صباح الخير
يوم أو يومان ويهل على المسلمين في انحاء المعمورة بالفرح والبشرى شهر رمضان المبارك، وذلك باعتباره سيد الشهور وموسم الخير والبركات، فهو شهر عظمه الله وكرمه تتضاعف فيه الأجور والحسنات وتمحى فيه الذنوب والسيئات، فيه أنزل القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، وفيه يقول تعالى: (يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون).وقد أخبر الرسول (صلى الله عليه وسلم) ان من صامه ايماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قامه ايماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.شهر فيه ليلة القدر خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم، وفي هذا الشهر المبارك تفتح أبواب الجنة وتغلق ابواب النار وتصفد الشياطين وينادي مناد يا باغي الخير اقبل ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار في كل ليلة من ليالي هذا الشهر المبارك، ولقد نسب الله تعالى الصوم إلى نفسه وأكد عليه بمزيد من الاختصاص ففي الحديث القدسي يقول تعالى: (كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فانه لي وانا اجزي به).ولا شك ان الحديث عن فضائل رمضان وايراد المزيد من الأدلة يطول كثيراً ولا نستطيع الالمام به في هذه العجالة ولكن على سبيل المثل يكفينا ترغيباً في فضل الله العظيم وعطائه الجزيل ان نعرف ان من قام ليلة القدر كتب له أجر أكثر من ثلاثة وثمانين عاماً من العبادة لله تعالى فهذا فضل عظيم من الله تعالى وأجر كبير لا يضيعه إلا محروم وقد يعتقد البعض ان قيام هذه الليلة يعني الاشتغال بالصلاة فيها طول الليل وهذا ليس صحيحاً بل يكفيه ان يخلص النية فيها لله ويؤدي الصلاة المفروضة والتراويح مع امامه ولا ينصرف حتى ينصرف ويفرغ الامام منها ثم يجتهد في تلك الليلة بما يقدر عليه من اعمال البر كالصدقة والدعاء والاستغفار وقراءة القرآن فيكتب له بفضل الله ذلك الأجر العظيم ويعظم رصيده عند الله من الاجر والثواب.وإذا كان هذا الأجر العظيم يحصل عليه المسلم في ليلة مباركة واحدة فكيف بالأجور العظيمة الاخرى التي يحصل عليها مقابل الصيام والقيام وقراءة القرآن والدعاء والاستغفار والصدقة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى غير ذلك من القائمة من اعمال البر الكثيرة والمتعددة.وتأمل اخي المسلم قول الله تعالى في الحديث القدسي في فضل الصيام: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا اجزي به).فقد قال العلماء في نسبة الصيام إلى الله تعالى والجزاء عليه ان ذلك يعود إلى ان الصوم لا يدخله الرياء لأن فعل هذه العبادة لا يظهر على الانسان مثل العبادات الاخرى كالصلاة والزكاة والحج، ولذلك فان الأجر يكون على الصيام عظيماً كعظمة الله تعالى المختص بالجزاء على هذه العبادة العظيمة، ومع ذلك فانه لابد من التذكير ببعض آداب الصوم التي اشارت إليها الأحاديث الشريفة فلا بد ان يحفظ المسلم صيامه عن ما حرم الله من السب واللعن وفحش الكلام والجدال والمراء ومن عموم الازوار والآثام فقد صح عن النبي (صلى الله عليه وسلم) انه قال: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه) وقال عليه الصلاة والسلام: الصيام جنة فإذا كان صوم يوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فان امرؤ سابه أحد فليقل: اني صائم.وجاء عنه (صلى الله عليه وسلم) انه قال: (ليس الصيام عن الطعام والشراب وانما الصيام من اللغو والرفث)، وهذا ما يقع فيه الكثير من الصائمين وخاصة الذين يتعاملون مع الناس ولا يصبرون على اذاهم فيدخلون معهم في كثير من الجدال الذي يفقدهم صفة الصائم المتصف بالصبر والسكينة والوقار فيحرمون الأجر المرتب على عبادة الصوم.واخيراً لابد ان نذكر ان هذا الشهر المبارك يتطلب من جميع المسلمين ان يحسنوا استقباله بالاخلاص والتوبة النصوح والاستعداد باغتنام ايامه ولياليه بالصيام والقيام والتقرب إلى الله فيه بسائر اعمال البر والاحسان وان نري الله من انفسنا من الخير ومن التغيير الايجابي ما يجعلنا اهلاً لمحبته ورضاه عنا، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.