عندما أدرك الشعب اليمني بحصافته المعهودة عبر التاريخ ضرورة تحقيق الوحدة اليمنية بين شطرين ودولتين منفصلتين نهض من شماله وجنوبه وشرقه وغربه بكل ما يملك من قوة لا تنكسر أو تنهزم وعزيمة لا تلين ليجمع قطبي الشتات في العالم ومختلف فئات المجتمع لتقود المسيرة نحو المستقبل الذي ينتظره الجميع بتفاؤل منقطع النظير وعمل متواصل سبقته جهود القوى الوطنية في الساحة اليمنية يشاركنا فيها العديد من الدول الإقليمية والعالمية هذا الإنجاز العظيم والمشهود بلا حدود فرحين بما آتاهم القدر الرباني والذي أصبح يعبر تعبيراً صادقاً لكل القوى الحية التي تجاوبت دون تردد بكل الوسائل المتاحة لتدعم مسار الوحدة اليمنية في الاتجاه السليم وبما يؤمن خارطة طريق ترسم المستقبل وملامحه الجديدة والوضاءة ذات أبعاد ومفاهيم تخدم كافة فئات الشعب.
لم يكن قيام الوحدة محض صدفة أو تحكمها أمزجة شخصية من قبل أفراد أو جماعات، بل كانت اليمن وستظل موحدة بحماية شعب قد حسم أمره عن وعي تام وحقيقي ، وعزم على تقرير المصير منذ بداية تأسيس القوى الوطنية في القرن الماضي وضحوا بالغالي والنفيس بالشباب الحر الذي يحمل مؤشرات البناء من أجل قيام دولة النظام والقانون التي تؤسس على العدالة الاجتماعية والمساواة والحرية بين الشعب الواحد عندما كان الطريق شاقاً وطويلاً غير ممهد ومليئاً بالأشواك والعقبات ، ومع ذلك تجاوب الناس من أجل الوصول إلى نتائج طيبة وملموسة تجمع الأمة اليمنية في دولة واحدة تبني بيد وتحمي الوطن باليد الأخرى بعد أن استمرت المعاناة بمختلف أنواعها تقف أمام كافة الوطنيين الذين عرفوا طريقهم في اتجاه التغيير غير آبهين بالعملاء والخونة المحليين الذين يبيعون ضمائرهم بأبخس الأثمان من أجل أن يعيشوا على حساب البسطاء والفقراء والمعدومين.
حقاً لقد استطاع الشعب اليمني أن يحمي وحدته وتمكن من تحقيق الانتصارات في كل موقع من الوطن وردع كل من تسول له نفسه بالتمادي في حق الوحدة أو أي محاولة للمساس بها واستطاعت الأجيال المتعاقبة أن تتقدم باستمرار نحو تحقيق الأهداف التي رسمها الثوار من الصفوف الأولى وما بعدها وعملوا على تأسيس تنظيمات سياسية تؤمن بوحدة اليمن وتقدمه ، ولم يكن من السهل الوصول إلى تلك الأهداف إلا بعد تضحيات عظام من اليمنيين الذين قدموا حياتهم فداء للوطن وكانوا في مقدمة الصفوف واستشهدوا في سبيل اليمن الجمهوري وحمايته من كل الدخلاء المدسوسين الذين يحاولون النيل منه وإعادته إلى زمن الجهل والتخلف الذي رفضه الشعب قطعاً حيث أعلن ثورته ضد الظلم والاستبداد في مرحلة تاريخية فارقة من الزمن وأثبت بشجاعة لا مثيل لها في ثورات الشعوب أذهلت العالم بعظمتها ونجاحها. وعندما انتصر الشعب اليمني على المرتزقة أثناء المواجهات المسلحة معها ظلت الحرب على الجمهورية الفتية الأم منذ ولادتها واتجهت على مسارين الأول في رابعة النهار تتظاهر بالروح الوطنية المبالغ فيها والأخر في ظلام الليل تواجه بعدوانية شرسة بكل ما لديها من تجمعات وفلول وقبائل مسلحة تدعم من الخارج لتقوم بعملية القتل في كل الطرقات حتى فشلت كل المؤامرات.
واليوم عادت الوحدة شامخة بثوب قشيب وبقوة لا تلين تحمل في طياتها مستجدات الأحداث التي أفرزت مطالب ثورية جديدة من قبل الشعب الذي ناضل وقدم التضحيات من اجل بناء الدولة المدنية الحديثة في ضوء مخرجات الحوار الوطني الشامل الذي جمع في المؤتمر (565) شخصية سياسية من مختلف فئات المجتمع في الجمهورية لتحدد مسار اليمن واتجاهاته المستقبلية الجديدة وفق هوية يمنية خالصة وأصيلة تنشد الرخاء والمحبة والسلام في العالم بعد الاستفتاء الشعبي للدستور الجديد والانتخابات الرئاسية والبرلمانية في العام القادم 2015م وبذلك تكون اليمن قد دخلت التاريخ من أوسع أبوابه وتجاوزت الصعوبات بحكمة الشباب الواعي والقيادة الحكيمة للدولة.
خارطة طريق مستقبل اليمن
أخبار متعلقة