المدير العام التنفيذي لصندوق النظافة والتحسين في عدن لـ ( 14 اكتوبر ) :
حاوره / فضل حبيشي قضية النظافة والقمامة في مقدمة قضايا المجتمع التي تضعها السلطة المحلية في عدن في رأس سلم أولوياتها , ومشاكل القمامة قضية مستمرة ومزمنة وهمومها لا تنتهي لأن النظافة الكاملة في عصرنا الراهن أصبحت صعبة المنال , ومهام نظافة البيئة ليست التي يتصورها البعض وهي تمس بشكل مباشر الحياة اليومية للمجتمع , فلا ازدهار للمجتمعات ولا تقدم ما لم تتوفر قبل كل شيء بيئة صحية نظيفة خالية من الملوثات يتعاون أفراد المجتمع جميعهم من أجل المحافظة عليها كل في موقعه باعتبارها مظهراً من مظاهر الحياة المشتركة بين الناس جميعاً . . هذا ما قاله المهندس قائد راشد أنعم المدير العام التنفيذي لصندوق النظافة والتحسين بمحافظة عدن في حديث له قبل بداية الحوار الذي أجرته معه ( 14 أكتوبر ) وكان شفافاً للغاية تم فيه استعراض بعض هموم الصندوق التي لا تنتهي .. فإلى الحوار :* هل لنا أن نقرأ ملف النظافة لديكم من خلالكم ؟** بداية أود التقدم بالشكر الجزيل لصحيفة أكتوبر على تناولها قضية النظافة في عدن في مقالاتها وتعليقاتها وصورها بواقعية وحثها الناس على ضرورة الحفاظ على حاويات وآليات وسيارات الخدمة ودعم جهود النظافة ونشيد أيضاً بانتقاداتها البناءة الهادفة , وبالعودة إلى السؤال أقول أن ملف النظافة ملف شائك وأوراقه كثيرة لا تحصى ولا تعد , مشاكل القمامة ومخلفات البناء العشوائي تتصدر هذا الملف الذي ينال الأولوية الأولى في أجندة السلطة المحلية باعتباره قضية القضايا, وكما تعلمون أن الملف لا يخلو من المنغصات التي تعيق أعمال النظافة والتحسين , ولا يسمح المجال هنا بذكر كل تفاصيلها والتي من أبرزها الاعتداءات المتكررة على سيارات وآليات الخدمة وتخريبها والسطو على بعضها وأيضاً تخريب أعمال التحسينات والتشجير وغيرها وتقاعس بعض العاملين في أداء واجباتهم وحركات الاحتجاجات التي تعطل تلك الأعمال وما شابه ذلك من معرقلات .* ماهي برأيكم الحلول الأولية لمشاكل النفايات الصلبة أو ما يطلق عليها القمامة ؟ ** إن إنتاج القمامة بشكل يومي ومستمر أمر لا مفر منه ولا يمكن منعه , إلاّ أن من المهم إدارة هذا الإنتاج بطريقة جيدة أو حتى مقبولة وهي المهمة التي يقوم الصندوق بتنفيذها بكل ما استطاع بواسطة قواه البشرية والآلية لكنه لا يستطيع وحده انجاز المهمة كاملة دون التعاون الكامل من قبل جميع فئات المجتمع بحيث نجعل النظافة سلوكاً يومياً متبعاً يتم تطبيقه في البيت والشارع والمدرسة والحي والأماكن العامة والسواحل وفي كل مرافق الحياة ، ولا ننسى أننا حينما نتحدث عن نظافة عدن فإننا نتحدث عن الصورة الحضارية لهذه المدينة العريقة التي عـُرفت منذ زمن بعيد .* ماذا بشأن عملية الجمع المباشر للقمامة .. وما هي نتائجها ؟ ** طريقة الجمع المباشر تعتبر أفضل وسائل التعامل الآمن مع القمامة ، وقد بدأ تنفيذها في بعض أحياء المديريات منذ شهر أكتوبر الماضي ومازالت مستمرة ومترافقة مع حملات توعية بيئية يقوم بها فريق مركز التوعية التابع للصندوق من أجل تعزيز السلوكيات الايجابية في أوساط الناس والتعامل الحضاري مع النفايات حفاظاً على النظافة العامة , ونزل الفريق إلى الشوارع والمطاعم والمحلات والأسواق التجارية وألتقى بالمواطنين وتم توزيع مطويات وبروشورات تحث على وضع القمامة في أماكنها المخصصة والتوعية بكيفية سير عملية الجمع المباشر والتعريف بأوقاتها , والهدف من وراء ذلك غرس مفهوم الحفاظ على النظافة والمظهر الجمالي ونشر ثقافة الشراكة الحقيقية للمجتمع واستشعار دور الأهالي تجاه الاصحاح البيئي , ونأمل في القريب العاجل تعميم هذا البرنامج على كافة أحياء مديريات عدن , ونحن على ثقة بأن مشاهد القمامة ستتغير إذا ما تعاون وتجاوب أهلها والتزموا بشروط البرنامج وساعدونا في إنجاحه .