الخبير الجيوفيزيائي نادر باسنيد لصحيفة لـ 14 اكتوبر :
لقاء/ عادل خدشيعلى الرغم من المعاناة التي تواجهها إدارة الجيولوجيا البحرية بعدن، وذلك في حرمانها من أبسط المقومات التي تتمثل في توفير سيارة (حافلة) للنقل، وكذا قارب خاص بالمسح الجيولوجي البحري؛ إلا أنَّ هذه الإدارة أثبتت جدارتها أمام التحديات التي تواجهها في رسم لوحة جميلة أدهشت كل المهتمين وغير المهتمين بهذا الشأن العلمي الجدير بالاهتمام.. صحيفة 14 أكتوبر التقت أحد الخبراء الجيوفيزيائيين العاملين في الجيولوجيا البحرية الأخ نادر بدر باسنيد.. فإليكم الحصيلة: في هذا البحث عن الدراسة الباثومترية لسواحل مدينة عدن قال الأخ نادر بدر باسنيد جيوفيزيائي في إدارة الجيولوجيا البحرية هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية م/عدن:إنَّ ما تمتلكه عدن من سواحل وشواطئ ساحرة، وبحر ذي مياه دافئة على مدار العام، جعلها مقصدًا لكثيرٍ من سكان المحافظات اليمنية المجاورة لعدن وغيرها وكذا الدول العربية المجاورة ممن يعشقون البحر والسباحة.وأضاف: أنَّ هذه المميزات قد جذبت العديد من رؤوس الأموال للاستثمار في هذا الجانب، الأمر الذي جعله رافدًا هامـًا لاقتصاد المحافظة ينبغي المحافظة عليه.وأوضح أنـَّه في مقابل ذلك فهناك حالات للغرق في تلك السواحل مثلها كمثل بقية كل السواحل ذات الرواج السياحي في العالم، ولكن ما تمَّ ملاحظته أنَّ تلك الظاهرة قد تنامت بوتيرة عالية خلال العقدين الأخيرين بشكل لم تشهده مدينة عدن من قبل، مشيرًا إلى أنَّ هذا الأمر يشوِّه من السمعة العريقة الرائعة لسواحل عدن ويضر باقتصادها.واستطرد قائلاً: وانطلاقـًا من ذلك قام مدير إدارة الجيولوجيا البحرية المهندس منصر عبدالله حسين الحاج بتكليف عددٍ من مهندسي الإدارة البحرية لديه للقيام بعمل دراسة لقاع البحر في المنطقة القريبة من الشاطئ عند تلك السواحل، التي تشهد حالات غرق متزايدة لمعرفة أسباب هذه الظاهرة ومحاولة إيجاد الحلول لها.وأكد الأخ نادر باسنيد أنـَّه بناءً على ما قد تمَّ، قام فريق العمل المُكلَّف بالأمر من مدير الإدارة بجمع المعلومات الأولية وتقسيم مناطق العمل ضمن نطاقين رئيسيين هما:الأول: شبه جزيرة عدن/ وشملت صيرة، معاشيق، جزيرة دنافة، ساحل العـُشاق، جولد مور وساحل العروسة.أما الثاني: فشمل شبه جزيرة عدن الصغرى: وشملت بربرية، كود النمر، الغدير، آشيد، الشاطئ الأزرق وكبجان.وأضاف: أنـَّه قد تم النزول إلى جميع تلك المناطق وتم القيام بعمل قياسات لرصد قاع البحر في المنطقة القريبة من الشاطئ باستخدام تقنية صدى الصوت (Echo Sounder) ، وتم القيام بمعالجة المعطيات المستخلصة من تلك القياسات وتحليلها بواسطة برامج خاصة متطورة التي أدت إلى توفير كم كبير من المعلومات، أفضت إلى تحديد الآلية والأسباب المباشرة لوقوع حوادث الغرق في تلك السواحل ذات الرواج السياحي، تحديدًا ونقصد هنا سواحل: “العشاق، جولد مور، العروسة وبربرية”.. مشيرًا إلى أنـَّه وبناءً عليه، وحرصـًا من إدارة الجيولوجيا البحرية ومديرها بشكل خاصة وهيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية بمحافظة عدن بشكل عام فقد قام فريق العمل