إعداد/ د. محمد أحمد الدبعيصار ارتفاع ضغط الدم الشرياني من الأمراض الاعتيادية مع انتشاره بوتيرة أوسع في مجتمعنا خلافاً لما كان عليه الحال في الماضي, فتغير نمط العيش وتدنت وتيرة النشاط البدني بمعية عادات غذائية دخيلة وعالية في سعراتها الحرارية شكلت العقدة الأبرز في تزايد الإصابة بالأمراض المزمنة ومن بينها ارتفاع ضغط الدم الشرياني. خصائص المرضيعد ارتفاع ضغط الدم الشرياني أحد أكثر الأمراض شيوعاً في عصرنا، وتكمن خطورته في أنه يحدث دون أن يسبب أي متاعب على مدار أعوام؛ مسبباً العديد من المشاكل لعدد من الأجهزة الحيوية في جسم الإنسان مما قد يؤدي إلى إصابة المريض بالسكتة الدماغية أو الأزمة القلبية. ويجري تعريف هذا المرض بأنه: ارتفاع الضغط في الشرايين الصغيرة المنتشرة في جميع أجزاء الجسم، أي الارتفاع لأي ٍمن الضغطين الانقباضي والانبساطي أو كليهما معاً فوق معدل القياس السليم للضغط، ويسجل بقراءتين:•ضغط الدم الانقباضي:- يكون القلب فيه في حالة انقباض، وتظهر قراءته كرقم أعلى.•الضغط الانبساطي: وهو ضغط الدم أو قوة اندفاعه في الشرايين عندما يكون القلب في حالة انبساط أو استرخاء، وتظهر قراءته كرقم أسفل.ضغط الدم = ضغط انقباضي ملم زئبقيضغط انبساطي بالتالي، يتراوح معدل الضغط الانقباضي السليم ما بين(100 -140 مليمتراً زئبقياً)، بينما معدل الضغط الانبساطي الطبيعي ما بين(60 - 90 مليمتراً زئبقياً). شيوع الأعراضفي الأوساط الطبية يوصف ارتفاع ضغط الدم بالقاتل الصامت، فقد لا تبدو له أعراض مصاحبة يهتدي إليها المريض وتحمله على الشك بأن ما يشكو منه ربما بسبب ارتفاع ضغط الدم، ليعرض نفسه على طبيب.غير أن البعض يُكتشف ضغط الدم لديه صدفة عند قياسه أثناء الفحص الروتيني، حيث بالإمكان أن يشكو الشخص من ألم في الرأس أو من دوخة ويكون ضغط الدم لديه طبيعيا.ولعل من العلامات المميزة لارتفاع ضغط الدم وجود صداع في الرأس يكون مستمراً من الصباح الباكر وحتى منتصف الصباح، أو الشعور بصداع عند التوتر العصبي أو الإرهاق أو القلق، وهذا النوع من الصداع يتركز في موضع مؤخرة الرأس وينتشر إلى قبو الجمجمة، وقد ينتاب المريض - أيضاً- ثقل في الرأس وأرق(قلة النوم).الأنواع والمسبباتيعتبر ارتفاع ضغط الدم - متى تأكد تشخيصه- مرض مزمن قد يستمر مع صاحبه مدى الحياة، وينقسم إلى نوعين تبعاً لدواعي وأسباب الإصابة، هما:-•ضغط الدم الأولي(الأساسي):- يصيب الفئة العمرية فوق الأربعين، وأحياناً يصيب ما دونها.• ضغط الدم الثانوي:- لا تتعدى نسبة الإصابة به(10 %)من جملة حالات ارتفاع ضغط الدم، وأهم مسبباته أمراض الكلى واختلال الوظائف الهرمونية للغدد الصم بالجسم. وهذه الفئة من المرضى - إذا ما شُخصت- أمكن معالجتها تماماً، بمعالجة السبب.وبينما أسباب النوع الأولي للمرض غير معروفة، إلا أن ثمة عوامل تسهم في تطوره لمن لديهم قابلية وراثية للإصابة.. ومن هذه العوامل مثلاً:- التقدم في العمر(أي بعد سن الخامسة والثلاثين). السمنة. التدخين. إدمان المسكرات والمخدرات. زيادة نسبة الدهون في الدم. عدم ممارسة الرياضة أو العمل العضلي. الإفراط في تناول ملح الطعام مع الأكل. كما تسهم فيه أو بتفاقمه بعض الأمراض، مثل( داء السكري، تصلب الشرايين).