يكاد الجميع يجزم بأن أنهارا من دماء المصريين ستسيل في 30 يونيو، ساد هذا الإحساس قبل أن يستعرض الرئيس عضلاته في استاد القاهرة تحت مسمى مؤتمر "الأمة المصرية لنصرة الثورة السورية" بجمع أهله وعشيرته مفتولي العضلات وعريضي المنكبين، فرائحة الدم بدأت مع بعض المناوشات التي حدثت بين مؤيدي الرئيس مرسي ومعارضيه في الإسكندرية وبما حدث في موقعة وزارة الثقافة وبالتهديد والوعيد الذي تطلقه التيارات المتشددة وفتاوى تكفير من يتظاهرون ضد الرئيس واعتبار التمرد على مرسى تمردا على الإسلام.
بينما ظهرت الصورة واضحة واقترب التوقع من اليقين بالمهزلة التي لم يكن أحد يتخيل أن تصل فيها درجة التحدي لقطاع ليس بالقليل من الشعب المصري الذي يعتزم الخروج للإعلان عن غضبه في 30 يونيو الجاري إلى هذا الحد بالتهديد والوعيد والتكفير والإتهامات التي أطلقها الرئيس ومشايخه وعشيرته في هذا المؤتمر الاستعراضي الذي تفوق على مؤتمرات الحزب الوطني.
فلم يجرؤ مبارك ونظامه يوما على تكفير المعارضين كما حدث في مؤتمر مرسي وعشيرته من مشايخ السلطان الذين وصفوا من سيخرجون في 30 يونيو بالكفار والمنافقين وتحدثوا وكأنهم المسلمون الأوائل الذين يشحذون همم أتباع الإسلام وأتباع محمد للجهاد لمواجهة الكفار والمشركين في غزوة نهاية يونيو - لم نكتب محمد صلى الله عليه وسلم لأن المقصود هنا هم أتباع ومؤيدو محمد مرسي وليس نبينا الكريم نبي الرحمة والمودة الذي ألف بين قلوب البشر ولم يفرقهم.
بدأ المشهد وكأنه إعلان حرب واستعراض قتالي لتحدي معارضي مرسي، وأكد أنصاره في هذه الزفة أنه سيبقى على كرسي الرئاسة ليس لثلاث سنوات فقط بل لمدة 7 سنوات، واللي مش عاجبه يخبط دماغه في الحيط أو سيحطمها الشباب المتغذيين الفتوات الذين ظهروا في هذا الاستعراض ليؤكدوا أن مرسي وراه رجالة تاكل الحديد تاكل الزلط تاكل المعارضين.
نسى مرسي وعشيرته أن الكثيرين ممن سينزلوا في 30 يونيو ليسوا من النخب وليسوا من أصحاب التيارات أو الأطماع السياسية، وأن أعدادا كبيرة منهم بسطاء انتخبوه وهللوا لفوزه أملا في تحسن أحوالهم، وأن من بينهم من أعطاه صوته بإغراءات الزيت والسكر ولكنه قرر سحبه بعد شعوره بأنه لن يجد حتى الماء بعد أن
شاهد كيف يتعامل مرسي وحكومته مع أزمة سد النهضة التى أظهرت مدى عجزه عن إدارة دولة بحجم مصر.
قرر بسطاء كثيرون النزول وسحب الثقة من مرسي بعد معاناتهم في الظلام الدامس مع الانقطاع المستمر للكهرباء وطوابير السولار وأزمات الجوع والغلاء، هؤلاء لم يشترهم أحد ولم يحرضهم أحد ولا ينتمون ياسيادة الرئيس للفلول ولكنك عجزت عن حل أبسط مشكلاتهم وتوفير أبسط سبل الأمان والحياة الكريمة لهم.
لن نتحامل عليك فنحن نعلم أنك طيب القلب حسن النية طاهر اليد ولكن هذه الصفات لا تؤهلك لحكم مصر.
قد نتعاطف معك ونشعر أنك تحمل أكثر من طاقتك ومن قدراتك، ونظن أن هذا هو الشعور السائد بين قيادات جماعتك وعشيرتك الذين يتعاملون مع مرشحهم الأول للرئاسة خيرت الشاطر على أنه الرجل الأول في مصر الذي يدير اللقاءات ويحكم من خلف ستار.
ولأننا نعرف عنك هذه الصفات ندعوك أن تصارح نفسك أن تحاسبها قبل أن يحاسبك الله على أنهار الدم التي ستسيل في مصر بسببك، على العار الذي سيلحق بك إذا انزلقت مصر في عهدك في مستنقع الحرب الأهلية.
هذا العار الذي يفوق عار مبارك والذي تهرب منه الملك فاروق رافضا أن يطلق الحرس الملكي النيران على الثوار.
لا تخدع نفسك سيادة الرئيس ولا تترك أتباعك يخدعونك كما فعل أتباع مبارك، لا توهم نفسك بأن المتمردين عليك مجرد قلة وفلول ومتآمرين.
فإذا نظرت في المرآة وراجعت كل الأحداث الماضية والمتوقعة وراجعت أخطاءك وما نتج وسينتج عنها، وإذا واجهت نفسك في لحظة صدق ستعترف بأنك غير قادر على حكم مصر، وأن الكثيرين ممن يعارضوك ليسوا أصحاب مصلحة أو غرض ولكنهم بسطاء خذلتهم ولم تكن على قدر توقعاتهم، ستعترف بأنك لست رجل سياسة ولا تجيد فنونها وأن مسئولية حكم مصر أكبر منك ومن قدراتك وهذا لا يعيبك.
سيادة الرئيس انج بنفسك ولا تحمل هذا العار الذي لن يغفره لك الله ولا التاريخ ولن ينساه المصريون، لا تدع عشيرتك تحملك ما لا طاقة لك به، وإن كنت كما نظن غير طامع في الحكم ولا تراه مغنما فاتخذ قرارا ينجيك وينجي مصر ويحقن دماء أبنائها قبل نهاية يونيو، وأعلن أن خوفك على هذه الدماء دفعك للإعلان عن انتخابات رئاسية مبكرة، فلا يمكن أن يبقى الوضع على ما هو عليه وأن تكمل مدتك بهذه الصورة من الاستقطاب والفشل والتراجع، ولا تجعل عضلاتك تحملك عارا لم يلحق بأحد قبلك.
أنـــج بــنـفســك ولاتحمل هذا العار
أخبار متعلقة