لا أدري لماذا يـحصـر الشباب في زاوية ضيقة جداً اسمها ( الرياضة )، فتجد وزارة الشباب قُـرنـت بالرياضة، وتجد الإعلام اليمني المقروء ينزل الشباب إلى صفحة رياضية تحتل الورقة الأخيرة لأية صحيفة، وكذلك في الإعلام المرئي والمسموع يجعل الشباب غالباً في البرامج الرياضة التي تحتل أسفل قائمة البرامج الإذاعية والتلفزيونية.
هذا التعامل مع شريحة الشباب أوجد صورة ذهنية لدى عامة الناس ومنهم الشباب أن الشاب لا يـمكن أن يكون مـبدعاً إلا في الرياضة، وألْـغت هذه الصورة النمطية القاصرة مفهوماً أوسع وأشمل للشباب، وهو ما ساهم في عزوف الشباب عن مجالات الإبداع الأخرى من جهة، وساهم في تعالي الشباب المـبدعين في المجالات الأخرى من الانخراط في المجال الرياضي من جهة ثالثة.
إنني لا أقلّـل من أهمية الرياضة في حياة الشباب، وتنميتهم ذهنياً، وجسدياً، ومعيشياً، ولكن الشباب كلمة أوسع من أن تحتويها مـفْـردة أو مجال مـعين أو موضوع.
الشباب طاقة متجددة في كل شيء، فأينما وجِـدوا أبدعوا، وأينما حضروا أفادوا، وأينما حـلوا أعطوا للحياة حيوية وإشراقاً، وبالشباب أنفسهم يكون الحاضر أكثر بهاء، والمستقبل أجمل نقاء.
الشباب أمل يسكن وطن، ووطن يحتل سويداء قلبهم.
الوطن بكل تفاصيله هوائه وترابه، مواطنيه، صحاريه وجباله، جغرافيته وتاريخه، منجزاته وتطلعاته، كلها معانٍ متعددة يحتويها وطن واحد يمكن لشبابه - بل يجب على شبابه - أن يكونوا عماد التطور والنمو والبقاء لكل هذه المكونات المؤسـسة لوجوده وكينونته بين أقطار الأرض.
وعندما يتعرض هذا الوطن لأي نوع من الأخطار فبالتأكيد أن الشباب هم في مقدمة الصفوف للدفاع عنه والتصدي للمؤامرات والدسائس التي تـحاك ضده.
وليس بالضرورة أن يكون التصدي والمقاومة لهذه الأخطار بالسلاح أو بالدم والبدن، فالمقاومة لها أنواع عدة، وأشكال مختلفة، تتراوح أهميتها حسب نوع الخطر الذي يتعرض له الوطن، بل إن بعضها وفي ظروف معينة قد يكون أهم من المقاومة المسلحة.
وما يـمـر به اليمن اليوم من الظروف والمشاكل والمنغصات يستلزم نجدة من كل مكونات الشعب، لا سيما منهم الفئات المتعلمة، والشخصيات القيادية، وأهمها على الإطلاق الشباب.
إن اليمن يواجه أخطاراً في شماله وجنوبه ووسطه، وتبقى فتنة الإرهاب أشد تلك الأخطار التي تضرب في كذا مكان في الوطن.
والإرهاب أيـاً كان شكله أو نوعه فهو آفة تأكل في جسد أي وطن تستوطنه، وترده خراباً بعد عمران، وأثراً بعد عين .
وهنا يكون الشباب في المـحـك، فماذا سيكون رد الفعل؟ أنكتفي بالمشاهدة وإلقاء المسؤولية على الكبار سواءً كانوا شيوخاً أو مشايخ؟ أم سنذهب إلى خانة التنديد والشجب والاستنكار كما هي عادة العرب منذ قرن خلا؟
لا أظن أن أي جسد مسكون بروح الشباب سيكون في هذه الخانة أو تلك ، فالواجب يحتم علينا أن نكون مبادرين وألا ننتظر حتى نؤمر فننفذ. ناهيك عن أن نتخذ مواقف سلبية من أي نوع.
لذا يجب أن تكون زمام المبادرة بأيدي الشباب، فالواجب المبادرة إلى القيام بأي عمل لنساهم في حماية الوطن من آفة الإرهاب.
لـنـقـم بالتوعية من أخطار الإرهاب انطلاقاً من موقع أعمالنا، وداخل منازلنا، وفي سيرنا بالشارع، وعلى متن وسائل النقل، وأثناء وجودنا بالمطاعم، وعند قضاء أوقاتنا في النوادي لـنـنـبـه من تـبِـعات الانجرار وراء المتاهات التي تهدد مستقبل الوطن وتؤرق مضجعه.
لقد كانت التوعية في ما مضى وبوقتنا الراهن هي السلاح الأمثل لمواجهة خطر الإرهاب، والشباب هم خير من يستطيعون القيام بهذه المهمة.
والسكوت في مثل هذه الحال خزي ومهانة وعار لا يجدر بالشباب الوطني الغيور أن يوصموا به.
إن القيام بهكذا مهمة، لن يكلفنا شيئاً ويمكننا القيام به بأي وقت، وفي أي مكان.
لنتحدث مع المحيطين بنا، والذين لنا تأثير عليهم، ولنوصل لهم رسالة مفادها أن اليمن في حدقات أعيننا، والوطن أغلى من أن نتركه لقمة سائغة للإرهاب المقيت.
في المسجد - عزيزي الشاب - سواء كنت إماماً، أو خطيباً، أو داعية، أو مصلياً.
في عملك - عزيزي الشاب - سواءً كنت موظفاً، أو ضابطاً، أو جندياً، أو مزارعاً، أو رجل أعمال، أو صحفياً، أو كاتباً، أو مهندساً، أو طبيباً.
من جامعتك - عزيزي الشاب - سواءً كنت أكاديمياً، أو طالباً، أو إدارياً.
من مدرستك - عزيزي الشاب - سواءً كنت مُعلماً، أو تلميذاً أو مشرفاً اجتماعياً.
تستطيع أن تكون عنصر تغيير إيجابي في حركة الحياة، بل وتستطيع أن تكون محور هذا التغيير وأداته وأيضاً هدفه.
وفي السنة النبوية الشريفة لرسول الله صلَّى الله عليه وسلم، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلَّى الله عليه وسلم أنه قال: ألا كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع، وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهل بيته، وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسئولة عنهم، والعبد راع على مال سيده، وهو مسئول عنهم، ألا فكلكم راع مسئول عن رعيته. (متفق عليه).
فكلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، والوطن رعيتنا نحن الشباب وكلنا مسئولون عنه.
فالإرهاب آفة كبيرة، والوطن ضحيتها، والشباب وقودها، والخراب نتيجتها، والتصدي لها واجب، والشباب أولى من يحاربها.
*مندوب إتحاد الطلاب بقسم الصحافة والإعلام في كلية الآداب - جامعة عدن.
|
علاء بدر
لماذا نُـحَـمِّـل الجيش والأمن محاربة الإرهاب ونعفي شباب اليمن من هذا التكليف؟
أخبار متعلقة