المنفذ لهذه الدراسة بتنفيذ خطة توعوية إيمانـًا منه بأحقية أفراد المجتمع في التعرف على ما تم التوصل إليه من معلومات تحدد المخاطر التي تحيط به في بعض السواحل وكيفية تجنبها بهدف الحد من تلك الظاهرة.. مؤكدًا أنـَّه تم التنسيق في البدء مع إدارة التربية والتعليم بمحافظة عدن لإجراء محاضرات توعوية للكادر التربوي في جميع مديريات محافظة عدن، حيث تم التنسيق مع المؤسسات الأمنية ذات العَلاقة في محافظة عدن، لإجراء محاضرات توعوية ومشاركة المعلومات التي تمَّ الحصول عليها من الدراسة، وهي مصلحة خفر السواحل والدفاع بعدن، كما شمل ذلك أيضـًا المؤسسة الأكاديمية، التي تمثلت بجامعة العلوم والتكنولوجيا بعدن.وأشار إلى أنَّ فريق العمل قام بإجراء محاضرات مماثلة في اليوم العالمي للمياه، بالتنسيق مع جمعية الحياة، وكذا في اليوم العالمي للدفاع المدني.وعلى الصعيد نفسه تم توجيه رسائل رسمية إلى جميع مديري المديريات ذات العَلاقة في محافظة عدن من أجل التنسيق معهم لعمل لوحات إرشادية على الساحل في المواقع الخطرة، ووضع علامات في البحر بألوان يحدد كل لون منها بمستوى العمق الذي هي فيه، مؤكدًا أن المخطط الذي لدينا يحدد أنْ يتم كل ذلك قبل موسم الرياح الموسمية التي تسبب الاضطرابات البحرية التي تلعب دورًا في وقوع حوادث الغرق، ولكن لم نجد استجابة إلى هذا الأمر حتى يومنا هذا.المسببات لوقوع حوادث الغرق في سواحل عدنوتطرق الأخ نادر بدر باسنيد أحد الخبراء العاملين في إدارة الجيولوجيا البحرية إلى المسببات لوقوع حوادث الغرق في سواحل عدن فقال:لشرح هذا الأمر بشكل مختصر للقارئ الكريم سوف نخصص لهذه الفقرة الدراسات التي تمّ إجراؤها على السواحل ذات الرواج السياحي، التي تشهد عادةً أعدادًا كبيرة من رواد البحر في سواحل شبه جزيرة عدن ونقصد هنا: «العشاق، جولدمور والعروسة»، حيث تشترك جميعها بالمسببات نفسها لوقوع حوادث الغرق، وتختلف من حيث نسبة ارتفاع احتمالية وقوع مثل تلك الحوادث.وأكد أنَّ تغير طبوغرافية قاع البحر (ونقصد هنا تغير واختلاف الانحدارات في قاع البحر) في المناطق القريبة من الشاطئ الدور الرئيسي لوقوع حوادث الغرق، يزيد من فعالية تلك القدرة قوة التيارات البحرية المتمثلة في (المد والجزر) المؤثرة على تلك السواحل، حيث تشكل في فترة الرياح الموسمية (يونيو، يوليو وأغسطس) تيارات مدية قوية تدخل إلى تلك السواحل على شكل أمواج بحرية عالية، وذات قوة دفعية كبيرة، مضيفـًا: وعند ارتداد تلك الأمواج من خط الشاطئ تتفاوت القدرة السحبية لتلك الأمواج تبعـًا لشكل تضاريس وانحدار القاع.واستطرد قائلاً: ففي المواقع التي يكون فيها الانحدار كبيراً، تكون قدرة السحب للموجة المرتدة عالية مسببةً تيار سحب سفلي يعمل على شل وسحب أي شخص يوجد ضمن نطاقه نحو الأعماق الكبيرة.إذن فالعامل المساعد الذي يسبب تيارات السحب (المسببة للغرق) هو شدة انحدار القاع، أو نتيجة فعل سببه بشري، ونقصد هنا الكتل الضخمة الملقاة في منطقة الشاطئ (كما هو الحال في العشاق الذي سبب انحدار قاعة السفينة المُلقاة على الشاطئ لفترة زمنية طويلة) أو البناء غير المدروس في مواقع قريبة جدًا من حدود الشاطئ.