مما لا شك فيه أن لكل أمة وحضارة موروثاً حضارياً وثقافياً, يظل هذا الموروث رمزاً ومعلماً يدل على تاريخ هذه الأمة ويتحدث عن حضارتها وثقافتها على مدى التاريخ وعلى مر العصور.. فالأهرامات تدل على حضارة الحقبة الفرعونية في مصر والحدائق المعلقة في بابل تدل على الحضارة القديمة للعراق ومدينة بعلبك تدل على حضارة لبنان وتاريخها القديم وسد مأرب والمعابد القديمة فيه تدل على حضارة اليمن وهكذا.
أما مدينة عدن فلها آثارها ومعالمها التاريخية العديدة التي تدل على حضارتها وتاريخها العريق ومن هذه الآثار والمعالم المشهورة صهاريج وسدود عدن التاريخية وقلعة صيرة والبوميس وكنيسة البادري والمجلس التشريعي ومبنى متحف الآثار ومسجد أبان ومسجد العيدروس ومسجد جوهر وقلعة جبل حديد والمعابد القديمة للفرس واليهود والهندوس كل تلك الآثار والمعالم تدل على حضارة وعراقة مدينة عدن.
ولقد تعرضت تلك الآثار والمعالم لهجمة شرسة في الآونة الأخيرة تستهدف محوها وتغيير معالم عدن التاريخية في محاولة من تتار هذا الزمن لجعلها خالية من أي معالم تشهد على حضارتها وعراقتها.. ومن ذلك هدم مسجد أبان التاريخي والبناء العشوائي في منطقة الصهاريج التاريخية وقلع العديد من حجارة قلعة صيرة والاستيلاء على العديد من المعابد القديمة وآخرها محاولة الاستيلاء على المعبد الهندي القديم الكائن في سوق البز في مدينة عدن القديمة (كريتر) التي تصدت لها المنظمات الحكومية كهيئة الآثار والمتاحف والمنظمات غير الحكومية كالجمعية الجيولوجية والجمعية اليمنية للتاريخ والآثار ومنتدى شباب عدن والندوة العدنية وجمعية الإخاء والتعاون (مبرة عدن) وغيرها من الجمعيات العدنية الحريصة على معالم وآثار عدن التاريخية.
فعلى منظمات المجتمع اليمني الفاعلة العمل بكل ما لديها من قدرة على وقف تشويه وجه عدن التاريخي وتغيير ملامحه الذي تقوم به جهات قادمة من خارج المنطقة بهدف طمس ومحو هذه المعالم والآثار التي تميز مدينة عدن القديمة (كريتر) عن كل المدن الأخرى, باعتبارها مدينة ذات طابع تاريخي متميز ولها متنفساتها ومساحاتها التي تركت منذ القدم لغرض بيئي يرتادها سكانها هرباً من جوها الخانق والحار وخصوصاً في فصل الصيف.
ولعل تصدي منظمات المجتمع المدني لمحاولات الاستيلاء على المساحة الواقعة في الخليج الأمامي (بين عدن مول وفندق ميركيور عدن) خير دليل على الهجمة الشرسة التي يواجهها أبناء عدن التاريخية (كريتر) والدفاع المستميت لمنظمات المجتمع المدني فيها وشباب عدن وأبنائها الخيرين وفي مقدمتهم الجمعية الجيولوجية وجمعية مبرة عدن وجمعيات حماية البيئة الذين شكلوا سياجاً منيعاً للحيلولة دون الاستيلاء على الموقع من قبل جماعات قادمة من خارج المنطقة بحجة الاستثمار وهي في الأصل تريد تغيير معالم عدن وتكبت أنفاسها.
وليكن مرجعنا جميعاً لمواجهة هذه الهجمة الشرسة على مدينتنا عدن قانون رقم (16) لسنة 2013م بشأن المحافظة على المدن والمناطق والمعالم التاريخية وتراثها الثقافي العمراني الصادر عن وزارة الشؤون القانونية الذي أصدره - باسم الشعب - الأخ رئيس الجمهورية بعد الاطلاع على دستور الجمهورية اليمنية وبعد موافقة مجلس النواب, ولا سيما الفقرة السادسة منه والتي جاء فيها:
المعلم التاريخي: كل منشأة معمارية أو هندسية حية منفردة أو مجتمعة اكتسبت بسبب دورها التاريخي أو نمطها المعماري أو موقعها الطبيعي أو وظيفتها أو مواد بنائها قيمة تاريخية أو علمية أو فنية أو جمالية يجب المحافظة عليها وتشمل جميع المعالم التاريخية المأهولة الواقعة ضمن المدن والمناطق التاريخية.. (انتهت الفقرة).
وقبل ذلك فإن مرجعيتنا الأولى هي ضمائرنا ووطنيتنا, وأن نجعل مدينة عدن التاريخية قضيتنا الأولى باعتبارها مدينتنا التي ولدنا وترعرعنا فيها, وبالتالي علينا الحفاظ عليها وعلى نمطها المعماري وعلى معالمها وآثارها كحفاظنا على حدقات عيوننا.
حماية آثار ومعالم عدن.. واجب وطني
أخبار متعلقة