شاء الله .. و احمده على مشيئته ان أكون احد قاطني هذه المدينة، عدن تلك المدينة التاريخية كم شهدت أحداثاً و وثقت بعض ما احتضنت من أفراح و بطولات اقتسمتها شوارعها كذكرى تحتفظ بها لترويها لمن تطأ قدمه عليها أو ترسل له عبر الانسام عبق نضالات و ثورات ودماء فاح شذاها كل أزقة المدينة .
محظوظة انا اذ ان لي بيتاً يعد تاريخياً على ارض هذه المدينة و محظوظة إذ انه لا يزال قوياً و يحتمل كل ما يدور حوله من أحداث ، لا تستغرب ان قلت ان نوافذ منزلي خشبية من الطراز القديم و تصميم منزلي من الداخل قد أدهش الفنانين عندما أرادوا ان يصوروا فيه احد مشاهد مسلسلهم فالنوافذ الخشبية ايضا موجودة في داخل منزلي ما بين الغرفة و الدارة...
الم أقل انه تاريخي ..
محظوظة انا ، اذ ما ان تطأ قدماي عتبة بيتي إلا و يفتح لي التاريخ صفحات كتابه فيروي لي قصة الشهيد خالد هندي الذي وضع آخر بصماته النضالية في ركن شارعي .. بصمها بالدم !
و ما ان التفت يميناً إلا و تبهيني قلعة صيرة بعظمتها و شموخها فترسل لي عبر الأثير من سموها و ضياها ، فما أسماني و انا انظر إليها و اقتبس من ضياها لينير لي طريق العمر القادم..
و على يساري ذاك اليسار المختلف عن كثير تتربع على عرش التاريخ صهاريج عدن التي ضربت المثل في كتم الأسرار فكل من حاول نبش أسرارها أرجعته خالي الوفاض.
تلك العزة التي تعتريني جعلتها تسبيحات تملأ هواء مدينتي، فقط عندما التفت و أراه شامخاً أمامي .. جبل شمسان يظل شاهداً على التاريخ بصمت يشبه صمت الملوك و يوثق كل كبيرة و صغيرة .. و لا يزال شاهداً على الحاضر.
خلف ظهري او يساراً منه قليلاً دليل و إثبات على مدنية و ثقافة السلام لهذه المدينة فاستقرار معبد الفرس ضرب المثل في التسامح فهو طريق الحب لمن أراد ان يعرف للحب والسلام دليلا ،دليل لن تغلبه دعوات التكفير ولن تطويه ألف قضية .
انا عدنية و ان كانت جذوري هندية او عربية أو صومالية أو يمنية شمالية أو جنوبية .. مسلمة يهودية مسيحية مجوسية ،، انا عدنية بجنسية عالمية و دين لا يعادي الأديان السماوية ، عدن السلام تغنى بها كل من وطئت قدمه عليها سواءً مات او لا يزال حيا.
عدن التاريخ كتاب أثقلت صفحاته بالحب والسلام و المواقف البطولية ،يتنافس كل سطر فيه بالظهور ليخفي آخر بأسراره حلوها و مرها، و انا بين صفحاته أهيم تارة و اركض تارة لأقرأ ما استطيع قراءته من تاريخ مدينتي، تلك النوتة الموسيقية كتبها أمان و لحنها قاسم ودللها سعد و روتها أمل و فتحية ..
عدن مدينتي المضيافة فتحت أبوابها للجميع و تركت مفتاحها خارجاً حارساً أو مراقباً أو شاهداً لا ادري ، و لسان حالها يقول : من دخلني فهو آمن فان كان محباً فأهلا به في زمرة البارين و من عاداني فله سلام مني وتحية.
فما أبهاها و ما ابهرني عندما أخط بقلمي المتواضع حكاية المدينة العذراء صاحبة السبق في التاريخ و الحضارة و قصص روتها لمحبيها و سترويها بكرة و عشية .
عدن .. حكاية المدينة العذراء
أخبار متعلقة