* نتذكر أن عملية الجمع المباشر سبق تنفيذها قبل سنوات , فلماذا توقفت ؟** صحيح بدأنا تنفيذ هذه التجربة قبل سنوات في معظم مديريات عدن وكانت تجربة ناجحة 100 % ثم توقفت نتيجة الأحداث التي مرت بها البلاد منذ عام 2011 م , ونحن ندعو الأهالي مجدداً إلى أن يساعدونا في تثبيت هذا البرنامج من أجل تقديم الخدمة بصورة مباشرة والخلاص نهائياً من عملية الجمع غير المباشر بخطوات تدريجية وثابتة , علماً أننا حالياً نستخدم إضافة إلى السيارات دراجات هوائية عليها سلل لنقل القمامة من شوارع الحارات الضيقة .* حملات النظافة التي تنفذونها بين حين وآخر , لماذا لا تستمر ؟ > > حملات النظافة هي فقط لتذكير الناس بهذه القضية وليست حلاً لها وتستهدف شحذ الهمم للتخفيف من تراكم القمامة وتنشيط تفاعل وتعاون المواطن مع الجهة المعنية بالخدمة .. ونود التذكير أن هناك أيضاً حملات نظافة شبه مستمرة تقوم بها جمعيات أهلية ومدارس ومجموعات من شباب وعشاق العمل التطوعي الإنساني طبعاً بالتعاون والتنسيق مع الصندوق وهم جميعاً يستحقون الشكر والتقدير . [c1] عامل الكنس متعب بسبب السلوكيات السيئة[/c]* هل يمكن أن تحدثونا عن عدد عمال النظافة في الميدان وأوضاعهم الوظيفية ومعاناتهم أثناء العمل .. وكميات القمامة المرفوعة يومياً في كافة المديريات ؟ ** عمال الكنس والسائقون وخدمات الميدان وصل عددهم إلى ما يزيد على الفين ومائتي عامل أما بشأن أوضاعهم المعيشية ورواتبهم وتأميناتهم الاجتماعية والصحية وأعمالهم الاضافية في العطل والإجازات الرسمية نحن تحدثنا كثيراً بهذا الشأن عبر الصحافة والإعلام بما يكفي وهي أوضاع تعتبر أفضل بكثير من أمثالهم في بقية المحافظات ولا نريد الحديث أكثر مما قد تحدثنا حتى لا يـُفسر ذلك أننا نمن عليهم وهم بالفعل يستحقون الاهتمام ، فهم جنود مجهولون نرفع لهم أيدينا احتراماً وتقديراً ، ومن جانبنا نحرص دائماً على تحقيق المزيد من تلك الحقوق ونعمل على عدم بخس حقهم المشروع وبالنسبة لمعاناتهم أقول أن عامل النظافة خاصة عامل الكنس يتعب كثيراً لعدم وعي المواطن ونظراً للسلوكيات السيئة ، فأولاً .. ما يكاد ينظف الشارع وتمر دقائق معدودة إلاّ ويجد القمامات والمخلفات الشخصية قد رميت هنا وهناك مرة أخرى ثم يعيد الكرة بعد الكرة , وكذلك تأتي سيارة الخدمة مع عمالها لتفرغ الحاويات وتنتشل القمامة التي ترمى بجانبها , وما تكاد تمر ساعات قليلة إلاّ وقد انتشرت القمامة بجانب الحاويات وفي كل مكان ويزيد الطين بلة من يخرج أكياس القمامة من حاوياتها ويبعثرها بحثاً عن البلاستيك والكراتين والمعدن وغيره ثم يتركها على الأرض ولا يعيدها إلى الحاوية ، أما ما يتعلق بالسؤال عن كميات القمامة المرفوعة يومياً فتتراوح كمياتها مابين 375 ـ 400 طن يومياً في كل مديريات عدن ونسبتها في تزايد مستمر . * خلال زياراتكم المتعددة لبعض البلدان ماذا لاحظتم بشأن النظافة؟ ** لاحظنا الكثير وأذكر ملاحظة واحدة فقط وهي الأهم أن مواطني تلك البلدان يهتمون كثيراً بالنظافة العامة فلا يرمون أي مخلفات على الأرض سواء أثناء السير في الشوارع أو الجلوس في مقهى أو الركوب في السيارات ويحافظون على سلامة السلل الصغيرة المخصصة لهذا الغرض الموجودة في الشوارع والأماكن العامة , ونأمل أن يتبع مواطنونا هذا السلوك الذي يخفف كثيراً من عناء عامل النظافة ، وهناك من المواطنين من يستجيب لنداءات الصندوق بهذا الشأن لكن الكثير للأسف لا يعيرون أهمية لمثل هذه النداءات , علماً أن جهود عمالنا أضعاف جهود عمال النظافة في الخارج . [c1] نواجه انتقادات حادة وظالمة [/c]* ماذا تقولون بشأن الانتقادات التي تتعرضون لها ؟