ملخص دراسة بحثية لسواحل شبه جزيرة عدن ذات الرواج السياحي لتحديد مسببات الغرق فيهاوأشار الأخ نادر باسنيد إلى أن فريق قسم المسح البحري التابع لإدارة الجيولوجيا البحرية في هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية م / عدن قام بدراسة بحثية لسواحل مدينة عدن (شبه جزيرة عدن، شبه جزيرة عدن الصغرى) لتحديد إمكانياتها ومميزاتها التي يمكن تحديدها في النقاط التالية :إبراز مقومات السواحل و الشواطئ من اجل الجذب الاستثماري، تحديد السواحل التي يمكن إقامة المشاريع الخدمية فيها مثل الحراجات السمكية، مرسى لقوارب الصيادين أو غيره، وتحديد مسببات وقوع حوادث الغرق المتكررة و التي تزايدت في السنوات الأخيرة. وسوف نخصص ضمن هذا المقال موضوع مسببات وقوع حوادث الغرق في سواحل شبه جزيرة عدن خاصة تلك السواحل ذات الرواج السياحي للسباحة وهي :ساحل العشاق، ساحل جولدمور وساحل منتجع العروسة.ساحل العشاق: بلغت المساحة الممسوحة بالمسح البحري في منطقة ساحل العشاق والسواحل الواقعة بينها وبين جزيرة دنافه 0.39 كيلومتر مربع، ولكن ضمن هذا المقال سوف نشرح مسببات وقوع حوادث الغرق في ساحل العشاق فقط . نلاحظ من خلال الخارطة الباثومترية «التضاريسية» ( في الأسفل إلى اليسار ) وهي خارطة تبين المستويات في قاع البحر المختلفة العمق بألوان مميزة لكل مستوى عمقي ( كما يظهر من العمود اللوني المرفق مع الخارطة الباثومترية)، حيث يلاحظ من الخارطة لقاع ساحل العشاق ان هناك ارتفاعاً ملحوظاً للقاع في المنطقة القريبة من الشاطئ و الذي يظهر باللون الأحمر ضمن الخارطة , كما يلاحظ تقارب شديد بين الخطوط المحددة للمستويات العمقية مما يدل على وجود انحدار شديد للقاع في هذه المنطقة وهو ما يمكننا ملاحظته من المقطع العرضي للمحور AB المرفق ضمن الخارطة الباثومترية «التضاريسية » والذي يبين ان زاوية الانحدار للقاع في تلك المنطقة قد تصل إلى 45 درجه , وهي تعتبر زاوية ميل شديدة الانحدار.وأشار إلى أن سبب تشكل هذا الانحدار والذي يعد المسبب الرئيسي لوقوع حوادث الغرق في هذه المنطقة هو تراكم الرواسب الرملية القادمة من خليج عدن و المحمولة بالتيارات البحرية خلف جسم ضخم تمثل هنا بالسفينة الغارقة التي كانت جانحة على شاطئ ساحل العشاق لفترة زمنية طويلة ثم تم إزالة أجزاء منها منذ فترة فيما بقيت أجزاء أخرى مدفونة تحت الرمال , خلال كل تلك الفترة تراكمت كميات كبيرة من الرمل خلف السفينة الأمر الذي صنع هذا التشوه للتدرج الطبيعي للقاع في المنطقة القريبة من الشاطئ. ولتوضيح كيفية مساهمة هذا الانحدار في وقوع حوادث الغرق في هذه المنطقة سوف نقوم بعمل محاكاة لدخول التيارات البحرية أثناء المد البحري بشكل أمواج بحرية إلى ساحل العشاق، وأيضا محاكاة التيارات المرتدة (السحبية) من حدود الشاطئ باتجاه العمق البحري.