في تغريدة لزميل محترم على صفحته في شبكة التواصل الاجتماعي “الفيس بوك” تحدث بألم عما آل إليه اجتماع لصحفيين ومثقفين في مدينة عدن في حلقة نقاشية في معهد التدريب الإعلامي حول ما يمكن تقديمه من أفكار وتصورات للإسهام في الحوار الوطني الشامل المزمع عقد جلسته الافتتاحية في الثامن عشر من الشهر الجاري، متحدثا عن الصراخ وتخوين الآخر لمجرد الاختلاف في وجهات النظر و الرؤى ، دون الأخذ بعين الاعتبار والاتعاظ بإخفاق كافة القيادات السياسية و الحزبية والعسكرية السابقة وعلى مدى ما يناهز خمسين عاما منذ انتصار ثورات اليمن ضد الإمامة والتخلف والاستعمار الأجنبي حتى يومنا الحالي في بناء دوله مدنية ديمقراطية ، تقوم على سيادة القانون واحترام حرية الإنسان ونشر مبادئ العدل والمساواة .
ان غياب ثقافة الحوار في مجتمعاتنا يظهر جليا في علاقاتنا بدءاً من العائلة ثم المدرسة والجامعة انتهاء بالعمل في المؤسسات والدوائر حيث أنه لمجرد الاختلاف في الرأي تطلق الاحكام المطلقة (بعدم الفهم،والخيانة وما الى ذلك من التهم الجاهزة)!!! , غياب ثقافة تقبل الرأي المخالف واحترامه ومقارعة الحجة بالحجة يؤدي الى تعطيل الوصول الى حالة توافق او نتيجة مرضية لمختلف الفرقاء.
ان الادعاء بامتلاك الحقيقة المطلقة والرؤية السليمة الوحيدة للأوضاع في بلادنا يؤدي الى مثل ما حصل في اجتماع المثقفين و الصحفيين في الحلقة النقاشية ، فلو فهم كل اخ أن راية نسبي !! ويحتمل الخطأ والصواب ، وان رأيه زميله كذلك ، وتم البحث عن نقاط اللقاء للتوصل إلى رؤى مشتركة تؤخذ بها القواسم المشتركة، تم الخروج بورقة متوافق عليها تقدم كتوصيات لمؤتمر الحوار الوطني .
عاش شعبنا بعد نيل الاستقلال في شطره الجنوبي وتحرره من الإمامة في شطره الشمالي حالات من الصراع والتنافس على السلطة والحروب والانقلابات وآلت الأمور إلى ما آلت إليه حاليا حيث اليمن يرزح تحت وطأة التجاذبات السياسية والمصالح الداخلية والإقليمية ناهيك عن غياب الدولة كمؤسسات حقيقية تعنى بالوطن والمواطن ، أضف إلى ذلك تفشي الفساد والمفسدين والفاسدين في مختلف أوجه مجالات الحياة اليمنية مما ادى الى خروج الكتلة الفاعلة (الشباب) في المجتمع ومن ورائها ابناء الشعب الى الشارع للتعبير عن عدم قبولهم بالواقع المرير!!
ان ثورة الشباب السلمية ومعها كافة مكونات المجتمع اليمني ، ترنو الى بناء دولة قوية عزيزة بدستور جديد يكفل الحرية والمساواة لجميع ابنائها وتقوم على أسس ديمقراطية انسانية ، لا مكان فيها للمحسوبية والمناطقية والفساد والفاسدين !.
ان السبيل الوحيد للوصول لتحقيق اهداف الثورة السلمية هو العمل الجاد على دفع سفينة الحوار الوطني للوصول الى بر الامان ، حيث ان مصير ومستقبل اليمن مرتبط بنتائج الحوار الوطني الشامل ، فلا خيار امامنا إلا الاتفاق والتوافق ، لأن البديل هو التمزق والتشتت والانزلاق الى اتون حرب اهلية لا تبقي ولا تذر !
في اعتقادي أن كثيراً من القوى السياسية والاجتماعية تعي خطورة فشل الحوار الوطني وعدم التوصل الى حالة من الاتفاق والتوافق، ولكن هناك في الجانب الأخر من لا يرى مصلحة الوطن الا من خلال منظاره ومصالحه الشخصية ، وله مصلحة في تعطيل التوصل الى نتائج مرضية تصون وحدة الوطن والشعب.
لن نكون كالنعامة التي تخفي رأسها في الرمل وجسمها واضح خارج للعيان ! ان الظلم الذي وقع على شعبنا في جنوب اليمن واثاره المدمرة على البشر والحجر يضع القضية الجنوبية على رأس جدول اعمال مؤتمر الحوار الوطني، ويجب العمل و السعي من اجل الوصول الى حلول ترفع الظلم والغبن الذي وقع على شعبنا في جنوب البلاد ، ويأتي هذا بالتحلي بالمسؤولية العالية والتجرد من قبل كل أطراف الحوار الوطني دون تضخيم أو تقليل والعمل على بناء جسور الثقة والخروج بحل توافقي يرضي كافة الاطراف في ظل الحفاظ على وحدة اليمن ارضا وشعبا. كم اتمنى ان تكون الغلبة للحكمة والحرص على انجاح الحوار الوطني الشامل وهذا ما لمسته من خلال تصريحات قوى سياسية واجتماعية وهذا ما يدفعني للتفاؤل , ولكن في الجانب المظلم هناك من يضع عراقيل في طريق نجاح الحوار, وهذا ما يدفعني للتشاؤم , ولهذا فانا متشائلة!!!
التشاؤل
أخبار متعلقة