تجري حالياً حرب إعلامية ونفسية تقودها الولايات المتحدة برئاسة أوباما من خلال التهديد بشن عدوان عسكري أمريكي على سوريا تحشد له أمريكا دعماً دولياً أوروبياً وعربياً كعقاب للنظام السوري - برئاسة بشار الأسد - إثر استخدام أسلحة كيماوية أودت بحياة المئات من المواطنين السوريين ، حيث تضع أمريكا نفسها في وضع شرطي العالم الذي يهمه أمن البشرية والحفاظ على أرواح البشر في حين لا تزال آثار ومضاعفات الهجوم الأمريكي بالقنابل النووية على مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين - التي حصدت أرواح أكثر من 220 ألف إنسان - ماثلة أمام العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية .
صحيح أن انتهاء الحرب الباردة بين الشرق والغرب بانهيار المنظومة الاشتراكية قد أتاح للولايات المتحدة كـ (دولة) فرصة الهيمنة على العالم وعلى المنظمة الدولية ومجلس الأمن الدولي كقوة عظمى عسكرياً واقتصادياً ، إلا أن ذلك لا يعني أن شعوب العالم يجب أن ترضخ لأدوات القوة التي تمتلكها هذه الدولة العظمى وحليفاتها السابقة - الحالية لتتخلى (الشعوب) عن القيم الأخلاقية والمبادئ والأسس السياسية والقانونية التي بموجبها توحدت الأمم ونُظمت العلاقات الدولية ووُقعت الاتفاقيات الدولية وأنشئت المنظمات الإنسانية .
وبالرغم من أن الولايات المتحدة تقدم نموذجاً للديمقراطية إلى حد ما - لا يرتقي إلى ديمقراطيات دول أخرى أوروبية وآسيوية - فإن ما نراه في سلوكها لا يعبر إلا عن تخوفها من مصير الإفلاس السياسي المنتظر في ظل وجودها على رأس القطب العالمي الأوحد ، ولذلك نجدها تدير بؤر التوتر والصراعات السياسية الطائفية والإثنية إلى جانب خلقها عدواً مشتركاً لشعوب العالم ذا صفة إرهابية عالمية كذريعة لتدخلها في شئون بلدان الشرق الأوسط تحديداً بعد أن تضمن زعزعة الأمن والاستقرار فيها وتفشل أنظمتها .
فليس غريباً ولا خافياً أن تقرر الولايات المتحدة - بعد فشل مشروعها «الإخواني» - شن ضربة عسكرية عدوانية على سوريا لشل قدرتها الدفاعية أمام التيارات الإسلامية التي تأسست بمباركة أمريكية عام 2007 وتمويل دولة عربية تتميز بمساحة صغيرة مع فائض في ثروتها في باطن الأرض ، لإجبار النظام السوري على مغادرة البلد وتركها ضعيفة للجماعات الإسلامية وللمرتزقة ولكل أشكال الفوضى ، وبالتالي دفع بعضها للتحرش بإسرائيل لكي تحقق حلمها في مد سيطرتها إلى الفرات . وكذلك ليس غريباً أن تتلهف فرنسا للقيام بالضربة لدعم الجيش الحر الذي دعمته بالمال والسلاح لاستعادة نفوذها السابق في المنطقة .
أليس علينا كشعب عربي أن نسأل عن الفرق بين زعيم أوروبي يطرح موقفه المساند لمشروع الضربة للاستفتاء أمام ممثلي الشعب ، وبين زعيم عربي يطالب الغرب بتنفيذ مشروع الضربة العسكرية - ظاهراً وباطناً - بحيث يتحمل تكاليفها على حساب أموال وطنه وشعبه ، لضرب مقدرات شعب عربي شقيق لشعبه كان ينتظر منه أي نوع من المساندة ؟! .. ألا يعتبر هذا وما يرافقه من صمت عربي عاراً على العرب في حين تخرج مظاهرات شعبية في دول الغرب للاحتجاج على تلك الضربة المحتملة ؟! .
وأخيرا ، متى يكون للسيد بان كي مون كلام آخر يقوله في الشأن العربي غير التعبير عن قلقه وأسفه ؟! .
العدوان على سوريا..عار على العرب وفشل لأخلاق الغرب
أخبار متعلقة