الحديث عن التربية والتعليم طويل ومتشعب خاصة بين أوساط المختصين بالتربية والتعليم، والحال نفسه مع الطلاب أيضاً في كل المراحل الدراسية والأسباب غير واضحة المعالم حتى يومنا هذا إلا ما تيسر من معلومات ذات مصادر محلية حيث لايزال الاجتهاد على مصراعيه في جوانبه المختلفة بهدف تجاوز الظواهر المرضية من وقت لآخر ، إلا أن الهموم تظل في النهاية واحدة وأمراً واقعاً رغم كل تقدم في هذا الجانب ، وقد أخذت في التوسع الأفقي كونها أصبحت هاجساً وقلقاً للعديد من الآباء حول مستقبل أولادهم التعليمي المجهول والوضع الحالي يقدم لنا نموذجين : الأول في الجانب التربوي الذي يضع أمامنا أسئلة عديدة أبرزها هل تمكنت الوزارة المختصة من تخطيط وتنفيذ برامجها التربوية تجاه الطلاب من مختلف مستوياتهم ومراحلهم الدراسية بصورة ناجحة؟. حيث لايزال الكثير من المدرسين والآباء على السواء يشكون من تدهور سلوكيات الطلاب داخل المدرسة وضعف استيعاب الدروس الملقاة لهم ناهيك عن استعدادهم للاختبارات الدورية والامتحانات النهائية، والغياب بدون مبرر، إضافة إلى هروب البعض أثناء أوقات الدراسة .. يا ترى من يتحمل المسؤولية، الأسرة أم المدرسة؟ سؤال بحاجة حقاً إلى إجابة.
أما النموذج الثاني فيرتبط بالجانب التعليمي حيث لم تتمكن الوزارة بالفعل من وضع أسس التعليم من خلال المناهج الدورية وتوفير الكتب الدراسية بدون نقص كما عودتنا ذلك في كل عام دراسي ويبدو أن المستويات العامة للتعليم لاتزال متدنية وظاهرة الغش والفساد هما الأبرز و( على قفا من يشيل ) تقوم بها جماعات وأفراد للوصول إلى النجاح المزعوم والوهمي باقصر الطرق حتى وصلت الأمور إلى درجة يصعب السكوت عنها ولا يعرف لها طرف والنتيجة ظهور شهادات غير مقبولة من حيث مستواهم في القراءة والكتابة من مختلف المراحل الدراسية الابتدائية والثانوية.
أما بقية المواد الأخرى فحدث ولاحرج وشتان بين الأمس واليوم، ما يهمنا اليوم هو ما يتعلق بدور المعلم بصورة مباشرة وما يمكن أن يقدم من عطاءات تساعد الطالب على الفهم والاستيعاب بالطريقة المناسبة والملاحظ أن العديد من الطلاب يشكون باستمرار من ضعف إيصال المناهج والدروس من قبل المعلم وفقاً للتخصصات والمؤهلات التي يحملها المعلم في شهادته حيث يقوم بتدريس حصص أخرى غير التخصص وبالتالي تصبح المواد الدراسية المقدمة للطلاب محدودة الفائدة بحاجة ماسة إلى إعادة النظر.
وباختصار هل تمكن المعلم بالفعل من القيام بدوره كما ينبغي، وهل هناك تقييم جاد عن طبيعة عمله؟ كما أن دور الموجهين في مراقبة وتقييم نشاط المعلم بحاجة إلى إعطاء المزيد من الاهتمام وعدم ترك الحبل على الغارب حتى لاتظل المؤثرات غير المرضية مستمرة على الطلاب وحتى لايبقوا على الهامش في الحياة التعليمية، أما إذا تطرقنا إلى الناحية الوظيفية في التعليم وامتيازاتها فسوف نجد أن هناك تحسناً معيشياً ملحوظاً عند حصوله على قانون المعلم وطبيعة عمل وفق الإجراءات المعمول بها، ولا اعتراض عليها البتة، والسؤال المهم هل كل ذلك ساعد على تطوير العملية التعليمية للطلاب أم إنها جاءت بنتائج عكسية والحقيقة المرة أن تلك الزيادة قد عكست مستوى متدنياً عاماً وأوضاعاً مؤسفة لا يرضى بها أحد لماذا؟ ربما تعود الأسباب إلى العشوائية في التخطيط من قبل قيادة التربية والتعليم والأطراف المرتبطة بالعملية التربوية التي عملت على تحسين أوضاع كل من يحمل صفة المعلم دون النظر إلى المؤهل العلمي والثقافي الذي معه وما لديه من قدرات وعطاءات تجاه الطلاب بمعنى أنه لم يتم وضع أسس علمية وفنية دورية تساعد على معرفة إيصال الدروس بطرق ناجحة من عدمها ومستوى الانضباط والحضور كل ذلك قد ساعد على إفساح مجالات الفساد والدخول من أوسع أبوابه حيث يفترض مواجهته بشتى الوسائل وتقييم عملية الاستحقاقات من خلال دراسة تطبيقية ومعرفية للحصول على معلومات واسعة عن هذا المعلم أو ذاك الذي ظل البعض لا يستطيع أن يقدم إلا وفق ما تيسر له من علوم مخزونة عفى عليها الزمن والكثير منهم لايزال تنقصه الثقافة العامة والاطلاع على كل ماهو جديد ومفيد وبالتالي سوف يعكس دوراً سلبياً يسحب نفسه على كل المستويات ، علماً أن المسوحات التربوية السنوية كشفت بوضوح مما لا يدع مجال للشك عن مؤهلات المعلم من مستويات ثانوية وما دونه بنسبة كبيرة ومع ذلك لم يتم الاستفادة لمعالجة ذلك وتأهيل أفضل.
ولهذا مطلوب تحمل المسؤولية من خلال تضافر الجهود من اجل النهوض بالتحصيل العلمي وإنقاذ ما تبقى من إيجابيات طيبة تحجب غبار العشوائية في عملية التخطيط والبرمجة من قبل المختصين وفي مقدمتهم القيادات التربوية ودور النقابات المهنية التي لا تقل أهمية ولها باع طويل في هذا المجال ودور متميز في المساهمة الفعالة من اجل تجاوز العيوب والنواقص في العملية التربوية والتعليمية على المدى الطويل.
المعلم بين الأمس واليوم
أخبار متعلقة