** نحن نتعرض وبشكل يكاد يكون يومياً لانتقادات حادة معظمها تكون ظالمة ، وطالما نحن قائمون على شؤون الصندوق هذا لا يضايقنا ونرحب بأي انتقادات بناءة تستهدف المصلحة العامة وليست الهدامة ولأغراض ضيقة ، لكننا نتساءل هل مهمة النظافة العامة حصراً على الصندوق وحده ؟!.. طبعاً لا .. النظافة العامة مسؤولية مشتركة بيننا وبين المجتمع ككل أما حصرها فقط على الصندوق يعني أن كل مواطن وزائر لمدينة عدن يحتاج لعامل نظافة يرافقه ويتبعه حيثما حل وارتحل وعلى الدوام يحمل سلة قمامة ويتبعه ليلتقط ما يرمى به من مخلفات شخصية هنا وهناك ، لكن حينما تكون النظافة ثقافة عامة راسخة في عقولنا وسلوكنا فإن ذلك يسهل مهمة عامل النظافة وبالتالي مهمة الصندوق . * كيف يمكن تغيير السلوكيات الضارة بالبيئة ؟** هنا يأتي دوركم كأجهزة إعلامية مقروءة ومسموعة ومرئية ، فإن للإعلام دوراً كبيراً في تنظيم سلوك المجتمع وعاداته السلبية الخاطئة المتعلقة بالنظافة ومشكلة القمامة التي يتم الحديث عنها بصورة تكاد تكون يومية لكنه للأسف لا يساهم في مساعدتنا على ايجاد حلول مناسبة لها إلاّ فيما ندر .. فعلى الإعلام أن يبين العلاقة الوثيقة بين النظافة والأخلاق ، فمن القبيح وغير اللائق أن نرمي نفاياتنا من نوافذ السيارات أو شبابيك بيوتنا وشرفاتنا أو نترك بقايا الطعام أو العلب الفارغة والقراطيس على شواطئنا ومنتزهاتنا وحدائقنا ، وعلى الإعلام كل بوسيلته الحث على تكاتف الجهود في هذا الاتجاه ويوضح للناس كيف أن العمل الجماعي تجاه هذه القضية له الأثر الكبير في الوصول إلى حلول ناجحة للمشكلة . . ونحن التقينا العام الماضي بمنظمات المجتمع المدني وبأئمة وخطباء المساجد والشخصيات الفاعلة في المجتمع وتناولنا معهم قضية التوعية والإرشاد وأهمية مساندة جهود النظافة والتحسين في جانب التوعية والنصيحة كما أن لمركز التوعية البيئية التابع للصندوق دوراً فاعلاً في هذا الاتجاه بالنزول إلى المدارس والشوارع والأحياء والبيوت والمحلات . * البعض يقوم بحرق القمامة حين تتراكم .. ما هي أسباب هذا التراكم وبماذا تنصحون هؤلاء ؟** من أهم العوامل التي تؤدي إلى ارتفاع معدل تراكم القمامة تعطيل أعمال النظافة بحجز آلياتها واستفزاز العاملين ومنعهم من أداء واجباتهم في كثير من الأوقات وثانياً الزيادة في عدد السكان وزيادة في الاستهلاك والتغيير في النمط الاستهلاكي وعدم الالتزام بإيصال القمامة إلى أماكنها المخصصة ورميها في مواقع يصعب الوصول إليها نتيجة ازدحام المباني والبناء العشوائي وبالتالي ضيق الشوارع المؤدية إليها مما يؤخر جمعها ورفعها .. أما أضرار حرقها فهي كثيرة وخطيرة على صحة الإنسان لاحتوائها على مواد سامة لها أضرار بالغة الخطورة منها اطلاق الروائح العادمة التي تتسبب بالاختناقات وحالات الربو وأضرار أخرى آنية لا يتسع المجال لذكرها , وبعيدة المدى كذلك كمرض السرطان ، ونشير أيضاً إلى أن حرق إطارات السيارات أكثر خطورة . [c1] آلية العمل الحالية بدأت تعطي ثمارها[/c]* هل هناك آلية عمل جديدة لدى الصندوق تمكنه من تحسين أدائه ؟