حادث التسمم الذى أصاب بعض الأزهريين أثبت أن النظام الإخوانى يملك موهبة فذة فى إضافة كارهين جدد، فخلال أيام متلاحقة نجحت الداخلية فى حماية مكتب الإرشاد، وعجزت عن حماية المشيخة الأزهرية، والكنيسة الكاتدرائية، ولأول مرة، ودون تنسيق مشترك، يهتف الأزهريون فى الأزهر، والمسيحيون فى الكنيسة ضد الإخوان.
فضيلة شيخ الأزهر من ناحيته ليس معصوماً، وعليه ملاحظة أبدأ بها، إذ لا يناسب أن يجلس فى مكتبه طوال اليوم، ويبتعد عن الضجيج بزيارة بلدته أسبوعياً، كان عليه أن يخرج ليصلي فى الجامع الأزهر، ويتحرك ليتفقد أحوال جامعته، ويقوم برصد ما يطرح يومياً من أفكار وفتاوى، ويتدخل فيها بالبيان الشافى، والمشاركة الفعالة؛ لأن الناس تنتظر كلمته فى كل موقف، وكان عليه أن يبادر بالذهاب للمدينة الجامعية قبل الرئيس، ومن هناك يحمِّل الحادث للمهملين، ويتوعد بالعقاب للمقصرين، لا أن يسكت حتى تأتيه المظاهرات تحت قدميه، وعليه أن يتيح لمشايخ الأزهر وأساتذته الأجلاء فرصة اعتلاء منابر مساجد مصر الكبيرة لنشر الوسطية.
نعم ننقده، ولكن بنزاهة، لا ببذاءة، احتراماً وتقديراً لمكانته، أما التحرش به فى مظاهرات تمت بعناية وتخطيط على اعتبار مسئوليته السياسية فيعد فجاجة غير لائقة وغير مسئولة، ولا يمكن بحال أن تُقبل باعتبارها فعلاً عقلانياً أو وطنياً.
والسؤال المطروح: طالما أن رئيس الجامعة مسئول سياسياً، وطالما تم الإصرار على إقالته من طلبة الإخوان، فهل سيتم تطبيق نفس المبدأ على المسئولين الإخوان إذا قصروا فى عملهم؟ لقد اعتبر البعض الرئيس غير مسئول عن المصائب اليومية، وقالوا: ليس هو الذى قاد القطار، ولا قتل المتظاهرين، ولا رفع الأسعار، وما إلى ذلك من مبررات لتنصُّل مرسي من مسئوليته، الآن عندما اختلت المعايير والمبادئ أصبح شيخ الأزهر، وليس الموظف الإدارى، هو المسئول، واتجهت المظاهرات للمشيخة بدلاً من الجامعة، وسارعوا للمطالبة بإقالة رئيس الجامعة والتحرش بالإمام الأكبر، كأنهما اللذان طبخا الطعام.
إن سلسلة إساءة الإخوان للأزهر بدأت عندما تم تخطيه فى تعيين وزير الأوقاف، مروراً بمعاملة غير لائقة فى جامعة القاهرة، إلى العبارات البذيئة على مواقع التواصل الاجتماعى، إلى الضغط عليه ليقر الصكوك مع مخالفتها للشريعة.
إن ما حدث للمشيخة يكشف، على حد تعبير جمال سلطان،«الأشواق المحترقة» من قِبل الإخوان للسيطرة على الأزهر، باعتباره الجائزة الكبرى للتنظيم الدولى للجماعة؛ لأن وضع يدهم على الأزهر يعني حصولهم رسمياً على ذراع دينية وثقافية وسياسية خطيرة تمتد بفروعها وهيبتها فى مئات الدول، بما يشبه دبلوماسية موازية للدولة المصرية فى الخارج، مما يعني بسط السيطرة الدينية والثقافية والسياسية على مساحة كبيرة من العالم الإسلامي.
إن التسرع الذى تعامل به الإخوان، والمسيرات المؤيدة لشيخ الأزهر أثبتت أن الملعوب اكتُشِفَ بسهولة، وساعد على كشفه أن الرئيس لم يقُم بزيارة ضحايا بهذه السرعة، ظننا أنه تغيير، ولكن فوجئنا به يتصل بالأنبا تواضروس فى أحداث الكاتدرائية بعد 8 ساعات!! ليؤكد الإخوان فى موقعة التسمم التزامهم بفكر القطبيين في استحلاء التصادم، وفي القدرة الفذة والموهبة النادرة فى صناعة كارهين جدد.
الإخوان .. ومحاولة السيطرة على الأزهر
أخبار متعلقة