صباح الخير
الأسبوع الماضي طلبني الأستاذ محمد علي سعد رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير، للعودة إلى العمل بعد توقف نتيجة إحالتي للتقاعد في أكتوبر من عام 2010م بوظيفة نائب مدير التحرير.. وقال لي: "عليك بالعودة لممارسة عشقك مع الحرف الذي بدأته منذ أكثر من ثلاثة عقود" قلت للأستاذ ابن سعد: "عن ماذا اكتب والظروف السياسية اختلفت"؟.فكان رده المليء بالثقة والمهنية: "اكتب عن أي شيء تريده، مارس النقد للسلبيات دون خوف.. حارب الفساد الذي يأكل من جسد الوطن كالسرطان.. نعم اكتب عن أي شيء تريده.. عن الانفلات الأمني.. فقط ضع مصلحة الوطن وأمنه واستقراره ونماءه فوق كل اعتبار.. فالوطن الذي ننتمي إليه ملكنا جميعا وإعادة بنائه من مصلحتنا جميعا"."اكتب عن الحوار ومخرجاته الذي أذهل العالم كله بحكمة وعظمة اليمنيين الذين جعلوا من الحوار بديلا عن اللجوء للاقتتال وإشاعة الكراهية والطائفية".. كان رد الأستاذ العزيز (ابن سعد) أملا جديدا يدق أبواب حياتي بعد أن جعلني "التقاعد" حبيس جدران المنزل لنحو ثلاثة أعوام.. أمل بعد أن اعتقدت ان نوره تلاشى من امام ناظري.. قلت لرئيس التحرير: "أنا مريض ولا استطيع العودة إلى العمل وممارسة عشقي.. لقد جعلتني حبسة المنزل عرضة لعدة أمراض أبرزها السكر والبواسير التي تضاعفت إلى نواسير جعلت حركتي بطيئة بالإضافة إلى الضغط".فكان رده وهو الزميل القديم والأخ العزيز: "من حقك على الصحيفة التي خدمت فيها كل هذه السنوات وسرقت أجمل سنوات عمرك من حقك عليها أن تعالجك وتقدم لك يد المساعدة أنت وكل الأساتذة والزملاء الذين بفضل ما قدموه للصحيفة من عطاء وجهد ومثابرة نحن اليوم نحصد الثمار ونجلس على قمة هرمها".هذه الإشارة وجدتها لزاما وواجبا أخلاقيا ومهنيا تجاه رجل لا يتنكر لزملائه، ان أبدأ بها عودتي للكتابة في هذه الصحيفة المدرسة، الأم التي من ثديها رضعت خمسة وثلاثين عاما.. فالأستاذ محمد علي سعد الذي نطلق عليه (أبو عمرو) أعيد تحمل مسؤولية الصحيفة والمؤسسة قبل عدة أسابيع وأمامه تحديات كبيرة وظروف جدا معقدة ونفسيات يتطلب التعامل معها جهدا جهيدا.. الطريق أمامه ليس كما كنت اعتقد ومعي الكثيرون مفروشا بالورود بل وبحكم اننا من أبناء الصحيفة وللظروف السياسية والاقتصادية المعقدة جدا كان طريقا مفروشا بالأشواك التي على الأستاذ ابن سعد المشي فوقها بحكمة ومهنية وصبر وهو أمر يتطلب منا جميعا الوقوف معه ومساعدته بدلا من المكايدات وخلق الاحباطات التي والحمد لله على ذلك استطاع ويستطيع التغلب عليها.نعم ها أنا اليوم وبعد ثلاثة أعوام أعود إلى مدرستي وحضن أمي من جديد وازداد إيمانا بأن أيامنا القادمات ستكون أجمل.. أعود إلى الحرف الذي اعترف انني وفي مقالي الجديد هذا شعرت برعشة اليدين والخوف الذي كلما تذكرت كلمات الأستاذ الجميل أبو عمرو سرعان ما تبدد في داخلي.شكرا أستاذي العزيز والجميل خلقاً ومهنية محمد علي سعد والشكر موصول وفي المقدمة لمن أجاد اختيار عودتك لرئاسة المؤسسة والصحيفة لتعيد الثقة في نفوس زملائك والعاملين معك.. ولعدن المدينة التي كما عرفناك منذ سنوات عشقك ومعبدك تعيد لها رونق صحافتها التي تعبر عن معاناة وأحاسيس أبنائها.