الانفلات الأمني الملحوظ على كل بقاع ارض الوطن الذي خلق واقعا خصبا لانتشار الجريمة والانتهاكات والإرهاب واستغله المتآمرون والمتربصون بالوطن وأمنه واستقراره لخلق زوبعة وبؤر صراعات مناطقية ومذهبية وقبلية وتغذيتها والنبش في الماضي وإحياء صراعات وثارات قديمة اعتقدنا أننا تجاوزنها من زمن لكنها كانت قنابل موقوتة هي سلاحهم الأخير للإضرار بالوطن ومساره الإصلاحي وأعاقت جهود بناء الدولة المدنية الحديثة التي تهدد مصالحهم ومشاريعهم الضيقة والأنانية.. ما هي أسبابه ومسبباته ؟
طبعا نحن في اليمن لا نجهد أنفسنا بالبحث والتحليل والتدقيق بمنهجية ومصداقية نابعة من حرص مسلح بالوطنية للوصول إلى جذر المشكلة الحقيقي لنبني عليه حلولا منطقية سليمة تخرجنا من هذه الأزمة لننقذ الوطن والمجتمع من التدهور والغرق في وحل الصراعات والفشل التي ستكون عواقبها وخيمة على الجميع دون استثناء وليس كما يتوهم البعض أن لديه الإمكانيات والأدوات التي قد تساعده على النجاة دون غيرهم هذه النظرة الضيقة للأمور ستجعلهم أول ضحايا شر أعمالهم .
الأمن هو مسئولية وطنية يتحمل أعباءها الجميع دون استثناء يترتب عليه استقرار وسلامة الوطن ويحفظ سيادته وكرامته وعزته ونموه لأنه لا تنمية وتطور وازدهار دون امن واستقرار وهناك من يتجرد من الوطنية والمسئولية الجماعية ويرمي أعباء الوطن وهمومه وقضاياه على الأخر ويحلو له التربص والتصيد للأخطاء ويستخدمها كوسيلة لتأجيج الجماهير فيما يسمى المماحكة السياسية والإعلامية وكأنه غير معني في المساهمة لإصلاح الحال وتصحيح المسار والحفاظ على الوطن وأمنه واستقراره والنجاح لا يتم دون تكاتف الجهود والتعاون المشترك للجميع .
الكل يرمي ضعف وانفلات الأمن على كاهل الحكومة والأجهزة الأمنية والعسكرية ودون شك هي تتحمل المسئولية قبل غيرها باعتبارها الطرف المعني بتنفيذ القانون واستتاب الأمن والأمان والاستقرار على الواقع وفي المقابل لن تنجح في هذه المهمة دون التزام الجميع بالقانون والدستور وخضوع الكل للتعاليم والقرارات الأمنية الملزمة للمجتمع والمعنية بالسلامة العامة وحفظ الأمن وإرساء الاستقرار وتسهيل مهام هذه الأجهزة لا تعقيدها وفي المقابل يجب أن يمثل رجل الأمن القدوة والمثل الأعلى في هذا الاتجاه .
ورجل الأمن هو جزء من المجتمع ويسري علية ما يسري على كل فرد من هذا المجتمع والأجهزة الأمنية مثلها مثل مؤسسات الدولة التي تم العبث بها وأفرغت من مهامها الوطنية وأصابتها جرثومة الفساد وهدت أركانها الإنسانية والوطنية وتحولت من مؤسسة إرساء العدالة الاجتماعية إلى أداة انتهاك العدالة الاجتماعية وكان ذلك عبئاً ثقيلاً على حكومة الوفاق والقائمين على المؤسسات الأمنية في إصلاح اعوجاج منظومة هذه المؤسسات وأداء مهامها الوطنية في إرساء الأمن وتعزيز الأمان ولا ننسى أن رجال الأمن هم أكثر الضحايا من الانفلات الأمني .
