كما نعلم عند إنشاء المدن وتخطيطها تحدد فيها خرائط وخدمات ورسومات واتجاهات وبنى تحتية وتحدد فيها مجاري السيول وتصور فيها المرتفعات والمنخفضات والأماكن المغلقة والمطمئنة.وفي محافظة عدن التي مكث فيها استعمار بريطاني أكثر من 129 عاماً خططها ونظمها وكانت لا توضع حجرة واحدة إلا بترخيص وتحديد ورسمة هندسية وفتحات الطرق والمسافة بين المنازل والتنسيق في الأشكال والتصاميم التي تناسب ذوق وجمال المدينة.وعندما ترى صوراً قديمة لمبانٍ حكومية وشخصية ومعالم وقلاع وصهاريج ومداخل ومخارج، ترى كيف خطط هؤلاء بحب لمئات السنين القادمة حتى الأرض حفر لها شبكات المجاري والمياه والكهرباء والاتصالات وكانت أشياء مصممة بإتقان وتخطيط.ووقع بيدي قبل أيام كتاب من تأليف الأستاذ المؤرخ عبدالله محيرز بعنوان "صهاريج عدن" كتاب صغير فيه صور عن الصهاريج والهضبة وخطوط نزول ماء المطر وتدفقه على مدينة كريتر وكيف خطط المستعمر لمهابط المياه إلى أحواض الصهاريج لكي تمتلئ بالماء ويمنعها من النزول بغزارة واندفاع فوق مباني الناس وممتلكاتهم وأشياء كثيرة خطط لها المستعمر من أجل حياة جميلة يشعر بها الناس على مدى قرون، وما زالت شاهدة على التخطيط البريطاني الذي لن يطمس من معالمها الجميلة.والكارثة التي قصدتها في عنوان مقالتي رأيتها عند زيارتي لمرتفعات البوميس والطويلة وهضبة عدن وهضبة شمسان وما رأيته من بنايات قد شيدت دون تخطيط ولا دراسة، هذه عالية وهذه منخفضة وهذه مسلح وأخرى بردين خفيف، ورأيت كذلك حجزاً لمنافذ مرور المياه التي تنزل من الجبال وكيف اعترضت هذه المباني أماكن الحماية التي تمنع نزول الماء فوق مساكن الناس وإذا نزل مطر غزير فسوف تكون كارثة تصيب الكثير وقد تغرق مدينة عدن (كريتر)- لا سمح الله-.عدن فيها الكثير من الأشياء التي أصابتها كان للمواطن جزء فيها وكذا الازدحام والتخطيط العشوائي وعدم التصرف الصحيح لدى الدوائر الحكومية المختصة وعدم وجود الكادر المتخصص وعدم وجود قوة لمنع كل ما حدث ويحدث. عندما أشاهد جبل العيدروس والخساف والطويلة والبادري والكسارات في كريتر أرى أن الساكنين بشر لهم حق السكن وحق العيش قد تلفتوا يميناً وشمالاً فلم يجدوا من يمنعهم من البناء في هذه المناطق. والفسحة ما زالت موجودة في إصلاح حالهم وتحسين أمرهم إذا تم التخطيط السليم لمثل هذه الأماكن والمساكن وتقديم البدائل المرضية لهم من أجل تحسين المنظر وعمل بنية تحتية مدروسة ومخططة.وسألت نفسي نحن مقدمون في ابريل القادم على عملية المسح الميداني الشامل للتعداد العام للسكان والمساكن وقلت هل سيتم تغيير شيء بعد هذه المهمة الكبيرة أم أنها شيء عابر سوف يمر مرور الكرام.إن الكارثة التي ذكرتها هي أشياء تعمل ليس من أناس مخالفين فقط انما من سلطة ضعيفة لا تعرف أن توجه أو تخطط أو تنصح هؤلاء أو تعطي لهم البديل المجاني ليسكنوا. ما أتمناه هو الإسراع في فرض القوانين على الجميع وإعطاء البدائل الصحيحة ومساعدة الناس غنيهم وفقيرهم في رسم التخطيط الواضح الذي ليس فيه كوارث أو فجائع.
قبل الكارثة
أخبار متعلقة