نظام المتابعةغالبية المرضى لا يشعرون بارتفاع الضغط الشرياني الأساسي لانعدام وجود أعراض أو شكوى منه. ونحن الأطباء - بدورنا- ننصح كل من تجاوز الأربعين من العمر بقياس ضغط دمه ولو لمرة واحدة في العام من قبيل الاحتياط والتأكد من وجود المشكلة أو انعدامها.والأمر في غاية السهولة؛ لتوافر أجهزة قياس ضغط الدم في كل مكان؛ حتى على مستوى الأرياف، فهناك أجهزة يمكن للمريض شراؤها وقياس ضغط دمه بنفسه بكل سهولة.علاوة على ذلك سهولة استخدام هذه الأجهزة، وهو قياس نعتبره ضرورياً للغاية.الوقاية ضروريةمشكلة الكثيرين ممن يعانون ارتفاعاً في ضغط الدم أنهم يجهلون حقيقة هذا المرض..جهل يترجمه إهمالهم لتناول العلاج في أوقاته واللامبالاة في إتباع النصائح والإرشادات، فيمَ يُعد من الأسباب التي تقف وراء تصعيد مشكلة ارتفاع ضغط الدم واتخاذ المرض منحي خطيراً وصولاً إلى مرحلة المضاعفات الخطيرة.وللوقاية من المرض ومضاعفاته فإنه يجب:-التنبه لوجود أعراض ارتفاع ضغط الدم وأهمها:- الصداع المزمن وآلام في مؤخرة الرأس والذي قد يُصاحبه طنين في الأذنين قد لا يزول باستخدام مسكنات الألم الاعتيادية.إذا تم تشخيص المرض من قبل الطبيب المختص يجب الاهتمام بإبعاد المريض عن الضغوط النفسية والمواظبة على قياس ضغط الدم بشكل دوري.الاهتمام بممارسة الرياضة بشكل منتظم والتي من شأنها التقليل من التوتر وحرق الدهون وبالتالي الحفاظ على ضغط الدم بصورة منتظمة. خفض وزن الجسم الذي يُعد من أهم الوسائل للوقاية من الإصابة بالمرض ومضاعفاته الخطيرة.الامتناع عن التدخين وتعاطي القات.موازين التغذيةيجب على المريض المصاب بارتفاع في ضغط الدم الالتزام بنظام غذائي مغمور بالفوائد الصحية من خلال:- الابتعاد عن الأطعمة المالحة والمركزة والمتواجدة في(ملح الطعام، الأجبان المالحة والمعالجة، الخردل، الكاتشب، الأطعمة الجاهزة والمجمدة مثل البرجر والنقانق.. وغيرها). الابتعاد عن الأطعمة والعصائر المعلبة والتي تحتوي على نسبة عالية من الصوديوم التي قد لا تظهر في الطعم.التقليل من المأكولات التي تحتوي على الدهون الحيوانية مثل اللحوم الحمراء واستبدالها بالأسماك والدجاج.الإكثار من تناول الخضراوات والفواكه الطازجة بكميات وفيرة .تناول المُكسرات الخالية من الملح.الإكثار من شرب السوائل والعصائر الطازجة.تناول الأطعمة ذات الدهون المنخفضة.الامتناع عن الأطعمة الغنية بالكولسترول والسكريات. تناول الخبز المحتوي على النخالة، كالخبز الأسمر وخبز البر الكامل.الابتعاد عن المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة لاحتوائها على نسبة عالية من الصوديوم والسكر.الامتناع عن التدخين وتعاطي القات لما من شأنهما التسبب بتفاقم حالة المريض.ختاما ويبقى من المهم للجميع العودة إلى كنف الطبيعة في التغذية ذات المستويات الأدنى في سعراتها الحرارية، وممارسة نشاطٍ بدني أو رياضة ملائمة بوتيرة يومية مستمرة، وتلافي زيادة الوزن والبعد عن التوتر والقلق المتزايد مع التقيد بالإرشادات الصحية النافعة للصحة.. فكل ما ذكرت يشكل متطلبات ضرورية لا حياد عنها للأصحاء عموماً، فكيف بمرضى ارتفاع ضغط الدم الذين اجتذبتهم أنماط المعيشة المعاصرة وإيقاعات الحياة المتسارعة غير الصحية؟
ارتفاع ضغط الدم .. بالوسع تلافي خطورته!
أخبار متعلقة