** نعم الصندوق حالياً ينفذ خطة عمل أو منظومة عمل جديدة بحسب توجيهات محافظ عدن رئيس مجلس إدارة الصندوق من أهم بنودها المتابعة الدقيقة والميدانية لأعمال النظافة والتحسين من جانب مدراء عموم المديريات والمسؤولين فيها من خلال الإشراف والنزول إلى الشارع والمتابعة أولاً بأول إضافة إلى تثبيت أسلوب الجمع المباشر من باب المنزل أو المحل ، وكذلك التحفيز بصرف مكافأة مالية شهرية تحفيزية تنافسية قدرها مليونا ريال للمديرية المثلى في النظافة وأعمال التحسينات ويمكن أن تصرف مناصفة بين مديريتين في حالة التساوي بالدرجات التقييمية أو حجبها في حالة تحقيق الغرض الذي رصدت من أجله . ونحن نؤكد مجدداً على ضرورة التكامل بين الجهات المعنية في الدولة للارتقاء بمنظومة النظافة والعمل على إشراك المجتمع المدني لضمان نجاح المنظومة وتفعيلها على أرض الواقع . * تنامى إلى مسامعنا عن نيتكم في البدء بإعادة تدوير النفايات .. ماذا بشأن ذلك ؟** اننا بصدد خوض هذه التجربة والاستفادة من التجربة التركية في هذا المجال وما زلنا في طور الدراسة , وسنبدأ إن شاء الله قريباً كمرحلة أولى بشراء المواد البلاستيكية والكراتين والأدوات المعدنية المستهلكة بنفس الأسعار التي تباع للتجار الآخرين ، والمسألة تحتاج إلى دراسة متأنية لكي نخطو خطوات ثابتة دون تعثر ، وهذه فرصة للدعوة عبركم إلى الشركات وأصحاب رؤوس الأموال في الداخل والخارج للاستثمار في عملية تدوير النفايات التي تعتبر ثروة كبيرة إذا أحسن استغلالها وسنكون عوناً لهم في إنجاح مشاريعهم ، وهذا العمل سيقلص من كميات القمامة وفي نفس الوقت سيخلق فرص عمل جديدة للشباب [c1] خطة تشجير واسعة النطاق لعام 2014 م [/c]* بخصوص التوسع في المساحات الخضراء .. ماذا اعددتم لذلك ؟** الصندوق مهتم جداً بهذا الجانب الصحي والجمالي ولديه خطة تشجير واسعة النطاق هذا العام تستهدف إعادة تأهيل وتشجير مساحات خضراء تتجاوز 630 ألف متر مربع في كافة مديريات عدن وترتكز على خمسة محاور هي تشجير المساحات العامة والجزر الوسطية للطرقات والجولات والمثلثات والحدائق وتشجير المرافق الحكومية والمدراس ورياض الأطفال وشركات القطاع الخاص بالإضافة إلى خطة طموحة بعنوان (شجرة لكل بيت) ، وقد بدأنا بالفعل أعمال التنفيذ في هذا الموسم الزراعي يناير ـ مارس 2014 م ونأمل انجاح هذه الآلية الجديدة للخطة العامة من خلال اشراك الجهات الرسمية المعنية والتنسيق والتعاون مع منظمات المجتمع المدني وأنصار البيئة وكذلك تشجيع المواطنين على زراعة الأشجار المعمرة أمام منازلهم بصرف خمس غرسات مجانية لكل من يهتم بذلك . [c1] ندعو إلى إبعاد النظافة عن السياسة [/c]* كلمة أخيرة ...** تلك بعض همومنا وهي غيض من فيض فالصندوق يقوم بمجهودات كبيرة جداً تجاه النظافة والتحسينات الجمالية ولكن لا يمكن أن تتحقق النظافة بتوفير الموارد البشرية والآلية فقط ولا يمكن أن يصلح حالنا في هذا الميدان إلاّ إذا عرفنا كيف نقضي على السلوكيات الخاطئة وهذا لا يكون بفرض العقوبات على مرتكبيها وإن كان هذا مطلوباً ولكن الأهم من ذلك تعزيز ثقافة النظافة وسلوكها التربوي والأخلاقي وتهذيب أنماط الاستهلاك ، ومن هذا المنطلق فإننا نناشد وسائل الإعلام مرة أخرى ونطلب من كل أب وأم ومعلم ومعلمة أن يعززوا هذه الثقافة باعتبارها الوسيلة الأمثل لحياة بيئية نظيفة ، وندعو كذلك العقلاء والخيرين من الأهالي والأوساط الاجتماعية وكل مكونات المجتمع وأطيافه في مدينة عدن إلى التعاون وتحمل مسؤولياتهم الوطنية والأخلاقية والإنسانية والعمل على تعزيز المشاركة المجتمعية تجاه هذه القضية الحيوية المهمة بعيداً عن السياسة وتداعياتها والحزبية وهمومها , وبمعنى أشمل ندعو كل مواطن إلى المساهمة في صنع حضارة النظافة والرونق والألق لمدينة عدن التاريخ والحضارة والجمال .