يبدو أن حكومة باسندوة التوافقية في جلستها الأسبوعية يوم الاربعاء الموافق 11 ديسمبر 2013م قد هونت كثيرا من شدة ومضاء الضربات القاتلة والصادمة التي يتلقاها الشارع اليمني بشكل متلاحق وآخرها الهجوم الإرهابي البشع على وزارة الدفاع والمجمع الطبي التابع لها الذي لم يستكمل بعد كشف وعرض سلسلة حلقاته الخيانية الإرهابية الدموية، والذي أسفر في دقائقه الأولى عن مقتل ما يقارب الستين مريضا ومرافقا وقاضيا وطبيبا وممرضا مدنيا اعزل بدم بارد. هذا الحادث او هذه الضربة التي لا شك ستكشف قادم الايام عما تضمنته وماترتب على وقوعها من فواجع وآلام مخيفة ومحيرة لم يكن متوقعا حصولها أو محسوبا له حساب .
لهذا فقد فضلت هذه الحكومة الموقرة البحث عن ضربة صادمة أكثر واشد إيلاما يرتقي الى مستوى ضعفها ويحاكي عمق ادائها العشوائي فلم يسمح لها ضيق صدرها انتظار من يقوم بتسديد الضربة المناسبة المنتظرة فأخذت تحت وطأة هذه الحاجة الملحة تستعد بكل قوة وجرأة واقدام غير مسبوق لتنفيذ هذه الضربة بنفسها وبقبضة يدها، حيث باشرت بالتشمير عن ساقيها وساعديها ململمة قبضتها ومتراجعة الى ركن الحلبة التي اعتادت تحديد اسلوب وشكل معاركها ومواجهاتها عليها بعد ان حددت الخصم والهدف الذي ستكيل لكماتها القاضية عليه، وهو مشروع عدن منطقة حرة التي وجهت بحملها الى داخل حلبة النزال والمواجهة، لا لتدافع عن نفسها وأهمية وجودها ولا لتحكي وتشرح ما لحق بها وفت من عضدها ولا لتمنح فرصة ولو اخيرة لتسمع صوتها واستنجادها لمن يريد ويرغب ويهتم بمد يد العون لها واعادة الاعتبار لها وتمكينها من الوقوف والفوز بالتقدم خطوة اولى صوب تعافيها ومعالجة جروح منيت بها منذ وقت مبكر من نشوئها ومازالت الى اللحظة، وانما تم قودها وإحضارها غصبا الى حلبة المواجهة كخصم تقليدي ومخضرم تم ترشيحه للإجهاز عليه وتجريده من اية ملامح واضحة يعرف بها.
وقبل ان يكتمل نصاب المراقبين والمقررين والحكام الذين تناسوا مؤجلين خلافاتهم وتبايناتهم مندمجين في تصور لحظة الانقضاض والبدء في مواجهة محسومة سلفا تقدم عليها الحكومة التي أرادت ان يكون وقع لكماتها القاضية على عدن أنكى وأشد وابلغ على الشارع اليمني عموما وسكان عدن تحديدا من تلك الضربة الموجهة ضد وزارة الدفاع ومجمعها الطبي الذي كان ابرز ما اتخذته الحكومة حياله التوجيه بالوقوف دقيقة حداد على من ماتوا ومن في طريقهم للموت على ذمة ذلك الحادث الذي مايزال قيد التحقيق والدفن.
إن هذه المواجهة التي قررت الحكومة الاتفاق على تنفيذها بنفسها وعلى نحو جرى فيه عدم الخضوع والالتزام لأية شروط أو قوانين وأنظمة تم سنها والموافقة عليها لإنجاح هذه المواجهة وغيرها وهو الأمر الذي سمح للحكومة بالقفز فوق الحبال والحكام لتنقض موجهة لكماتها المخالفة والمميتة لصدر ورأس وجذع عدن ولم تتوقف الا بعد ان القتها أرضا في حالة غيبوبة ووسط ذهول ودهشة من تناهى الى مسامعهم الخبر.
هكذا اذاً توقفت او كادت الحكومة في تحقيق رغبتها في الإجهاز على منطقة حرة بتسجيل النقاط التالية:
1ـ عدم الالتزام والرجوع الى القوانين والأنظمة الخاصة بالمنطقة الحرة عدن.
2ـ عدم دراسة وتبين وكشف المعوقات والصعوبات التي ظلت تواجه المنطقة الحرة وتعيق نشاطها وتحديد أسبابها ومصادرها والعمل على حلها ومعالجتها وفق قوانين جرى إصدارها ونشرها.
3ـ تجاهل دراسات ومخططات تم انجازها واعتمادها من قبل بيوت خبرة دولية وضعت لصالح تحويل عدن الى منطقة حرة.