وتوضح الخارطة المجسمة لقاع ساحل العشاق (الخارطة في الأعلى) اتجاه التيار البحري الداخل إلى ساحل العشاق بشكل أمواج بحرية ( السهم الأحمر) حيث يستمر اندفاع تلك الأمواج حتى تصل إلى أقصى نقطه على الشاطئ والتي عندها تنخفض سرعتها إلى الصفر، لتبدأ بعدها بالتراجع إلى الخلف ويزداد تسارعها بالتدريج نحو العمق بقيم تتفاوت بحسب شدة الانحدار للقاع، وفي حالتنا هذه التي يكون فيها انحدار القاع للساحل شديداً فإن تسارع تلك الأمواج العائدة إلى البحر يكون سريعا مشكلا تيارات السحب او كما تعرف ( Rip Current ) والتي تم توضيحها في الخارطة بالأسهم البيضاء . وأوضح أن قدرة تلك التيارات السحبية على الشد نحو العمق يعتمد على شيئين أساسيين هما : شدة انحدار القاع، حيث كلما كان الانحدار شديداً تشكلت عنه تيارات سحب قوية، وقوة وسرعة الأمواج أو التيارات البحرية الداخلة إلى الساحل والتي تكون كبيرة في موسم الرياح الموسمية وفترات الاضطرابات البحرية، فكلما كانت تلك التيارات قوية تشكلت عنها تيارات سحب قوية. إذن يمكننا أن نستخلص مما سبق أن هناك تيارات سحبية قوية تتشكل في منطقة ساحل العشاق تعمل على سحب أي شخص يوجد في نطاقها إلى أعماق كبيرة خصوصا في فترات الاضطرابات البحرية وموسم الرياح الموسمية.ساحل جولدمور : وبلغت المساحة الممسوحة في هذه المنطقة 0.14 كيلومتر مربع , ويلاحظ من خلال الخارطة الباثومترية ( التضاريسية ) المرفقة في الأسفل لساحل جولدمور، أن هناك تدرجاً نموذجياً لانحدار القاع نحو العمق وهي تعتبر سمة ايجابية رائعة تعزز من جمالية وروعة الساحل . وكما ذكرنا سابقا أن كل لون في الخارطة يمثل مستوى عمقياً معيناً فإذا دققنا النظر إلى الخارطة المرفقة لساحل جولدمور سنجد أن هناك انقطاعـًا للمستوى العمقي نفسه القريب من الشاطئ والذي يتمثل في الخارطة الباثومترية المرفقة باللون البرتقالي، وأن هناك تداخلاً في المنتصف للمستوى العمقي الأكبر والمتمثل في الخارطة باللون الاصفر , مما يدل على أن هناك انخفاضـًا في المنتصف للقاع عند المنطقة القريبة من الشاطئ مع وجود ارتفاعات عند الأطراف.فإذا قمنا بإجراء محاكاة لدخول التيارات البحرية المدية إلى الساحل، وأيضا محاكاة تيارات الارتداد الناتجة عنها سنجد أن التيار البحري الدخل الى ساحل جولدمور ( السهم الأحمر في الخارطة المجسمة لساحل جولدمور ) أن تلك التيارات تدخل الساحل بزاوية مائلة على شكل أمواج بحرية تستمر بالاندفاع نحو الشاطئ حتى تصل إلى نقطة تنخفض فيها سرعتها إلى الصفر، لتبدأ بعد ذلك بالارتداد و التسارع نحو الخلف (العمق). ونتيجة إلى وجود ذلك التقوس الذي يميز ساحل جولدمور ( كما ذكرنا سابقا ) , فإن تلك التيارات المرتدة سوف تنسحب إلى الخلف لمسافة قصيرة نحو العمق ثم ستنحرف جانبيا باتجاه مركز التقوس ( كما هو موضح في الخارطة في الأعلى بالأسهم السوداء ) , وبالتالي تلتقي تلك التيارات في المنتصف لتشكل تيارا سحبيا نحو العمق ( السهم الأبيض الطويل في الخارطة المرفقة في الأعلى) الذي يكون ذوا قدرة سحبية شديدة في فترات الاضطرابات البحرية وخاصة فترة الرياح الموسمية . و تتشكل تيارات سحبية خلف الحاجز الصخري لساحل خليج الفيل نتيجة وجود انحدار ناتج عن تراكم الرواسب الرملية البحريه خلف ذلك الحاجز (السهمين الأبيضين إلى يمين الخارطة المجسمة لساحل جولدمور).