من أخطر التحديات التي تواجه المجتمع اليمني مشكلة البطالة التي تتفشى في صفوف الأيدي العاملة المحلية في وقت توظف فيه سوق العمل اليمنية مئات الآلاف من العمال الوافدين، هذا الوضع المتناقض ناشئ أولاً وأخيراً عن أزمة إدارة في سوق العمل اليمنية وعن تضارب مصالح الباحثين عن العمل مع مصالح اصحاب العمل الراغبين بالحصول على ايد عاملة رخيصة أقرب ما تكون إلى مستوى السخرة، حيث تنحاز الظروف السائدة في سوق العمل اليمنية ومنذ عقد ونيف كلياً لتحقيق رغبات اصحاب العمل وما نجم عن ذلك من أضرار جسيمة ألحقت بمصالح الوطن العليا أفدح الاضرار كارتفاع نسبة البطالة التي وسعت بدورها دائرة الفقر واستفحال الركود الاقتصادي والاخلال باحتياطات الجمهورية من العملات الأجنبية نتيجة لتحويلات العمال الوافدين إلى خارج الوطن والمضاعفات الاجتماعية متعددة الأشكال.واياً كانت درجة التناقض بين مصالح طرفي معادلة العمل فإن إدارة سوق العمل اليمنية هي الجهة المسؤولة عن معالجة الاختلالات الهيكلية في سوق العمل وهي الجهة القادرة على تحقيق التوازن بين المصلحة العامة والمصالح الخاصة بحيث لا يتجاوز أي منها الآخر من خلال إعادة تحليل عناصر هذه السوق وإعادة ترتيبها في ضوء ما دخل عليها من مستجدات خلال السنوات العشرين الماضية. وأول ما يعنيه اصطلاح تنظيم سوق العمل اليمنية، هو إجراء مراجعة شاملة وجذرية لسياسة التشغيل التقليدية الراكدة التي تم اعتمادها في سوق العمل اليمنية خلال السنوات العشرين الماضية هذه السياسة المسؤولة أولاً وأخيراً عن تدمير سوق العمل اليمنية وعجزها عن التحكم بعرض العمل الزائد عن مقدار الطلب عليه، هذا العرض الناشئ اصلاً عن تدفق العمالة الوافدة إلى سوق العمل اليمنية التي أدت مخرجاتها إلى تدمير مستوى الاجور الذي شكل عامل تنفير للأيدي العاملة المحلية وغياب الاستقرار الوظيفي وبالتالي إحلال العمالة الوافدة محل الأيدي العاملة المحلية مما زاد من حدة مشكلة البطالة واخطارها الاقتصادية والاجتماعية.ولتحقيق تنظيم سوق العمل لابد من اعتماد سياسة تشغيل فعالة تتجاوز تزويد العامل الوافد (الأجنبي) بتصريح عمل إلى استقطاب الأيدي العاملة المحلية نحو فرص العمل التي تتيحها سوق العمل اليمنية من خلال تقليل عرض العمل المرتفع الناتج عن اغراق سوق العمل اليمنية بالعمالة الاجنبية الوافدة مما سيؤدي تلقائياً إلى رفع مستوى الأجور وبالتالي تشجيع الأيدي العاملة بالانخراط في فرص العمل التي تتيحها سوق العمل اليمنية وكذلك زيادة عدد الاعمال والمهن المغلقة في وجه العمالة الوافدة التي لا يزيد عددها الحالي عن ست عشرة مهنة وإذا تم زيادة عددها فستوفر مزيداً من فرص العمل للعمالة المحلية .. لذلك فاية سياسة تشغيل وتنظيم لسوق العمل اليمنية لا تستهدف تخفيض الأعداد الهائلة من العمالة الوافدة (الاجنبية) كي يتحسن مستوى الأجور المتدهور في سوق العمل، فإنها لن تتمكن من تشجيع الأيدي العاملة المحلية على قبول فرص العمل المتاحة ولن تتمكن من معالجة ظاهرة البطالة وما ينشأ عنها من مخاطر تهدد استقرار الوطن وسيبقى تنظيم سوق العمل اليمنية ومعالجة ظاهرة البطالة مجرد سراب وشعارات فارغة من المضمون والمحتوى تتناقلها إدارة سوق العمل اليمنية من سنة إلى أخرى ومن عقد إلى آخر، وكان الله في عون القوى العاملة في بلادنا.
|
آراء
تنظيم سوق العمل يحتاج إلى تغيير جذري في مفاهيم سياسات التشغيل والأجور
أخبار متعلقة