آخر كـلام
إذا حضر الطمع ؛ فرق ما جمع ، ولن ينفع مسمَّىً معيناً أن تسميه عمراً ، أو زيداً ؛ ما دامت النوايا في مستنقع البلايا ، ودهاليز الخفايا ، وما دام المسم ـ بالتالي ـ يقبل ، أو يمكن : أن يؤكل بسلاسة ، ولذة، وهناءة نفس .ويطرد هذا ، وينطبق تماما على التقسيم الإداري الجديد لبلادنا ؛ الذي أقرته اللجنة المختصة مؤخراً برئاسة الأخ عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية. إن المسألة المهمة في هذا التقسيم ، أو في غيره ؛ تكمن ـ أيها السادة ـ في نية كل طرف ، وما تشتهيه نفسه ، والأنفس ـ كما تعلمون مختلفة .. بين أمارة بالسوء ، ولوامة ، وطيبة ، ومطمئنة ، فكل له إرادة، وكل له نظر ، وكل له رغبة ، وعلى كل ذلك تكون محصلات ، ومنطلقات ، وإلا أستحلفكم بالله ؛ ما معنى أن يوصف هذا التقسيم بأنه تنفيذ لمشروعٍ تجزيئي قديم ، ويأتي آخر فيقول : هذا تكريس للوضع السابق ، ويأتي ثالث فيراه عين الإنصاف ؟ .الحقيقة التي لم يذكرها أحد من هؤلاء ؛ هي ما يعرف بـ( مربط الفرس ) وهي هنا كالشمس في رابعة النهار .. لقد اختلفت زوايا النظر ، لاختلاف زوايا المصالح ، وزوايا المنطلقات ؛ فجاءت الإجابات مختلفة ، لكنها معبرة ، ومؤشرة إلى كل ذلك بأعلى صور البيان ، والبلاغة . هذه هي الحقيقة ، أما التقسيم الإداري فقد جاء جلياً ، وواضحاً ، بملامح لا تخفى على من عنده حتى أدنى مستويات الإنصاف ، والتجرد من نوازع الرغبات الشخصية التي تدفع البعض اليوم إلى مهالك العنف ، ومنزلقات الهدم ، والحجر على عقول الناس ، واحتقار آدميتهم الواعية ، وإلغاء إرادتهم المتمثلة بنتائج الحوار الوطني الشامل ، الذي دخل فيه الجميع ، ولم يستثنِ أحداً .لقد أخذ التقسيم الجديد بالحسبان ضرورة معالجة سلبيات الماضي الإدارية ، وتجاوزها ، وهي السلبيات التي ضيعت حقوق الناس خلال الفترات السابقة ، فكان الإنسان مضطراً لقطع آلاف الأميال للوصول إلى صنعاء ؛ من أجل البت ، ومن أجل الحصول على أدنى الحقوق المضيعة لدى الفروع ، والمصالح ، وهي التي دفعت الناس للخروج في ثورة 11 فبراير 2011م ؛ ، ومن كل فئات الشعب ، وشرائحه؛ للخلاص من المظالم .كما جاء هذا التقسيم ( الإداري ) المنصف ليعيد النظر فيما جرى من سوء توزيع الثروة ، والإخلال بميزان المواطنة المتساوية ، هذه الإختلالات التي أدت إلى تقسيم الناس إلى فئتين لا ثالث لهما ، فجعلت أقل القلة من النافذين ، وأهل الجاه في مستوى الغنى ، والثراء الفاحش ، وحولت غالبية الناس إلى قائمة الفقر المدقع ، ومكنت الأغنى ؛ حتى اضطر البعض من الفقراء للأكل من المزابل ، ومزاحمة القطط ، والكلاب على قمامات أهل النفوذ ، والسلطان .هذا هو ما حصل بالضبط ، وقد رأينا في تقسيمات الماضي ما يمكِّن من إقامة دول ، فلماذا لم يقل قائل : هذا تجزيء ، أو هذا تكريس للأوضاع السابقة ، أو .. أو... ؟إن الشيء الذي لم يفهمه هؤلاء حتى اللحظة؛ هو أن ثمة عقداً اجتماعياً ، سياسياً ، اقتصادياً، جديداً قد بدأ ، وأن هذا العقد تضْمنه جماهير الشعب اليمني من أقصاه ؛ إلى أقصاه ؛ ممثلة ـ وبكل فخر ـ بالأخ عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية؛ بمقتضى سلسلة من التفويضات ، بل وتضمنه ثورة شعبية عارمة تقف خلف ، ومع رئيسها المنتخب ، هذه الثورة لم ، ولن تهمد ، وسيظل أوارها متقداً إلى أن تتحقق كل أهدافها الحضارية ، السلمية ، وفي مقدمتها إقامة الدولة اليمنية ، الديمقراطية ، الاتحادية ، العادلة ، الحديثة . فمتى سيقف هؤلاء الناس مع أنفسهم ؟ ومتى سينصرون قضاياهم ؟ ومتى سيقلعون عن عادتهم في إلغاء العقل ، واستجلاب من يفكر نيابة عنهم ، إننا نتمنى ذلك ، ومعه نعلم يقيناً ؛ أن الزمن لن ينتظر ...[c1] [email protected][/c]