شوقي عوضما بين ميلاد الشاعر لطفي جعفر أمان 12مايو 1928م والرحيل المبكر في 1971/12/16م بمستشفى المعادي بالقاهرة، عن عمر ناهز الثالثة والأربعين عاماً محطات وشواهد للعبقرية الشعرية والريادة الرومانسية لهذا الشاعر فمن أين أبدأ بلطفي الذي بدأ أولى سلم خطواته الدراسية التعليمية من الابتدائية حتى المتوسطة بمدارس عدن و تحديداً (مدرسة السيلة) سابقاً أو المتحف الحربي حالياً ثم واصل بعدها دراسته بالمدرسة المتوسطة المواجهة للمحكمة القديمة والتنس العدني في صيرة المعروفة باسم المدرسة الثانوية التي درس بها وقام بالتدريس فيها لاحقاً وهو الذي تميز في دراسته بالمقدرة على حفظ شعره وإلقائه على طلابه وسامعيه.وإلى جانب موهبته في مجال الرسم والخط فقد كان يهوى التلحين والموسيقى ويطرب لها كثيراً إلا إن كل تلك الانشغالات والهوايات لم تعفه من مواصلة ومتابعة دراساته العالية ولمدة سبع سنوات بالسفر إلى السودان وبعد انتهاء دراسته عاد عام 1949م، بعد أن نال دبلوم كلية الآداب بالخرطوم التحق بإدارة المعارف وبعودته بدأت إسهاماته في الحياة الأدبية والثقافية في النهوض بالواقع الثقافي والأدبي والتربوي إذ شغل عدة وظائف منها محاضر في معهد تدريب المعلمين ومفتش ثم مدير للتربية والتعليم إلى أن أصبح وكيلاً لوزارة التربية والتعليم.كما اهتم بالمجال الإعلامي فعمل مذيعاً في محطة عدن للإذاعة بتقديم أحاديث وبرامج أدبية وتربوية ونشر عدد من المقالات والمواضيع الأدبية والفنية في الصحف المحلية وصدرت له دواوينه الشعرية ابتداءً من (بقايا نغم)، (كانت لنا أيام)، (الدرب الأخضر)، (ليل إلى متى)، (إلى الفدائيين في فلسطين)، (إليكم يا إخوتي) الخ.كما كتب الشاعر لطفي القصيدة بشكلها الخليلي والتفعيلي وشكلت قصائده المغناة خروجاً عن نمط القصائد الغنائية السائدة في الشعر الغنائي اليمني وقد جمعها الشاعر في ديوان شعري أسماه (ليالي) صدر عام 1960م. وقد توفي الشاعر بالقاهرة تاركاً إرثاً من القصائد ذات الأسلوب الحديث المبدع منها الوطنية والعاطفية التي تغنى بها الكثير من الفنانين اليمنيين الكبار أمثال أبوبكر سالم بلفقيه، محمد مرشد ناجي، أحمد بن أحمد قاسم، والأخوين ياسين وأبوبكر فارع، سالم احمد بامدهف..الخ.ويصنف الشاعر لطفي جعفر أمان بأنه من أعلام الرومانسية في الوطن العربي.فكثيرة هي الاهتمامات الأدبية التي نبغ فيها الشاعر لطفي جعفر أمان وصال وجال بها أديباً وشاعراً وفناناً ومغنياً وملحناً ولكن قليلة هي الإضاءات النقدية التي كتبت عن هذا الشاعر الفنان والملحن بل ونادرة كندرة الكتابة عن الفن التشكيلي الذي كان لطفي جعفر أمان أحد فرسانه فناناً تشكيلياً إذا أراد أن يرسم لوحة ما أخذ يرسمها بعمق إحساسه بفرشاته مظهراً ملامحها الجمالية والفنية وأن أراد العود تعامل معه بحسه المرهف بريشة العاشق الفنان.إن حياة جعفر أمان أن أردنا وصف ها وصفاً دقيقاً نجد أنها تشكل مقطوعة موسيقية لقصيدة لم تكتب بعد ولحن لم يكتمل ولوحة جمالية بحاجة إلى من يتأملها ويفسرها ويقرأ ما فيها من إعجاز وبيان وبلاغة ففي هذا لا نختلف كثيراً مع رومانسية لطفي وبالذات التي عمل جاهداً على تأصيل جذروها وترسيخها شعراً غنائياً رائعاً في (أخي كبلوني)، (يامزهري الحزين)، وبعض الأغنيات التي لم تسعفنا الذاكرة في التقاطها نصاً ومضموناً.