ربما لا نبالغ في القول أن «مصفاة عدن» تعتبر من المرتكزات الاقتصادية الهامة ليس لمدينة عدن وحدها بل للوطن بأكمله وباتساع رقعته الجغرافية، تماماً كأهمية ميناء عدن الذي كان ذات يوم من أهم موانئ العالم وأكثرها شهرة.. وقد ازدادت أهمية الميناء بصورة ملحوظة فور إنشاء وتشغيل مصافي عدن التي كان لها الدور الريادي في احداث نقلة نوعية لميناء عدن وحياة أبناء عدن منذ الخمسينات وحتى اليوم .
ولعلنا لم نكن أبعد نظراً ولا أعمق تفكيراً من الدولة التي لا تغيب عنها الشمس في أهمية هذا الموقع الاستراتيجي لإنشاء مصفاة للنفط في عدن لتكون رمزاً هاماً للقوة الاقتصادية لوجودها في كامل منطقة الجزيرة والشرق الأوسط ككل ، حيث أقامت شركة الزيت البريطانية - حينها - أهم وأقوى شبكة اتصالات لاسلكية متطورة تربط كافة فروعها في المنطقة وكان مركزها عدن وتحديدا في منطقة التواهي حيث كان المكتب الإقليمي الدولي هناك .
وقد ظلت المصفاة منذ ذلك الحين وحتى اليوم عاملاً حيوياً للاستقرار الاقتصادي لعموم الوطن خاصة بعد ان آلت ملكيتها للدولة في 1979م .. وبفضل كادرها اليمني 100 % تواصل لهيب شعلتها التي تعانق السماء بكل فخر وشموخ ..
لكننا لاحظنا مؤخراً الحملات الإعلامية والصحفية المحمومة على هذا الصرح الاقتصادي الهام التي تبرز بين الحين والآخر في محاولة لتشويه الوجه الجميل الذي عرفه الجميع عنها ، وبسبب أو دون سبب والبحث عن أي ( خرم إبرة) للولوج منه لعالم الشهرة على حساب هذا الكيان الحيوي الذي لا يخلو بيت في الوطن من خدماته .
وبين الفينة والأخرى يفاجئنا عمود صحفي هنا أو هناك بنقد لاذع لا مبرر له أو يلملم لنا بعض الحروف أو الأسطر من بين طيات رسالة عابرة أو مكالمة تلفونية من أحدهم أو جلسة ودية خاصة فيكون موضوع الساعة ضد المصفاة .
البعض يحاول جاهداً رسم صورة كئيبة المعالم ضبابية وبدون أي مراجعة للذات لدور هذا الكيان الضخم المزدحم بأنابيبه الفضية المنتشرة وكأنها شريان الحياة للقلب النابض في عدن ، هذا الشريان الذي يسهر عليه ويغوص فيه أكثر من أربعة آلاف من العمال قد وهبوا حياتهم لخدمة المصفاة منذ شروق الشمس يومياً حتى غروبها ..
وتجدنا نتساءل ما لأهداف الرئيسية والمريبة وراء تلك الحملات بالضبط ومن يقف وراءها ؟ ولماذا في هذا الوقت وهذه الظروف الصعبة التي نمر بها .. أهي محاولة مستميتة للقضاء على آخر ما تبقى لنا من منجزات ومعجزات القطاع العام في بلد نهشته مخالب الخصخصة والقطاع الخاص حتى أصبح التاجر والمتنفذ يتحكم بأبسط مقومات حياة المواطن البسيط دون رادع أو رقيب؟! .
ونجدها فرصة هنا أن نوجه لأمثال تلك الأبواق الجوفاء همسة ساخرة : كفاكم نواحاً على ما لا ناقة لكم فيه أو جمل ، ودعوا المصفاة تكابد جروحها وتتحمل ضجيج ورشها وحرارة انصهار معاملها بصمت لمواصلة مشوارها الذي أنشئت لأجله، وكفانا فخراً بإدارتها المتمرسة في مواجهة الصعاب والتي استطاعت إعادة الحياة لها بعد ان أوشكت على الاندثار ، وهاهي الدول المانحة قد تكرمت بالأخذ بأيدينا لتحديثها بعد جهود جبارة بذلت من أجل ذلك ..
وتحية خاصة من الأعماق لكل فرد من أفراد المصفاة ساهم بالدفع لعجلة البناء والتنمية مترجماً انتماءه الوطني وحبه العميق لخدمة مواطنيه ، وشعلة المصفاة ليست بحاجة لتلك الحملات الصحفية التي ربما يكون ضررها أكثر من نفعها ..
شعلة المصفاة ليست بحاجة لحملاتكم المحمومة
أخبار متعلقة