أنهى مؤتمر الحوار الوطني أعماله في الحادي والعشرين من الشهر الجاري بعد جلسات دامت عشرة أشهر تقريباً وما تخلله من مواقف عصيبة كادت تودي بالوطن إلى نفق مظلم لولا إصرار الأخ الرئيس عبدربه وعزيمته التي لا تلين والتزامه الأخلاقي النبيل على إنهاء المؤتمر بين المتحاورين بنجاح فاق كل التوقعات، الأمر الذي يجعلنا ننظر بإعجاب لما جسدته حالة الاصطفاف الوطني لكل مكونات المجتمع انطلاقا من إيمانها وولائها لوطنها باعتباره أقدس وأنبل هدف لابد من الانتقال به إلى مرحلة جديدة بهدف صنع المستقبل المشرق وبناء الدولة اليمنية الجديدة المبنية على أسس ديمقراطية يسودها العدل والمساواة والتوزيع العادل للثروة بين كافة أبناء الوطن اليمني.
إن اختتام أعمال المؤتمر قد جسد بما لا يدع مجالاً للشك ذلك التوافق الوطني بإقرار كافة المكونات السياسية لوثيقة ضمانات تنفيذ مخرجات الحوار وبيانه الختامي.. كما يشكل اختتام المؤتمر بتوافق الجميع إنجازاً تاريخياً لقيادتنا السياسية وشعبها اليمني التواق لوطن يمني جديد يسوده الرخاء والاستقرار في كل ربوعه ونجوعه. وهذا مطلب كل أفراد الشعب اليمني لأن هذا النجاح الساحق قد قلب الموازين رأساً على عقب عند قوى الظلام التي عملت طوال فترة انعقاده على إفشاله بشتى الأساليب من خلال العنف والقتل والتدمير وعمليات التخريب المستمرة لأبراج الكهرباء وتفجير أنابيب النفط وما سببته من خسائر فادحة أثقلت خزينة الدولة لإعادة ما خربته تلك الأيادي الغادرة.. لم يكن ذلك فحسب وإنما طالت أياديها الملوثة بالدماء الأبرياء وأبناء القوات المسلحة والأمن والمواطن وبث الرعب بين أبناء الوطن اعتقاداً منها بأنها بهذه الأعمال الدنيئة ستتمكن من إفشال المشروع الحيوي المهم الذي انتظره أبناء الشعب اليمني بفارغ الصبر، إلا أن تلك المشاريع اللا أخلاقية أثبتت فشلها الذريع أمام تلك الإرادة والإصرار لمكونات الحوار وشكل هذا النجاح الساحق الذي توج باختتام المؤتمر ضربة موجعة في جسد تلك القوى الظلامية ومن تحالف معها لإعادة الوطن إلى العصور الوسطى لقد فشلت تلك المشاريع الظلامية وفشلت معها المشاريع الأنانية الضيقة وانتصر الحق لكل أفراد الشعب المحب للحرية والعزة والكرامة وبناء اليمن الجديد على أسس حديثة.
إننا اليوم ونحن ندشن مرحلة انتقالية جديدة نأمل من قيادتنا السياسية أن تعمل بروح جدية وبأمانة المسؤولية التي منح الشعب ثقته فيها أن تعمل على تشكيل الحكومة بعد إقرار الدستور وفقاً للكفاءات بعيداً عن الولاءات الحزبية والانتماءات القبلية أو الوصايا.. لأن المحاصصة الحزبية ستشكل عائقاً أمام الأداء الحكومي وكذا الانتماءات القبلية ستتحول إلى فساد حكومي محض.. غير أن حكومة الكفاءات ستتمكن من تفعيل كل الأجهزة التنفيذية بمرونة وبدون عوائق أو مشكلات وسينعكس ذلك على تحسين معيشة المواطن وأمنه واستقراره.
لعلنا قد أدركنا جميعاً ما أكده الرئيس عبدربه منصور هادي في كلمته بعد تسلمه الوثيقة النهائية أمس من أطفال اليمن خلال وقائع الاحتفال باختتام الحوار الوطني الشامل لقد أكد الرئيس “ أن الوثيقة مسؤولية كل يمني مسؤولية أعضاء الحوار وعلى كل يمني أن يعرف أنه مسؤول عن تنفيذ هذه الوثيقة وليس الرئيس وحده مسؤولاً عن تنفيذها” والحقيقة أننا اليوم مسؤولون جميعاً عن تنفيذ الوثيقة بكل تفاصيلها مسؤولون كل من موقعه عن بناء الوطن اليمني الجديد انطلاقا من تنفيذ بنود الوثيقة التي خرج بها مؤتمر الحوار الوطني الذي وقف على مدى عشرة أشهر أمام قضايا عميقة وتحديات جسام عاناها جميع أفراد الشعب اليمني.
اختتام المؤتمر ومسؤولية التنفيذ
أخبار متعلقة