اعجب ما في اللحظة الراهنة هو أن الأمس يعيد إنتاج ذاته وبشكل سافر غير مبال بشروط وأدوات الحاضر، فمشايخ المذهب والقبيلة يستنفرون قواهم التي حشدوها كعادتهم إلى العاصمة صنعاء وإن هذه المرة ليس بزخم مؤتمر الجند في تعز قبل اندلاع حرب 94م أو انه بهواجس مؤتمر صنعاء بعيد احتلال أفغانستان والعراق 2002 - 2003م وقبيل ثورات الشباب بمدة وجيزة ؛ لكنهم ومع كل تلكم الفوضى السائدة قدر لمشايخ المذهب الاصطفاف بوجه وثيقة العهد والاتفاق كما قدر لهم وقف فكرة الدولة المدنية ومحاربة الإرهاب وتنظيم السلاح وتوحيد التعليم وغيرها من القضايا الملحة والأساسية لبناء كيان الدولة الحديثة ؟اليوم نراهم وجلون وجزعون جداً على الوحدة والعقيدة المهددتين من مؤتمر الحوار ومن نتائجه الكارثية الوخيمة على البلاد والعباد، ومعهم كل الحق إذا ما تداعوا الآن وأمس، فهم لا يرون مصلحتهم في مقررات مؤتمر الحوار التي بكل تأكيد ستذهب بسلطانهم ونفوذهم ومكانتهم المكتسبة جميعها من هيمنة المذهب والفتوى والحسب والنسب وسواها من المحددات والامتيازات التي يستحيل عليهم تحقيقها في ظل معايير عادلة معتمدة في الدولة المدنية . ــــــــــــــــــــــــــــــيكفي أن ننظر إلى تعليمنا في المدرسة والجامعة, لنعرف أين يكمن الخلل الأكبر والأفجع. الأمر فيه تكامل وانعكاسات, غير أن التحرك من أجل المعرفة وبناء القدرات ذات أهمية فائقة, وبمقدور كثير من المفكرين والأكاديميين والمثقفين في مجالات الاختصاصات المختلفة أن يلعبوا الدور الذي يجب أن يحضر من أجل أن يتكامل التغيير؛ فالتغيير السياسي وحده لا يكفي ولا يستمر, وتاريخ هذا البلد, وكل بلد, يصرخ بملء فيه بهذه الحقيقة. ــــــــــــــــــــــــــــــمن المؤسف هروب السياسي ـ صاحب المشروع المدني ـ عن تحمل تبعات فشل مشروعه, والاستنجاد بنظرية المؤامرة بوصفها أسهل طريق للهروب والتنصل عن المسئولية, كما أنه من المعيب أن يلوذ بالإرباك وسيلة بغية أفشال مشاريع مخالفيه المطروحة, ويستنجد بالانتقام وسيلة للثأر من خصومه, وحين يختار السياسي وضعاً كهذا, فإنه يغادر حقل السياسة الفضيل إلى مستنقع اللؤم والرذيلة, وما أكثر اللئام والرذائل في مجتمعنا. ــــــــــــــــــــــــــــــكيف واحد يلاقي احصائية عن العمل في الجامعات والمدارس في الجنوب؟كم يوم في الاسبوع فيها اضراب؟مخيف اننا لا نعلم شيئا عن تعطل التعليم، لا رسميا ولا عبر الاعلام.. ــــــــــــــــــــــــــــــ ننام ونصحو على كارثة؛ تختبئ الفجائع في كل مكان حتى تحت الأسرة؛ فأحلامنا لم تعد تحت سيطرتنا؛ سطت عليها شلة خالتي فرنسا.. تغير الكوارث جلدها باستمرار فاحيانا تكون على شكل لاصق في سياراتنا أو سيارة متفجرة تستهدف مقار أمننا أو رصاصة تغتال حياتنا وما أكثر الكلافيت وبأشكال وألوان وأحجام متنوعة.. فجائع مرحلة وأخرى تستردنا بأثر رجعي تستهلك رغوة شبابنا وترتشف رحيق أحلامنا وتحولنا مع مرور الوقت إلى كتل متحركة من اليأس.. لن يمروا..
للتأمل
أخبار متعلقة