كتب/ المحرر السياسيالتسـاؤل المطــروح اليـوم أكثر من أي وقت مضى يتمحور حـول مـدى جـديـة الأطـراف السياسية عـلى السـاحـة الوطنية في الالتزام بنتائج ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني سبيلا للخروج من حسابات الماضي ومخاطر هذه الحسابات على وحدة وتماسك الوطن والمجتمع، فضلاً عن مخاطر إمكانية ضرب تجربة التحول السياسي الراهنة في مقتل.. وبالتالي ذهاب اليمن إلى المجهول.وسيبقى هذا التساؤل مطروحاً وملحاً طالما ظلت بعض القوى السياسية غير ملتزمة بثورة الإجماع الوطني التي تبلورت وبصورة غير مسبوقة في مقررات مؤتمر الحوار الذي حظي بإلتفاف داخلي ودعم خارجي، بل وسيظل هـذا التسـاؤل يثير القلـق والاستهـجان في وقت واحد بالنظر إلى محاولات بعض القوى السياسية وتحديداً الحوثيون استغلال ظروف ومعاناة البسطاء من المواطنين و تقديمهم قرباناً في معركة خاسرة مقابل تحقيق مصالح ضيقة لهذا الحزب أو ذاك، إذ أن المطلوب استشعار هذه القوى لمسؤولياتها الوطنية وذلك في ضرورة المساهمة في إنجاح جهود القيادة السياسية بزعامة الرئيس عبد ربه منصور هادي وباقي القوى الوطنية لاستكمال ما تبقى من الفترة الانتقالية .. والشروع في تأسيس قيام الدولة الاتحادية وفقاً لأسس ومعايير العصر.ولا شك بأن محاولات اعتساف الحقائق أو فرض قناعات بعض الأطراف لتمرير خطابها السياسي وفرض الأمر الواقع من خلال تهييج الشارع والتلويح باستخدام القوة، لن يجدي نفعاً أو يؤدي - بالنتيجة - إلى أية إضافة إيجابية لبناء اليمن وإنما سيعود على أصحاب هـذه المشاريع الصغيرة بعواقب وخيمة وعلى المجتمع بالمزيد من المعاناة والصراعات الدموية التي لن يستقيم بعدها حال اليمن بأي حال من الأحوال.لقد أحسنت القيادة السياسية بزعامة الرئيس عبدربه منصور هـادي التعامل مع هذه المستجدات بمسؤولية وطنية عالية وعدم الانجرار إلى الاستفزازات المتواصلة.. وهـو ما يفترض على الأطـراف المعنية التقاط المبادرة الرئاسية ذات الصلة بمعالجة هذه التطورات الخطيرة وذلك من خلال استيعاب ملاحظات ( الحوثيين) وعدم المضي في مشروع تدمير وتمزيق اليمن أرضاً وإنساناً وعرقلة تجربة التحول السياسي، فضلاً عن ضرورة التجاوب مع هذه المبادرة الرئاسية الهادفة إيقاف التدهور المريع في الوضع الراهن الذي فرضته هذه الحركة والبدء في حـوار مفتوح أساسه الشفافية والمكاشفة لمناقشة مجمل القضايا والموضوعات الوطنية دون شروط مسبقة.. واعتبار ذلك هو المدخل لمعالجة أي قصور يكون قد شاب أداء المرحلة المنصرمة من الفترة الانتقالية .. و وضع البدائل الممكنة لترسيخ الاستقرار وتطور التجربة وعلى نحو يكفل إيقاف الذهاب في خيارات مدمرة أو تجريب الحسابات الخاسرة.مرة أخرى، يبرز التساؤل عن إمكانية تجاوب ( الحوثيين ) مع هذه المبادرة الرئاسية والانخراط في العملية السياسية بروح مسؤولة، تتسم بالشفافية .. وبالتالي العدول عن تلك الرهانات غير المحسوبة في محاولة الانقلاب على الإجماع الوطني الذي تبلور في مؤتمر الحوار والذي يعني بالنسبة لليمنيين الشيء الكثير للخروج من أسر التحديات والأزمات المتلاحقة التي لا سبيل للخروج منها بغير تعزيز وترسيخ قيم الاصطفاف الوطني وتوحيد الجبهة الداخلية والتفاف مختلف القوى السياسية حول جهود الرئيس عبد ربه منصور هادي والعمل سوياً في استكمال ما تبقى من مهام هذه الفترة .وبطبيعة الحال ، فإن التساؤل مطروح أيضاً أمام مختلف مكونات المجتمع ونخبه السياسية والفكرية والمجتمعية .. وقبل كل هذا وذاك منظومة الحكم المطالبة اليوم - أكثر من السابق - تفعيل الأداء وتجذير مسلكية التحول ، سواءً في ترجمة مخرجات الحوار أو في تمثل التوجيهات الرئاسية الأخيرة المصاحبة لقرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية .. وهي حزمة من الإصلاحات لا يمكن التعامل معها بانتقائية حتى تـؤتي ثمارها يانعة.أخيراً، لسنا بحاجة إلى التأكيد مجـدداً مسؤولية هـذه القوى والنخب على دقة واستثنائية المرحلة التي تتطلب قدراً كبيراً من المسؤولية الوطنية والتأريخية في التعامل معها بروح الاصطفاف وتغليب مصالح الوطن على ما عداها من مصالح نفعية ضيقة لن تتحقق أو تـدوم إذا ما تعرض الوطن وتجربته السياسية للفشل.انتهى..
إلى أين أنتم ماضون بالوطن؟!
أخبار متعلقة