نتوخى من الأحزاب اليمنية في بلادنا عدم استباق الأحداث والتصورات الفضفاضة والتهويل للأحداث، لاننا مازلنا نتهجى الحروف الأولى من الديمقراطية والحديث في الأمور شيء مفيد، وترسيخ الممارسة الديمقراطية بلا شك مبدأ يحرص عليه كل مواطن، وإذا كانت الأحزاب تتكلم باسم الشعب أو المجتمع، فمن حق المجتمع ان يسـأل الأحزاب والحزبية عن أحقية هذه الكلمة .. ولا جدال في ان هذه الكلمة ذات ابعاد مصيرية لكلا الطرفين ـ المجتمع والحزبية ـ لذا فهي تجعل بالضرورة للأحقية رد فعل مصيري .. وليست المسألة مسألة حوارات قبل ان تكون مسؤوليات مشتركة حتى يتوافر صدق المواجهة مع المواقف التي لا تسلم من الأخطاء بفعل الحماس والانفعال .. والحماس والانفعال هما من سمات الحزبية التي يقل رصيدها في المضمون ويتسع في الهوامش، لذا نجد شعارات ولا نجد أهدافاً إلا أهداف (المحاصصة في المناصب) والسعي من اجلها مهما كانت (المراحل طوال) .. ويمكننا القول ان الحزبية هي الدورة الدموية بين الشعب والسلطة، لذلك ترغب في ان تصل إلى السلطة كشرعية ديمقراطية مكتملة وناضجة ومنطلقة، وهو ما لا يصح ولا ينجح قبل النمو الحزبي ليتواجد الحزب في كل مكان له جمهوره وشعبيته، وبرنامجه ونشاطاته الحضارية البنائية لكل ما يخص المجتمع، ويجد الشعب مع هذا الانتشار كل ما يلزمه من اختيارات تعبر عنه وتحقق وجوده وذاته وتفاعله.
من هنا تبرز حقيقتان لا تسبق إحداهما الاخرى هما الانتشار والسلطة، ويمكن هنا ان نسمح بأن يكون رأس الهرم إلى أسفل إذا كان الطفل يمشي قبل أن يولد وينجح في حياته قبل ان تكون له حياة .. والممكن بدون أولويات وترتيب له مجالاته الخاطئة بمنهج اللا معقول والمغالطات، وهو ما نأباه لحزبية بلادنا وديمقراطيتها.
ومن حق الأحزاب ان تسعى للانتشار وان يكون اعضاؤها باعداد كبيرة وليس بالعشرات ثم تأتي تطلب السلطة بل ان السلطة هي التي تسعى إليها وتطلبها .. ومن مسؤولية هذا الانتشار تحمل مشاقه واستساغة مرارته المنبثقة من ظروف وطريق الكفاح ويكون حقاً على الحكومة ان يجد فيها الشعب والأحزاب النصير للتفاعل الديمقراطي السليم وليس من حقها ان تعيق وتعقد حركة الحياة الحرة وحرية الحياة .. وان فعلت فانما ترتكب الخطأ الذي تدان عليه من الجميع باسم الشعب والأحزاب.
الحمد لله ان الاحزاب قد تكونت في بلادنا باعداد كبيرة، إلا ان الكثير من الناس يتساءلون عن واقع هذه الأحزاب؟ هل في كواكب اخرى؟! وهل هذه الاحزاب لازالت باسمائها القديمة أم باسماء جديدة ولافتات معدلة طالما قد طرحت نفسها من خلال التقيد بقانون الاحزاب الذي يتطلب تعديله على ضوء وجود الاقاليم الجديدة واليمن الجديد على ان يراعى في هذه الاحزاب عند تشكيلها الجديد في ظل تشكيل الاقاليم اليمنية الجديدة كل شيء من جديد، كل اقليم يشكل حزباً أو حزبين فقط حتى يتأكد الجميع ان الممارسات الفوضوية قد انتهى دورها والتقيد بمسؤولية باللوائح والأنظمة وقانون الاحزاب الجديد والضوابط المرعية التي سوف تحتوي القانون حتى لا تتعرقل وتعمها الاختلالات نتيجة لبعض التصرفات المنافية للديمقراطية .. مطلوب من جميع احزابنا وتنظيماتنا السياسية ان يراعوا ان نظام الاقاليم يعد تقسيماً ادارياً وليس سياسياً الغرض منه تلبية الاحتياجات الاساسية ومتطلبات الحياة من مقومات الحياة الأساسية لكل اقليم وتوفير الأمن بعيداً عن الصراعات المصطنعة الهوجاء ..
ونحن ندخل هنا التغيير الجديد مطلوب من الجميع وخاصة احزابنا اليمنية والتنظيمات السياسية الترفع عن كل الصغائر والخلافات والمهاترات الهامشية وعدم التذبذب في المواقف المصيرية، والعمل على كل ما من شأنه ترسيخ الوحدة الوطنية وعلى قادة احزابنا ان يعرفوا بانه اصبح في عهدنا الحالي جمهورية اليمن الاتحادية الديمقراطية لا مجال فيه للمزايدات والمكايدات والدسائس لأن كل هذا ذهب وراح مع المغالطين من ذوي الوجوه المتلونة نريد اليمن الاتحادية بتوجه جديد ونظام جديد وكل شيء من جديد لكون كل دول المنطقة العربية والأجنبية تراقب عن كثب تجربتنا الجديدة فيما يتعلق بالدولة الاتحادية الجديدة ونحن نعيش في زمن تداخلت فيه الخطوط بين الصواب والخطأ وذابت الحدود بين الأبيض والأسود .. لكن ماذا نقول لبعض دعاة المذاهب السياسية الذين لا تنطبق كلمة واحدة من شعاراتهم المدوية على سلوكهم؟ وعليهم ان يستفيدوا من تجارب الدول التي حولنا في الشرق والغرب في ادارة مثل هذه الامور والنظر إلى الافكار التي كانت لديهم مقدسة واصبحت الآن على الأقل محل نظر وعليهم ان يتجاوزوا كافة السلبيات التي حدثت في الفترة الماضية لأن (ما فينا يكفينا).
الأحزاب ومسؤولية المرحلة المقبلة
أخبار متعلقة