وأوضح: يلاحظ أيضا وجود فجوة صخرية على حافة البروز الصخري لخرطوم الفيل (الخارطة المرفقة في الأعلى) يعمل على تشكل دوامات بحرية شديدة القوة , حيث يمكن اعتبار ذلك الموقع خطيراً للغاية يمنع السباحة فيه . ساحل منتجع العروسة: بلغت المساحة الممسوحة بالمسح البحري لمنطقة ساحل منتجع العروسة 0.13 كيلومتر مربع، حيث نلاحظ من خلال الخارطة الباثومترية لساحل منتجع العروسة (الخارطة في الأسفل) أن هناك أكثر من مسبب لوقوع حوادث الغرق. وقال: إنـَّه يمكن تحديد أولى تلك المسببات تلاحظ من خلال الخطوط الكنتورية المحددة للمستويات العمقية في المنطقة القريبة من الشاطئ , والتي تدل على وجود انحدار شديد ( المقطع العرضي المحدد من خلال المحور AB و CD في الخارطة الباثومترية المرفقة في الأعلى على اليسار)، وهذا المسبب قد تم ملاحظته وشرحه سابقا في منطقة ساحل العشاق.. مشيرًا إلى أن المسبب الآخر يمكن ملاحظته من الخارطة المرفقة من خلال وجود الانقطاع الأفقي للمستوى العمقي القريب من الشاطئ مع تداخل لمستوى عمقي اكبر عند المنتصف، وهذا المسبب أيضا قد تم ملاحظته و شرحه في منطقة جولدمور. إذن تم اخذ المسبب الرئيسي لحوادث الغرق في ساحل العشاق، مع المسبب الرئيسي لحودث الغرق في ساحل جولدمور، وجمعهما معا ووضعهما في مكان واحد هو ساحل منتجع العروسة.فإذا ما قمنا بإجراء محاكاة لدخول التيار البحري المدي إلى ساحل منتجع العروسة وكذا محاكاة التيارات الارتدادية الناتجة , فأننا نلاحظ أن التيار الداخل على شكل أمواج بحرية مدية إلى الساحل ( السهم الأحمر في الخارطة المجسمة في الأعلى لساحل منتجع العروسة) يدخل بزاوية اقل حدة من تلك التي في سواحل العشاق وجولدمور، مما يجعل تلك التيارات تحافظ على جزء كبير من طاقتها الاندفاعية حتى وصولها إلى خط الشاطئ وبالتالي امتدادها إلى مواقع أعمق في خط الشاطئ إلى نقطة تنخفض فيها سرعتها إلى الصفر، بعد ذلك تبدأ بالارتداد أو الانسحاب إلى داخل العمق البحري مكونة تيارات سحبية تختلف شدتها باختلاف شدة انحدار القاع، وفي حالتنا هذه يكون الانحدار شديداً وبالتالي فالتسارع للتيارات المرتدة أو المنسحبة يكون كبيرًا، يضاف إلى ذلك وجود بعض التيارات التي ترتد بشكل جانبي والناتجة عن وجود منطقة منخفضة تتوسط ارتفاعين من الجوانب، حيث تتشكل في المحصلة تيارات سحبية شديدة القوة وباتجاهات مختلفة وعديدة وفي أماكن كثيرة من منطقة الساحل. يضاف إلى ذلك أن التسارع الكبير للتيارات السحبية العديدة سابقة الذكر يجعلها تمتلك طاقة شد او سحب عالية نحو العمق البحري، وبالتالي تعمل على جرف كميات من الرمال نحو العمق مؤدية في بعض الأماكن إلى تشكل حفر تتعمق تدريجيا مع استمرار تأثير تلك التيارات , لتصبح فيما بعد أماكن لتشكل الدوامات البحرية أو كما تعرف باسم الحيسة. نستخلص من دراسة قاع البحر في المنطقة القريبة من الشاطئ في ساحل منتجع العروسة، أن هناك مسببات عديدة لوقوع حوادث الغرق في هذه المنطقة وأن نسبة النجاة لأي شخص يتواجد ضمن تلك التيارات و الدوامات المائية في هذه المنطقة تكون ضئيلة جدا خاصة في موسم الرياح الموسمية ( يونيو، يوليو وأغسطس) والاضطرابات البحرية. الخلاصة:نستنتج من دراسة قاع البحر القريبة من الشاطئ في السواحل ذات الرواج السياحي لشبه جزيرة عدن (السابقة الذكر) أن المسبب الرئيسي لوقوع حوادث الغرق هو تشكل تيارات السحب (Rip Currents) خصوصا في فترة الرياح الموسمية (يونيو، يوليو، أغسطس) والاضطرابات البحرية، وهي تيارات تقع أسفل التيار المدي الداخل إلى الساحل ولها القدرة على الشد أو السحب بقوه باتجاه العمق. فعلى سبيل المثال .... لو قام شخص بالوقوف عند منطقة الشاطئ سيلاحظ أثناء ارتداد الموج وبداية تشكل تيار الارتداد أو السحب أن القدمين تنغرسان في الرمال، فإذا ما تعمق أكثر في البحر إلى مستوى الركبة أو أكثر قليلا سيلاحظ عند ارتداد التيار أن هناك قوة شد أو سحب باتجاه العمق قد تجعله يشعر باختلال توازنه، أما عند التعمق إلى مستوى اكبر من طوله فإنه عندما يقوم بالغطس إلى القاع عند ارتداد التيار فإنه سينجرف أو يسحب بقوة إلى أعماق كبيرة و لمسافة طويلة لا يستطيع خلالها من الصمود نتيجة انقطاعه عن التنفس مما يؤدي إلى وفاته . تختلف قدرة السواحل في المناطق السابقة الذكر على صنع تيارات سحبية قوية باختلاف مميزات القاع في كل منها ودرجة التشوهات التي أصابته، وهذه الأخيرة تعتبر المسبب الرئيسي لحوادث الغرق , حيث يمكن تحديد مسببات تلك التشوهات في كل منطقة أو ساحل ضمن موضوع الدراسة كالتالي:ساحل العشاق : وكان المسبب الرئيسي للتشوهات القاعية فيه هو جنوح السفينة على شاطئه وبقاؤها هناك لفترة طويلة ساعدت على تراكم الرواسب الرملية البحرية المنقولة بالتيارات البحرية خلف جسم السفينة مشكلة كثيباً رملياً شديد الانحدار . ساحل جولدمور: وكان المسبب الرئيسي للتشوهات القاعية فيه هو طبيعي ناتج عن الانكسار الكبير للتيار البحري الداخل إلى شاطئ الساحل نتيجة ارتطامه بالبروز الصخري لخرطوم الفيل الأمر الذي أدى إلى حدوث ترسيب عند أقدام البروز الصخري المجاور لخرطوم الفيل وبالتالي ارتفاع قاع البحر في تلك النقطة .ساحل منتجع العروسة: وكان المسبب الرئيسي للتشوهات القاعية فيه هو البناء غير المدروس القريب جدا من حافة الشاطئ , الأمر الذي أدى إلى عدم وجود مساحه كافية للرواسب الرملية في منطقة الشاطئ وبالتالي لم تسمح لتلك الرسوبات بأن توضع بشكل تدريجي صانعة تدرج انسيابي للقاع , بينما ساعدت على تراكمها مشكلة انحداراً ذا ميل شديد، وهذا الأخير ساهم في صنع مناطق متجاورة ذات ارتفاعات مختلفة.بالتالي يمكننا تصنيف تلك السواحل موضوع الدراسة من حيث مخاطر السباحة فيها في فترة موسم الرياح الموسمية وحدوث الاضطرابات البحرية كالتالي (من الأقل خطورة إلى الأكثر خطورة ):ساحل جولدمور، ساحل العشاق وساحل منتجع العروسة. التوصيات :1 - تعريف المجتمع بالمخاطر التي توجد في كل منطقة من السباحة فيها أثناء فترة الرياح الموسمية وفي حال حدوث أي اضطرابات بحرية، وكذا السعي الحثيث للقيام بعمل لوحات إرشادية توضح مخاطر السباحة في أوقات معينة، بالإضافة إلى عمل علامات بحرية بألوان مميزة يحدد موقع كل لون منها في البحر مقار العمق الذي توجد فيه، كما يجب إنشاء مراكز للمراقبة على الشواطئ يديرها رجال انقاد ومسعفون طبيون مؤهلون، بالإضافة إلى القيام بعمل دراسة تستند إلى معلومات هذه الدراسة لمعالجة التشوهات التي أصابت قاع البحر في المناطق موضوع الدراسة لإعادة تأهيلها لتكون آمنة للسباحة فيها على مدار العام .