آخر كـلام
يبدو أن الوطنية كقيمة عظيمة في حياتنا نؤكد بها انتسابنا وانتماءنا لليمن يبدو أنها تخظى بقدر كبير على المستوى النظري من حيث رفع الشعارات وإلقاء الخطب والمحاضرات والدعوة إلى العديد من اللقاءات والمهرجانات إلى غير ذلك من مسوح الوطنية والتدثر بالشعارات الجوفاء التي لا تسمن ولا تغني من جوع وإنما تؤدي إلى ضياع الأوطان والشعوب التي تسود فيها لمصلحة قلة من الفاسدين والخائنين الذين ماتت ضمائرهم وأصبحوا سبباً في تخلف شعوبهم وأوطانهم عن ركب الحضارة والتقدم وهذا ما ينطبق بالفعل على النظام الاستبدادي الدكتاتوري الذي حكم اليمن لأكثر من ثلاثة عقود ولم يحقق لليمنيين شيئاً يذكر سوى المزيد من التخلف والاختلاف وطابور من الفاسدين الذين يتحكمون بالكثير من مفاصل الدولة ويقفون حجر عثرة ضد خطوات التغيير والانتقال باليمن إلى الدولة الاتحادية الحديثة التي يتحقق فيها تقاسم السلطة والثروة وتحقيق المشاركة الشعبية الواسعة بالإضافة إلى خلق التنافس بين أقاليم اليمن الستة لتحقيق أكبر قدر من التقدم والتنمية وبما يعود بالنفع على مستوى كل إقليم وعلى مستوى اليمن عموما. لقد كان النظام الاستبدادي الأسري وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود يسيطر سيطرة فردية على الجيش والأمن والاستخبارات وجعل منها قوة أسرية يقودها أبناؤه وأقرباؤه والمقربون فيه كما سيطر على المال وكل ما يتعلق بثروات اليمن يتصرف فيها كيفما شاء وكأنها ملكية خاصة وكذلك سيطر على أجهزة الإعلام المختلفة وجعلها تدور في فلكه تسبح بحمده ولا تتحدث سوى عن إنجازاته العظيمة التي لاينكرها سوى أعداء الشعب وأصحاب النظارات السوداء كما كان يردد في خطبه الفارغة وشعاراته الجوفاء لدرجة أن المواطنين في محافظة ذمار قد أقاموا جنازة رمزية للتلفاز باعتباره يضحك عليهم ليل نهار بمنجزات وهمية لم يروا لها أثرا على أرض الواقع حيث استطاع رأس النظام أن يسخر اليمن بكل طاقاته وإمكاناته في سبيل مصالحه والطغمة الفاسدة من حوله. إن سوق الشعارات في اليمن لايزال يزخر بالكثير من أدعياء الوطنية الذين يتحكمون بمفاصل الدولة المختلفة ويعيثون في الأرض ظلما وفسادا وإضراراً بمصالح الوطن والمواطن دون أن تنالهم يد العدالة أو على اقل تقدير يتم تغييرهم من الوظائف العامة التي يشغلونها ويسخرونها لمصالحهم الخاصة والمصيبة الكبرى أن بعضهم يشغل مناصب كبيرة وربما يكون عضوا في الحكومة وتراه يرتجل الكلمات الوطنية الرنانة التي تدعو إلى نبذ العنف والتطرف والإرهاب وإلى الالتزام بالوسطية والتسامح واحترام حقوق الإنسان وعندما تسمع مثل هذه الخطب والمواعظ النظرية تتكون لديك فكرة أولية انك أمام شخصية وطنية فذة من الطراز الأول ولكنك تصاب بالذهول والدهشة عندما تأتي تقارير أجهزة الرقابة والمحاسبة لتؤكد اختفاء المبالغ الكبيرة من المال العام والتي تصل إلى المليارات من الريالات التي تختفي في تلك الوزارة التي رأسها هذا الوزير المفوه دون أن تعرف أجهزة الرقابة أوجه الصرف الشرعية لها وبالإضافة إلى ذلك فإنه يظهر من خلال تصرفاته عدم احترامه للنظام والقانون والتعدي على اختصاص غيره من الوزارات الأخرى وهذا ما حدث في موسم الحج الماضي عندما رشح وزير الإعلام من يمثل اليمن من الإذاعة والتلفزيون اليمني ضمن بعثة موسم الحج الماضي فما كان من ذلك الوزير الذي يرأس البعثة إلا أن رفض ذلك الترشيح من وزير الإعلام المختص بذلك وقام بترشيح بعض الإعلاميين الذين يريدهم بالتواطؤ مع مدير قناة (اليمن) الفضائية وعمل على ضمهم إلى البعثة في تدخل سافر وغير مسؤول دون أن يحاسبهم أحد على هذا الفعل المشين الذي يؤكد أن بعض المتنفدين مازال يعيش بعقلية النظام السابق التي تجعله فوق النظام والقانون. ولاشك أن مثل هذه التصرفات اللا مسؤولة تؤكد أن الوطنية الحقة ليست شعاراً مهزوزاً تلوكه الألسنة الكاذبة وإنما هي ممارسات فعلية تتسم بالصدق والإخلاص لهذا الوطن والالتزام بالنزاهة والشفافية والحفاظ على المال العام واحترام النظام والقانون والعمل من خلال الوظيفة العامة على تحقيق مصالح الوطن والمواطن وكل هذه الصفات لابد من ترجمتها عمليا على أرض الواقع.. أما أدعياء الوطنية الذين تتناقض أقوالهم مع أفعالهم ويتخذون من الوظيفة العامة وسيلة لنهب المال العام وتحقيق المصالح الخاصة لهم ولأحزابهم على حساب المصلحة العليا لليمن فإن العدالة تقتضي محاسبتهم فيما ينسب إليهم من أفعال تخالف النظام والقانون وتؤكد عليها تقارير أجهزة الرقابة والمحاسبة وإلا فإن مسيرة التغيير في اليمن نحو الأفضل قد تتعرض لمخاطر وتحديات قد تجعلها في أحسن الأحوال ( محلك سر ) وهذا مالا يتفق مع ما أعلنه الأخ الرئيس المناضل عبدربه منصور هادي من أن عجلة التغيير قد دارت ولا يمكن أن يوقفها أحد. وفي الأخير نذكر بالقاعدة التي تقول : من أمن العقاب أساء الأدب.