هذه النقاط وغيرها التي تدرك الحكومة انه قد تم تعطيلها والالتفاف عليها نتيجة مماحكات سياسية ومطامع فردية مصلحية أدت منذ وقت مبكر الى توسيع الهوة ليس بين مشروع عدن منطقة حرة محددة في قطاعات وميناء الحاويات كمرحلة أولى وبين مشروع منطقة حرة بكاملها، وانما جرى العمل على استهداف مشروع عدن منطقة حرة بمرحلته الأولى المحددة أنشطتها. حيث تم استقطاع ومصادرة الكثير من الاراضي المنضوية تحت سلطتها قانونا عن طريق القوة والنفوذ الذي أدى الى ضعف وتحجيم نشاط المنطقة كما تم نتيجة تفشي الفساد والاستقواء على القوانين مواصلة هذا التعدي حتى بلغ حد السيطرة على كثير من مساحات القطاعات الصناعية والسياحية والخدمية والتجارية والمالية التي أصبح النشاط فيها متعثرا وغير قادر على الظهور لأسباب عديدة أهمها غياب وتدهور الحالة الأمنية وتفشي الفساد وتردي الأوضاع وتظاهر المتنفذين على القوانين والأنظمة التي انعكست سلبا على وجود ونشاط المنطقة الحرة عدن التي أصبح مفروضا عليها الاقدام على صرف أراض لمستثمرين لم يستطيعوا تنفيذ مشاريعهم ليقتصر نشاطها على الاستثمار في السكني فقط، وهو الأمر الذي بدلا من أن تقوم الحكومات السابقة بتصحيح هذه الأوضاع انخرطت تساهم في زيادة الفساد وراحت تغيب دورها لصالح متنفذين من مشايخ وحكام وسماسرة لتنفرد في العاصمة صنعاء باتخاذ القرارات بدلا عن المنطقة الحرة محددين جهات ادارتها ونشاطها بما يخدم مصالحهم ويعزز من مصادر نهبهم.
وبدلا من ان تدخل حكومة الوفاق مؤخرا في مواجهة عادلة ومسؤولة مع عدن كمدينة وكمنطقة حرة بحاجة الى ان تتجاوز كل ما لحق بها من عبث وتغييب وتدمير متعمد. وبدلا من ان تجتهد في تلمس مكامن الفساد وتحدد منابعه والجهات التي مازالت تقف خلفه، وتعمل انطلاقا من مسؤوليتها واستشعارها بدورها المطلوب في مواجهة هذه المفاسد وتحجيمها تمهيدا لاجتثاثها بما يصلح من حالة مدينة عدن ويعزز من دور نشاط المنطقة الحرة فيها من خلال تفعيل دورها ونشاطها وقوانينها وأنظمتها وان تخرجها من حالة الجمود والتقوقع والحصار الواقعة فيها بدلا من قيامها بكل هذا او بعضه راحت للأسف تكرس كل جهودها للمضي على هدي من سبقها متجاهلة الأوضاع الأمنية المنفرة للاستثمار ومتجهة مباشرة الى إطلاق رصاصة الرحمة على رأس المنطقة الحرة بإخراج ميناء الحاويات من إطار مسؤوليتها وإشرافها الى نطاق مسؤولية وإشراف مؤسسة موانئ خليج عدن بقوة قرار اتخذته يقول فيما يقول: (إدراج ميناء الحاويات تحت مسؤوليتها إداريا وإشرافيا وفنيا وتجاريا بموجب قرار مجلس الوزراء وبقاء مسؤولية المنطقة الحرة إداريا وإشرافيا على كافة المناطق والمواقع والأراضي المتبقية من المناطق المحددة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (65) لسنة 1993م بعد استقطاع المناطق المنقولة لمؤسسة خليج عدن بموجب قرارات المجلس اللاحقة) لتكمل بذلك هذه الحكومة ضربتها القاضية بامتياز على مدينة عدن وعلى مشروعها المنطقة الحرة التي يكون بهذا قد أغلق الستار على وجودها الى أجل غير مسمى كحلم ظل الجميع يحلم بيوم تحققه على الوجه الأكمل والمطلوب.
أخيرا ما علينا الا ان نقول ان هذه الضربة الحكومية القاضية الموجهة ضد وجود عدن منطقة حرة لن يكون كما هو واضح للعيان من مسؤوليتها اعلان طلب وقفة حداد لدقيقة على ما أصابها وحل بها وانما سيكون من مسؤولية حكومة اخرى علينا ان نتفاءل بانها لن تعمد الى طلب عدن الى حلبة ملاكمة وانما الى ورشة عمل تبنيها وتجدد وتفعل حضورها كمنطقة حرة حقيقية.
المنطقة الحرة بين مطرقة الحكومة وسندان الفساد
أخبار متعلقة