في اعتقادي أن الإخوان المسلمين منذ البداية كانت لديهم خلافات داخل مكتب الإرشاد حول دخول الانتخابات من عدمه انتهت بفوز أغلبية «لا لدخول الانتخابات»، والتي أطاحت بالدكتور عبد المنعم أبو الفتوح خارج الجماعة بعد إصراره على الترشح أو ترشيح عضو عن الجماعة ثم التغَيُر الفُجائي في موقف الإخوان، وأرى له ما يبرره، وهو حدوث تغيرات في الساحة السياسية أدت إلى مراجعة الحسابات والتدقيق في النتائج والعواقب على السواء.
أعتقد أن إعلان اللواء عمر سليمان الترشح للانتخابات، ومن ثم الفريق أحمد شفيق كان بمثابة المحرك الأساسي لعزم الإخوان على الدخول في الانتخابات الرئاسية، وتصعيد المجلس العسكري وتهديده بحل مجلس الشعب، كان له من الأثر في عدول الإخوان عن قرارهم الأول بعدم الترشح لانتخابات الرئاسة وإصرارهم على الدخول في الانتخابات، سواء من خلال مرشحهم الأول المهندس خيرت الشاطر، أو بديله الدكتور محمد مرسي.
كان هذا بمثابة تذكير بالأحداث للدخول في صلب الموضوع، وهو فوز الرئيس محمد مرسي بدعم كبير من الإخوان بالانتخابات، فقد «جعلوه حاكما».. حاكما علينا وقد يكون محكوما عليه في مكتب الإرشاد، حاكما الآن ولكنه كان يلبي أوامر وتوجيهات المرشد من قبل.. فهل يرفضها الآن؟
أنا لا أريد التشكيك في مصداقية الرئيس مرسي، ولكن أريد تحكيم العقل والمنطق.. لو كان لك رئيسا في عمل وخرجت أنت من هذا العمل وشغلت منصباً أعلى بفضل هذا الرئيس سيبقى لك من الضعف تجاهه ما يمنعك من مواجهته أو عتابه أو اتخاذ قرار صحيح ضده أو إنصاف حق يؤذيه، وسيبقى له من الفضل عليك ما يجعل تنفيذ أوامره واجباً.
أخشى أن يكون الرئيس محمد مرسي مضطراً لتنفيذ بعض الأوامر تملى عليه من مكتب الإرشاد.. إنها الطبيعة البشرية يا سيدي، فكلنا بشر، ومر البعض منا على مثل هذه المواقف، فأنا لا أتعجب من مقولة إن المرشد أعلى من الرئيس، فهو أعلى نفسيا لدى الرئيس إن لم يكن هكذا على أرض الواقع، وإذا كان هذا غير صحيح فالرئيس يأخذ قراراته الفعلية من مكتب الإرشاد متمثلاً في مستشاريه أعضاء مكتب الإرشاد، ولا أجد عيباً في ذلك؛ فالرئيس محمد مرسي في جماعة الإخوان المسلمين منذ عقود، ولديه فكره الذي تكون داخل الجماعة، والجماعة هي من رشحته ودعمته في الانتخابات، فمن غير المعقول أن نطلب منه تغيير فكره ليتماشى مع أفكار البرادعي أو حمدين صباحي.
كلنا نعلم أن الرئيس محمد مرسي مرشح الإخوان، وجاء لينفذ فكره الذي تكون داخل جماعة الإخوان، فمن الطبيعي أن يكون هو فكر الجماعة، وأن يتماشى مع أهداف الجماعة، وهذا حقه لا نعاتب عليه ولا نلومه، فعلينا أن نكون منصفين ولا نعاتب إلا من يستحق العتاب.
أعتقد أن الإخوان والظروف معاً قد فرضوا علينا الرئيس محمد مرسي، فبسب ضيق الوقت بعدما عَزِم الإخوان على الترشح للرئاسة في اللحظة الأخيرة لم يكن أمامهم الوقت الكافى لاختيار بديل على قدر الكفاءة من المهندس خيرت الشاطر، فلجؤوا إلى أقرب الاختيارات، وكان رئيس حزب الحرية والعدالة الدكتور محمد مرسي مضطرين.
وأيضا الظروف لعبت دورها.. فوصول الرئيس محمد مرسي للمرحلة الثانية من الانتخابات أمام أي من مرشحي التيار الليبرالى كان سيصُب في مصلحة الأخير، ولكن تشاء الظروف أن يصل للمرحلة الثانية الفريق أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس المخلوع والمحسوب على النظام السابق، مما أتاح لمرشح الإخوان محمد مرسي بأن يكون ممثل الثورة الوحيد، وفرض على كثير من شباب الثورة أن يدعمه رغماً عنهم، وبالتالي الإخوان والظروف معاً «جَعلوهٌ حاكماً» علينا. نعم الرئيس مرسي فُرِض على أغلبية في الشارع المصري هو لم ولن يمثل فكرها ولا اتجهاتها، ولكن هي الظروف التي أرغمتها على أن تمنحه صوتها من أجل الثورة لا من أجل الإخوان.
جعلوهُ حاكماً
أخبار متعلقة