الانجاز الوحيد لمجتمعاتنا العربية هو «التفنن في خلق المشاكل والصراعات»، نحن مجتمع مدمن مشاكل ومكايدات، فنحن لم نعد منقسمين إلى شعوب وقبائل فحسب، وإنما إلى طوائف وأحزاب وفئات متناحرة، وكل فئة تدعي أنها «ظل الله» في الأرض، وأنها الرحمة المهداة وأنها الفرقة الناجية.
وبدلاً من أن يتحول أنصار تلك الفئات إلى ملائكة يمشون على الأرض لنشر المحبة والوئام بين الناس، تحولوا إلى «شياطين» يطلقون أحقادهم وسموهم في قلوب المواطنين لانتقاد هذه الفئة أو تلك الفئة.
لا توجد فئة استثنائية على الإطلاق في مجتمعاتنا.. كل ما يحصل أن معظم الطوائف والأحزاب تصوب سهامها ضد الآخرين المخالفين.. حتى بات الأخ يكره أخاه، والجار يكره جاره، والصديق عدو صديقه.. وباتت قلوبنا أكثر قساوة من الحجارة، وبدلاً من استيراد الورود الحمراء هانحن نستورد الرصاص والقذائف، لا لنطلقها صوب الأعداء وإنما صوب المخالفين لنا.
مسكين هذا المجتمع، كأن الفقر المدقع وتخبط السياسيين، وتفاقم الأمراض لم يكفه، لتنتشر رائحة الطائفية بكل مآسيها لتهدد نسيجه الاجتماعي وتبدد العلاقات الاجتماعية بين الناس.
العنف يا سادة لا يخلف إلا المزيد من العنف.. والقلوب الحاقدة والقاسية لا يمكن أن تصنع مجتمعاً مسالماً.. والمشاحنة والبغضاء لا تكون نتائجها إلا الانقسام والاختلاف.
ليتنا نتعلم كيف نحب الإنسان لإنسانيته.. أن نتعامل معه في الأول والأخير باعتباره إنساناً خلقه الله وكرمه وميزه على سائر المخلوقات.. لا يهم انتماؤه الحزبي أو المذهبي.. لا يهمني إن كان يهودياً أو نصرانياً أو حتى سلفياً أو حوثياً أو وهابياً أو أي شيء آخر.. لديه حرية الاعتناق لأي مذهب ولديه حرية تبني أي فكر... المهم أن يكون أساس فكره المحبة والإخاء والإصلاح بين الناس.. سأحبه بالتأكيد أن إعطاني وردة حمراء، وإن زارني إذا كنت مريضاً .. سأحبه إن خرج معي في رحلة سياحية وتبادلنا الضحكات والكلمات الرائعة.. سأحبه إن سأل عني وشاركني في مشروع هام تصب مصلحته لخدمة وطني.. هذا الإنسان الذي يجب أن نحبه أيها الأحبة..
آلاف السنين ونحن المجتمعات العربية لم نتمكن من صناعة إنجاز نباهي به العالم.. كلما قرأت التاريخ لا أجد سوى الحروب والصراعات والمطاردة.. حتى الآن لا يوجد منجز هام في تاريخ المسلمين كتلك الانجازات التي توصل إليها الآخرون.. الغربيون صنعوا الطائرات والصواريخ، وصنعوا السيارات والسفن العملاقة، وصلوا إلى الفضاء، وصنعوا الحاسوب والأجهزة العملاقة.
تركوا الصراعات واتجهوا نحو التعليم والتنمية، ومازالوا إلى الآن يواصلون تقدمهم العلمي ويبهرون العالم بكل جديد..
أما نحن فما زلنا نغوص في ذكريات الأجداد القدامى.. نتذكر كيف قتل فلان واختلف فلان.. وكيف صلى فلان وصام فلان... فيما لم نتمكن من استلهام الدروس واحترام تلك الأخلاقيات.. نذهب للحروب والصراعات.. وتزيد حالة الانقسام وتتعمق الخلافات.. ومع ذلك نذهب إلى المسجد لنصلي ونردد كل يوم حي على الفلاح، وحي على خير العمل.. دون أن نعي جيداً ما الذي يعني حي على الفلاح، وحي على خير العمل.
بعيداً عن التناحر .. دعوة للتسامح !
أخبار متعلقة