه مسألة مؤسفة من حالة التقصير وعدم التغيير في عملية التطوير وإذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة أهل البيت الرقص.
والمعلوم أن الشيء بالشيء يذكر فالعامل له حقوق وعليه واجبات وتحكمه أنظمة وقوانين في كل مؤسسات الدولة وإذا لم يجد من يراقبها ويشرف عليها تراه يبدع في خلق الأعذار والاعتذار في الدوام الرسمي لأنه يدرك تماماً بأنه لن يتعرض للسؤال أو المحاسبة على مواقفه من الحضور والغياب وتصبح الحالة غاية في الخطورة ومن البديهي أن يتم تقييم العمل من خلال الأداء الذي يقدمه في العمل وهي مسألة لا تقل أهمية عن غيرها إذا أدركت القيادة الإدارية دورها تستطيع أن تؤدي مهامها كما ينبغي مع الأخذ بعين الاعتبار تحفيز من يستحق ذلك ومن هنا يتم معالجة الظاهرة بأسلوب تدريجي حتى تصبح قاب قوسين أو أدنى أو يجدوا أنفسهم في قائمة الإجراءات التي قد تصل مرحلة الخصم من الراتب ، أما إذا ظلت الأوضاع محلك سر بدون معالجات سوف ترتفع نسبة الغياب والتسرب من المرافق كما هو حاصل اليوم بدون مبرر سوى غياب الحسم لجميع المخالفات الإدارية ، كما أن من غير المعقول أيضاً أن تظل مكاتب الخدمة بحالة رتيبة من العمل الروتيني الذي لا يفيد بشيء وبدون لمسة تطوير وأصبحت تشكو حالها دون النظر إلى أوضاعها غير المعهودة حيث لا يزال التسيب في مرافق العمل على مصراعيه يعاني الأمرين وينتظر من يعالجها ويعافيها من أمراضها التي أصابتها وظلت تعاني وتسحب نفسها على عدد من التساؤلات التي بحاجة إلى إجابات هل اكتفت الخدمة المدنية من مراقبة الدوام كل سنة مرتين ؟! وما هي الإجراءات التي تقوم بها ؟ ولماذا لا تراقب الدوام بشكل يومي عبر المندوبين والمجالس المحلية بالمديريات؟!.
الخدمة المدنية والرقابة السنوية
أخبار متعلقة