ومن العدل قبل أن نطالب رجل الأمن بواجباته أن نتلمس همومه ومشاكله ونراعي حقوقه المهدورة ونوفر له الإمكانيات ونرتقي بمستواه الاجتماعي والمعيشي إلى مستوى يمكنه من أداء دور فعال ومحوري ويكون عضواً نشطاً في المجتمع له هيبته واحترامه في الوسط الاجتماعي وغير محتاج إلى أن يرتشي ومحصناً من الفساد والمفسدين ليؤدي مهامه على أحسن وجه ومحمياً بسلطة الدولة والقانون .
ماذا يقدم رجل الأمن وهو محروم من راتب يجعله يعيش عزيزاً كريما قادراً أن يعيل أسرته ويدرس أبناءه ويعالجهم .
رجل الأمن يتحمل مسئولية مهمة وخطيرة معرض أن يفقد حياته في مطاردة مع المجرمين والخارجين عن القانون خاصة وان المجرمين هذه الأيام مسلحون بعتاد يفوق عتاده ونظرا للمسئولية الملقاة على عاتقة تجده أكثر حرصاً في التعامل معهم لان خطأ بسيطاً يعرضه للمساءلة القانونية بينما المجرمون يتحركون بحرية ويتعاملون معه كعدو لابد من قتله وهو أكثر حرصاً منهم أن لا يحدث قتل فهو يمثل النظام وهيبة الدولة وعندما يخطئ أو يقتل يتحمل العواقب لوحده وإذا استشهد فإن أسرته مطالبة بدفع قيمة عتاده وسلاحه أو أي معدات باستلامه التي يكون المجرمون استولوا عليها وكثيرا من اسر شهداء الواجب يعانون الأمرين في متابعة مستحقات وحقوق ذويهم وهناك حوادث كان تعويض الدولة للمخلين بالنظام ممن قتلوا أضعافاً مضاعفة من تعويض شهداء الواجب المنتهكة حقوقهم هذا الإهمال والتقصير اتجاه شهداء الواجب جعل رجال الأمن ضعفاء أذلاء خوفا من الاستشهاد لان الإهمال الذي توليه الدولة اتجاه أسرته معناه ضياع وتشتيت أسرته وأبنائه أي كما يقول المثل (حمار مات بكراه) . كم من رجل امن شرطي مرور أو عسكري يعتدى عليه في الشارع وهو مرتد زيه الرسمي ولا تنصف قضيته وهذا العمل يفترض أن يكون جريمة عظمى بحق الوطن والدولة عقابها شديد مهما كانت مكانة المعتدي لان هذا الاعتداء هو اعتداء على الدولة وهيبتها.والمشكلة الأعظم أن الدولة مقصرة في حماية رجل الأمن الشريف الذي يطبق القانون بشرف ونزاهة حيث تجده عرضة للمطاردات هوا وأسرته أذا قبض على عصابة من اللصوص أو المهربين ينتقمون منه و لا توفر له الدولة الضمانات والحراسات الكافية لحمايته بينما ابسط شيخ أو متنفذ يسير بحراسات مسلحة لا معنى لها .
أخيرا أذا أردنا للأمن أن يستتب والقانون يطبق على الواقع علينا الاهتمام بمحور العملية الأمنية وهو رجل الأمن بأن نرفع من شانه ومكانته ونوفر له الحصانة الأمنية والحياة الكريمة والحقوق المدنية والعسكرية من تطبيب ومستوى معيشي أفضل وعلاوات خطورة ومجازفة وتكريم نهاية الخدمة والسكن الملائم وصيانة كرامته وعزته واحترام وظيفته وإنصافه من أي مظالم قد تلحق به أثناء أداء مهامه وواجباته العملية وفي المقابل معاقبة المخلين والمستغلين للوظيفة العامة والفاسدين والمقصرين في أداء مهامهم وواجباتهم هذا أذا أردنا القضاء على الانفلات الأمني المعضلة الكبرى التي تواجه البلد هذه الأيام .
الأمن مسؤولية جماعية ..رجل الأمن محورها
أخبار متعلقة