ويمكننا إدراج لطفي أمان في دائرة الشعراء الرومانتي كيين ومع هؤلاء الفطاحلة العظام من الشعراء الرومانتكيين الإنجليز جون كيتس، تشيلي وكذا اعتبار غنائياته من أمثال (كانت لنا أيام)، (وصفوا لي الحب)، (سمعت الصوت)..الخ، تشكل رافداً قوياً للأغنية العربية إلى جانب (أيظن)، (لا تكذبي)، (أسألك الرحيل) وفي هذا لا نبالغ إذا ما قلنا أن هذا الإصرار قد ظل يرافق الشاعر لطفي جعفر أمان ويردده في بعض مقدمات دواوينه الشعرية ولعل من يقرأ تقديمه لديوانه (ليالي) الصادر عن دار الشعب للطباعة والنشر بعدن سيدرك مدى هذه الأهمية والتي تحدث عنها قائلاً:عزيزي القارئ: هذه (ليالي) بين يديك كلمات ترنمت بها في وحدتي وسكبتها في أسلوب محلي مزجته بصافي اللغة العربية فبقدر ما يدنو من مشاعر الجماهير يسمو بأذواق الجماهير. ولعل من يعود أيضاً إلى ديواني (بقايا نغم) الصادر عام 1948م و(ليالي) عام 1960م. وهذه الأغنيات (في جفونك)، (ساحل أبين)، (ياعيباه)، (راح الهوى) سيجد سبب شهرة أغنيات هذا الشاعر الفنان الملحن لطفي جعفر أمان محلياً وعربياً، وما هذه الأغنية (في جفونك) والتي قام بتلحينها وغنائها الفنان أحمد بن أحمد قاسم وغنتها الفنانة العربية الكبيرة هيام يونس إلا خير دليل على المكانة التي يحتلها الشاعر لطفي جعفر أمان بوجدان الأغنية العربية واليمنية.من هنا يحق للطفي علينا أن نكرس الاحتفاء به ونستضيف الشخصيات الأدبية والثقافية والاجتماعية التي عاصرها وعاش معها - علنا نصل في ذلك إلى ما نطمح إليه من بلوغ التكريم لذلك العلم الفذ والشاعر الغنائي الكبير ولكن وقبل كل هذا وذاك ندرس وبتمعن ودراية مآثره الأدبية ونضعها تحت مجهر النقد انطلاقاً من الأسلوب الشعري وطرائق التعبير الإبداعي والصورة الشعرية التي بلغ في كثير منها القمة الفنية والمتعة الجمالية لندرسه بصدق العاشق وحقيقة المنتمي لهذه الأرض اليمنية الطيبة على حد تعبير الناقد د. أحمد علي الهمداني، ونتجنب الشهيق والزفير في الاحتفاء بالمبدعين العظام ونحقق فروسية ذلك العاشق المنتمي - ترى متى نستعيد هذه الذكريات عن لطفي جعفر أمان وأساتذته الذين تتلمذ على أيديهم من أمثال صالح موشجي، حسن عمر، محمود لقمان وغيرهم ممن كانت لهم اليد الطولى في تربية وتهذيب ذلك الشاعر المتفرد والشامخ لطفي ونكتب الحكايات عن أشهر أغنياته ومطربيه أمثال الموسيقار أحمد بن أحمد قاسم، محمد مرشد ناجي، أبوبكر سالم بلفقيه، محمد سعد عبدالله، يحيى مكي، محمد عبده زيدي، أحمد ناجي قاسم ..الخ.متى يكون الوطن في العينين، ومبدعوه الإشعاع الحضاري لذاكرة الوطن والقناديل التي لا تنطفئ بعد الرحيل؟ ونعيد طباعة هذه الدواوين الغنائية (بقايا نغم) 1948م، (أعيش لك) 1966م، (ليالي) 1960م، (كانت لنا أيام ) 1962م.متى نكتب عن لطفي جعفر أمان التربوي، المذيع، الفنان، الملحن، المؤرخ، الصحفي، الشاعر، الناقد، الإنسان.
|
ثقافة
لطفي أمان الذاكرة والمكان
أخبار متعلقة